للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى عَدَمُ تَقْدِيمِهِ عَلَى قِنِّهِ الْمُبَعَّضِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ.

(وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ الْمُكْتَرِي عَلَى الْمُكْرِي) ؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهِ، وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ الْمُكْرِي بِالْمَالِكِ مُرَادُهُ مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ عَلَى أَنَّهُ مُرَادُهُمْ أَيْضًا، إذْ لَا يُكْرِي إلَّا مَالِكٌ لَهَا فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلِاحْتِرَازِ. وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْمُكْرِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ، وَمِلْكُ الرَّقَبَةِ أَوْلَى مِنْ مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ.

(وَ) يُقَدَّمُ (الْمُعِيرُ) الْمَالِكُ (عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ وَالرُّجُوعَ فِيهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالثَّانِي يُقَدَّمُ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّ السَّكَنَ لَهُ فِي الْحَالِ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ لِشُمُولٍ فِي بَيْتِهِ الْمَارِّ فِي الْخَبَرِ لَهُ، وَإِلَّا لَزِمَ تَقْدِيمُ نَحْوِ الْمُؤَجِّرِ أَيْضًا. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ لِلْمِلْكِ أَوْ الِاخْتِصَاصِ وَكِلَاهُمَا مُتَحَقِّقٌ فِي مِلْكِ الْمَنْفَعَةِ، فَدَخَلَ الْمُسْتَأْجِرُ وَخَرَجَ الْمُسْتَعِيرُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَهَا، وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ لِغَيْرِهِمَا فِي تَقَدُّمِهِ، وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ حَضَرَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْآخَرِ لَمْ يَتَقَدَّمْ غَيْرُهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا أَحَدُهُمَا إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ، وَالْحَاضِرُ مِنْهُمَا أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ بِالْجَمِيعِ، وَالْمُسْتَعِيرَانِ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ كَالشَّرِيكَيْنِ فَإِنْ حَضَرَ الْأَرْبَعَةُ كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ.

(وَالْوَالِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَوْلَى مِنْ الْأَفْقَهِ وَالْمَالِكِ) الْآذِنِ فِي الصَّلَاةِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْجَمَاعَةِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقَامُ فِي مِلْكِهِ إلَّا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مِنْ عَدَمِ تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ، وَوَقَعَ ذَلِكَ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيُقَدَّمُ عَلَى سَيِّدِهِ لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ) أَيْ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لِمَالِكِ الْعَيْنِ، لَكِنْ قَوْلُهُ: فِي تَعْلِيلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلرَّقَبَةِ إلَخْ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الْمُكْرِي بِمَالِك الْعَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُكْرِي قَدْ يَكُونُ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ فَقَطْ، كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا ثُمَّ أَكْرَاهَا لِغَيْرِهِ وَاجْتَمَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرَى فَالْمُكْتَرَى مُقَدَّمٌ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْآنَ.

(قَوْلُهُ: وَيُقَدَّمُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَتَقْدِيمٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ، وَبِهِ عَبَّرَ الْمَحَلِّيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ تَقْدِيرِ الْعَامِلِ، فَإِنَّهُ إذَا قُرِئَ بِالْجَرِّ لَمْ يَكُنْ عَامِلٌ مُقَدَّرٌ، إذْ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَعِيرِ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: لَوْ أَعَارَ الْمُسْتَعِيرُ وَجَوَّزْنَاهُ لِلْعِلْمِ بِالرِّضَا بِهِ، وَحَضَرَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ فَرْعُهُ، وَيُحْتَمَلُ اسْتِوَاؤُهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْمَالِكِ فِي الْإِعَارَةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَعَارَهُ بِإِذْنٍ اسْتَوَيَا فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ إعَارَتُهُ لِلثَّانِي بِإِذْنٍ مِنْ الْمَالِكِ انْعَزَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَوَّلُ بِإِعَارَةِ الثَّانِي فَسَقَطَ حَقُّ الْمُسْتَعِيرِ الْأَوَّلِ حَتَّى لَوْ رَجَعَ فِي الْإِعَارَةِ لَمْ يَصِحَّ رُجُوعُهُ، وَإِنْ كَانَ بِإِذْنٍ فِي أَصْلِ الْإِعَارَةِ بِدُونِ تَعْيِينٍ كَانَ كَمَا لَوْ أَعَارَ بِعِلْمِهِ بِرِضَا الْمَالِكِ، وَقَدْ قُدِّمَ فِيهِ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ الْأَوَّلَ أَحَقُّ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الرُّجُوعِ مَتَى شَاءَ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ مَوْجُودٌ فِيمَا لَوْ أُذِنَ لَهُ فِي الْإِعَارَةِ بِلَا تَعْيِينٍ لِأَحَدٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِعِلْمِ الرِّضَا يَكُونُ الْحَقُّ لِلْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: مُتَحَقِّقٌ) أَيْ ثَابِتٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَذِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ) فَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ صَلَّى كُلٌّ مُنْفَرِدًا، وَلَا دَخَلَ لِلْقُرْعَةِ هُنَا إذْ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، وَكَالْمُشْتَرَكِينَ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُشْتَرِكَانِ فِي إمَامَةِ مَسْجِدٍ، فَلَيْسَ لِثَالِثٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِهِمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَّا بِإِذْنِ الْآخَرِ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ، وَالْقِيَاسُ حُرْمَةُ ذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ وَالرِّضَا وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ مَفْضُولًا (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَجُوزُ انْتِفَاعُهُ) أَيْ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: وَتَقْيِيدُ بَعْضِهِمْ) هُوَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ الْمُقَابِلِ الْآتِي فَلَا يَتَوَجَّهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَابْنِ حَجَرٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمْ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ وَهُوَ مُحَرَّفٌ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مُوهِمٌ وَالْعِبَارَةُ لِلشِّهَابِ حَجّ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُكْرِي إلَّا مَالِكٌ لَهَا) يَرِدُ عَلَيْهِ نَحْوُ النَّاظِرِ وَالْوَالِي.

(قَوْلُهُ: الْمَالِكُ) أَيْ لِلْمَنْفَعَةِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَفَى إذْنُ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ ضَمُّ إذْنِ الْمُسْتَعِيرَيْنِ إلَيْهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُهُمَا كَمَا يَكْفِي إذْنُ الْمُسْتَعِيرَيْنِ وَإِنْ تُوُهِّمَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْوَالِي، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ انْتَهَتْ: أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ فِي خُصُوصِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَكْفِي عَنْهُ الْإِذْنُ فِي مُطْلَقِ الصَّلَاةِ فَهُوَ رَاجِعٌ إلَى الْغَايَةِ فَقَطْ

<<  <  ج: ص:  >  >>