للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْلَى) بِالْإِمَامَةِ فِيمَا سَكَنَهُ بِحَقٍّ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَمَيَّزَ بِسَائِرِ مَا مَرَّ فَيَؤُمُّهُمْ إنْ كَانَ أَهْلًا (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَنْفَعَةِ حَقِيقَةً، وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ لِعَدَمِ جَوَازِ الْإِنَابَةِ إلَّا لِمَنْ لَهُ الْإِعَارَةُ، وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمَالِكِ لَا يُعِيرُ، وَكَذَا الْقِنُّ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ أَكَانَ السَّيِّدُ وَالْمُعِيرُ حَاضِرًا أَمْ غَائِبًا (أَهْلًا) لِلْإِمَامَةِ كَمَا مَرَّ كَامْرَأَةٍ لِرِجَالٍ أَوْ لِلصَّلَاةِ كَكَافِرٍ، وَإِنْ تَمَيَّزَ سَائِرُ مَا مَرَّ (فَلَهُ) اسْتِحْبَابًا حَيْثُ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ (التَّقْدِيمُ) لِأَهْلٍ يَؤُمُّهُمْ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «فِي بَيْتِهِ وَلَا فِي سُلْطَانِهِ» . أَمَّا الْمَحْجُورُ عِنْدَ دُخُولِهِمْ مَنْزِلَهُ لِمَصْلَحَتِهِ، وَكَانَ زَمَنُهَا بِقَدْرِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ فَالْمَرْجِعُ لِإِذْنِ وَلِيِّهِ، فَإِنْ أَذِنَ لِوَاحِدٍ تَقَدَّمَ، وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى.

(وَيُقَدَّمُ) السَّيِّدُ (عَلَى عَبْدِهِ السَّاكِنِ) بِمِلْكِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ غَيْرِهِ، إذْ الْمُسْتَعِيرُ السَّيِّدُ حَقِيقَةً (لَا) عَلَى (مُكَاتَبِهِ فِي مِلْكِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ: يَعْنِي فِيمَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ وَلَوْ بِنَحْوِ إجَازَةٍ أَوْ إعَارَةٍ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ بِقَرِينَةِ مَا مَرَّ فَلَا يُقَدَّمُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْأَسْوَاقِ بِنَصْبِ الْإِمَامِ شَخْصًا أَوْ بِنَصْبِ شَخْصٍ نَفْسَهُ لَهَا بِرِضَا جَمَاعَتِهِ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ بِغَيْرِ إذْنٍ لِلْإِمَامِ وَيَؤُمَّ بِهِمْ، فَإِذَا عَرَفَ بِهِ وَرَضِيَتْ جَمَاعَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ بِإِمَامَتِهِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ التَّقَدُّمُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِذْنِهِ، وَتَحْصُلُ فِي الْجَامِعِ وَالْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ أَوْ الَّذِي فِي الشَّارِعِ بِتَوْلِيَةِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الْعِظَامِ فَاخْتَصَّتْ بِنَظَرِهِ، فَإِنْ فُقِدَ فَمَنْ رَضِيَهُ أَهْلُ الْبَلَدِ: أَيْ أَكْثَرُهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ فَإِنَّ الْمُسْتَعِيرَ لَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ وَلَا يَسْتَحِقُّهَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ وَلَا الِانْتِفَاعَ حَقِيقَةً. اهـ. وَأَمَّا الْعَبْدُ فَظَاهِرٌ.

أَقُولُ: لَوْ قُرِئَ وَنَحْوُهُ بِالرَّفْعِ اتَّضَحَ شُمُولُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ لِذَلِكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمِثَالِ الَّذِي تَكَلَّفَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ عَمِيرَةُ.

وَالْمِثَالُ الْمَذْكُورُ هُوَ قَوْلُهُ: مَثَّلَ لَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الْمَالِكِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَيَّزَ) أَيْ مَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّقْدِيمُ) أَيْ فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ غَرَضُهُ بِوَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ فَلَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى عَدَمِ تَعَلُّقِ غَرَضِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ بَلْ أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَأَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ بِأَنْفُسِهِمْ مِنْ شَاءُوا فَلَا حُرْمَةَ (قَوْلُهُ: لِأَهْلٍ يَؤُمُّهُمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ لِجَمْعٍ لِيَتَقَدَّمَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فَهَلْ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ أَوْ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ مَفْضُولًا لِعُمُومِ الْإِذْنِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لِوَاحِدٍ مُبْهَمٌ تَضَمَّنَ إسْقَاطَ حَقِّهِ، وَحَيْثُ سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ الْأَفْضَلُ أَوْلَى، فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ لَمْ يَحْرُمْ مَا لَمْ تَدُلَّ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبٍ وَاحِدٍ عَلَى مَا مَرَّ فَتَنَبَّهْ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى) أَيْ ثُمَّ إنْ كَانُوا قَاصِدِينَ أَنَّهُمْ لَوْ تَمَكَّنُوا مِنْ الْجَمَاعَةِ فَعَلُوهَا كُتِبَ لَهُمْ ثَوَابُ الْقَصْدِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى) قَالَ حَجّ: قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ وَنَظَرَ فِيهِ الْقَمُولِيُّ وَكَأَنَّهُ لَمَحَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَقًّا مَالِيًّا حَتَّى يَنُوبَ الْوَلِيُّ عَنْهُ فِيهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ سَبَبَهُ الْمِلْكُ فَهُوَ تَابِعُ حُقُوقِهِ، وَلِلْوَلِيِّ دَخْلٌ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: لَا مُكَاتَبِهِ) أَيْ كِتَابَةً صَحِيحَةً؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَقْبِلُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

عِبَارَتُهُ إلَى عِبَارَةِ الْمُحَرَّرِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ إهْمَالُ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا سِوَى الْمُسْتَعِيرِ) أَيْ أَمَّا الْمُسْتَعِيرُ فَلَيْسَ لَهُ التَّقْدِيمُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ غَيْرُ أَهْلٍ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَتْنِ، وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ أَهْلًا وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْعُمُومَ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَعِيرِ الْأَهْلِ وَغَيْرِ الْأَهْلِ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ التَّقْدِيمَ، لَكِنْ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ مِنْ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ مَعَ الشَّرِيكِ الْآخَرِ عِنْدَ غَيْبَةِ مُعِيرِهِ، فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ التَّعْلِيلُ هُنَا غَيْرُ مُرَادٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَكَانَ زَمَنُهَا بِقَدْرِ زَمَنِ الْجَمَاعَةِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ إذَا صَرَفُوا هَذَا الزَّمَنَ لِلْجَمَاعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ الْمُكْثُ بَعْدُ لِلْمَصْلَحَةِ لِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعْطِيلُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>