للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إمْكَانِهَا، وَإِنَّمَا انْعَزَلَ الْقَاضِي فِي نَظِيرِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْحُكَّامِ أَنْ يُقْرَأَ عَلَيْهِمْ الْمَكَاتِيبُ فَالْقَصْدُ إعْلَامُهُ دُونَ قِرَاءَتِهِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا، وَأَيْضًا فَالْعَزْلُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَتَعَيَّنَ إرَادَةُ إعْلَامِهِ بِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ.

وَالثَّانِي تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِأَنَّهَا أُمِّيَّةً لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَقَدْ وُجِدَ، بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ حَالَهَا فَلَا تَطْلُقُ نَظَرًا إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: مَفْهُومُهُ اشْتِرَاطُ قِرَاءَتِهِ عَلَيْهَا فَلَوْ طَالَعَهُ وَفَهِمَهُ أَوْ قَرَأَهَا خَالِيًا ثُمَّ أَخْبَرَهَا بِذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ إذْ الْغَرَضُ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَا فِيهِ، وَبَقِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ بِقِرَاءَتِهَا وَكَانَتْ قَارِئَةً وَهُوَ يَعْلَمُ ثُمَّ نَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ أَوْ عَمِيَتْ ثُمَّ جَاءَ الْكِتَابُ هَلْ تَطْلُقُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهَا وَلَوْ عَلَّقَهُ بِقِرَاءَتِهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا غَيْرُ قَارِئَةٍ ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ هَلْ تَكْفِي قِرَاءَةُ غَيْرِهَا؟ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ التَّعْلِيقِ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى لِذَلِكَ وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا.

فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا، وَمِثْلُهُ تَفْوِيضُ الْعِتْقِ لِلْقِنِّ (لَهُ تَفْوِيضُ طَلَاقِهَا) أَيْ الْمُكَلَّفَةِ لَا غَيْرِهَا (إلَيْهَا) بِالْإِجْمَاعِ وَاحْتَجُّوا لَهُ أَيْضًا «بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَيْنَ الْمُقَامِ مَعَهُ وَبَيْنَ مُفَارَقَتِهِ لَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [الأحزاب: ٢٨] »

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَارِئَةً) أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: فَقُرِئَ عَلَيْهَا طَلُقَتْ) لَوْ قُرِئَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ أَوْ مُغْمًى عَلَيْهَا أَوْ مَجْنُونَةٌ فَهَلْ يَكْفِي لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ أَوْ لَا لِعَدَمِ تَأَهُّلِهَا لِسَمَاعِ الْكِتَابِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّ مَقْصُودَ الزَّوْجِ اطِّلَاعُهَا عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا جَهِلَ حَالَهَا) أَيْ كَوْنَهَا قَارِئَةً (قَوْلُهُ: فَلَا تَطْلُقُ) أَيْ بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ فَلَوْ طَالَعَهُ أَيْ الْغَيْرُ (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَأَهَا) أَيْ الصِّيغَةَ.

وَقَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ) أَيْ فِي الْوُقُوعِ وَهُوَ مُعْتَمَدُ حَجّ وَنَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ الشَّارِحِ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَعَلَّمَتْ وَوَصَلَ كِتَابُهُ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّهَا إذَا قَرَأَتْهُ بِنَفْسِهَا طَلُقَتْ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّعْلِيقِ قِرَاءَةُ غَيْرِهَا لِلْعِلْمِ بِأُمِّيَّتِهَا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَا فُهِمَ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنَّ التَّعْلِيقَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ يُرَادُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْإِعْلَامِ لَا خُصُوصُ قِرَاءَةِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ: هَلْ تَكْفِي) أَيْ لَا تَكْفِي قِرَاءَتُهَا (قَوْلُهُ: الِاكْتِفَاءُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ وَإِنْ قَصَدَ قِرَاءَتَهَا بِنَفْسِهَا فَلَا يُدَيَّنُ (قَوْلُهُ وَعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي الْأُولَى) أَيْ فَلَا تَطْلُقُ.

(فَصْلٌ) فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا

(قَوْلُهُ: فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَجُّوا لَهُ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ لَمَّا قِيلَ لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ بَلْ مُجَرَّدُ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْمُقَامِ وَالْفِرَاقِ، فَمَنْ اخْتَارَتْ الْفِرَاقَ أَنْشَأَ طَلَاقَهَا

ــ

[حاشية الرشيدي]

الِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ وَهِيَ أَنْسَبُ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَفْهُومُهُ) يَعْنِي مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَقْلَ عِنْدِي فِيهِمَا) هُوَ آخِرُ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُعْقِبَهُ بِقَوْلِهِ. اهـ.

[فَصْلٌ فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا]

(فَصْلٌ) فِي تَفْوِيضِ الطَّلَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>