وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ لِلْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحَمْلِ الْجَمِيعِ فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ. قَالَ: وَهُوَ الَّذِي إلَيْهِ نَمِيلُ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لِيُؤْكَلَ مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا وَبِقَوْلِهِ إذَا أُكِلَ مَا تَلِفَ بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيُبَدَّلُ قَطْعًا عَلَى نِزَاعٍ فِيهِ وَبِفَرْضِهِ الْكَلَامَ فِي الْمَأْكُولِ الْمَشْرُوبِ فَيُبَدَّلُ قَطْعًا لِلْعُرْفِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي تُقَدَّرُ بِهَا الْمَنْفَعَةُ تَقْرِيبًا وَكَوْنُ يَدِ الْأَجِيرِ يَدَ أَمَانَةٍ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ (يَصِحُّ عَقْدُ الْإِجَارَةِ) عَلَى الْعَيْنِ (مُدَّةً تَبْقَى فِيهَا) تِلْكَ (الْعَيْنُ) بِصِفَاتِهَا الْمَقْصُودَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (غَالِبًا) لِإِمْكَانِ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَسَنَةٍ فِي نَحْوِ الثَّوْبِ وَعَشْرِ سِنِينَ فِي الدَّابَّةِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً فِي الْعَبْدِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهَا وَكَمِائَةِ سَنَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأَرْضِ طَلْقًا كَانَتْ أَوْ وَقْفًا لَمْ يَشْتَرِطْ وَاقِفُهُ لِإِيجَارِهِ مُدَّةً. قَالَ الْبَغَوِيّ: وَالْمُتَوَلِّي كَالْقَاضِي إلَّا أَنَّ الْحُكَّامَ اصْطَلَحُوا عَلَى مَنْعِ إجَارَةِ الْوَقْفِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ لِئَلَّا يَنْدَرِسَ الْوَقْفُ، وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّ مَا قَالَاهُ هُوَ الِاحْتِيَاطُ. قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا الِاصْطِلَاحُ غَيْرُ مُطَّرِدٍ. قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَعَلَّ سَبَبَهُ أَنَّ إجَارَةَ الْوَقْفِ تَحْتَاجُ إلَى أَنْ تَكُونَ بِالْقِيمَةِ وَتَقْوِيمُ الْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ الْبَعِيدَةِ صَعْبٌ. قَالَ: وَفِيهِ أَيْضًا مَنْعُ الِانْتِقَالِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي وَقَدْ تَتْلَفُ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِمْ، وَمَعَ ذَلِكَ تَدْعُو الْحَاجَةُ إلَيْهِ لِعِمَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَالْحَاكِمُ يَجْتَهِدُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: مَا حُمِلَ لِيُوصَلَ) أَيْ فَتَلِفَ قَبْلَ الْوُصُولِ (قَوْلُهُ: فَيُبَدَّلُ قَطْعًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يُبَدِّلْهُ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْ الْمُسَمَّى شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُكْرِي مَانِعٌ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ
(قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ غَالِبًا) فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً لَا تَبْقَى إلَيْهَا غَالِبًا فَهَلْ تَبْطُلُ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ سم عَلَى حَجّ. أَقُولُ: الْقِيَاسُ نَعَمْ وَتَتَفَرَّقُ الصَّفْقَةُ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الْعُبَابِ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: فَإِنْ زَادَ عَلَى الْجَائِزِ بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ فَقَطْ اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَوْ أَخْلَفَ ذَلِكَ وَبَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الَّتِي اُعْتُبِرَتْ لِبَقَائِهَا عَلَى صُورَتِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ فِي الزِّيَادَةِ إنَّمَا كَانَ لِظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ الْعَدَدِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ انْتَهَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَكَمِائَةِ سَنَةٍ) .
[فَرْعٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مَوْقُوفَةً وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ مُدَّةً طَوِيلَةً هَلْ تُرَاعَى أُجْرَتُهَا الْآنَ وَهِيَ مُتَهَدِّمَةٌ أَمْ يَجِبُ مُرَاعَاةُ أُجْرَتِهَا بَعْدَ عَوْدِهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُفْرَضُ بِنَاؤُهَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي يَئُولُ أَمْرُهَا إلَيْهَا بِالْعَمَلِ عَادَةً ثُمَّ يُعْتَبَرُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا مُعَجَّلَةً وَهِيَ دُونَ أُجْرَةِ مِثْلِهَا وَلَوْ قُسِّطَتْ عَلَى الْأَشْهُرِ وَالسِّنِينَ بِحَيْثُ يَقْبِضُ آخِرَ كُلِّ قِسْطٍ مَا يَخُصُّهُ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تِلْكَ الصِّفَةَ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ إيجَارِهَا كَذَلِكَ أَنْ تَبْنِيَ بِالْأُجْرَةِ الْمُعَجَّلَةِ، وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا كَانَ إضَاعَةً لِلْوَقْفِ لِأَنَّهَا إنَّمَا يُرْغَبُ فِيهَا كَذَلِكَ بِأُجْرَةٍ قَلِيلَةٍ جِدًّا (قَوْلُهُ: طَلْقًا) أَيْ مَمْلُوكَةً (قَوْلُهُ قَالَ وَفِيهِ أَيْضًا) أَيْ قَالَ السُّبْكِيُّ (قَوْلُهُ لِعِمَارَةٍ أَوْ نَحْوِهَا)
[حاشية الرشيدي]
لِلْمُؤَجِّرِ مُطَالَبَتُهُ بِتَنْقِيصِ قَدْرِ أَكْلِهِ الَّذِي بَحَثَهُ السُّبْكِيُّ فِيمَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْهُ وَحَمَلَ مَا يَحْتَاجُهُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ، وَفِيمَا إذَا قَدَّرَهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ اتِّبَاعًا لِلشَّرْطِ ثُمَّ مَالَ إلَى أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ انْتَهَتْ.
[فَصْل فِي بَيَان غَايَة الْمُدَّة الَّتِي تَقْدِر بِهَا الْمَنْفَعَة]
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ غَايَةِ الْمُدَّةِ إلَخْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute