فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدُ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ. وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْقَائِلِ بِالْمَنْعِ فِي ذَلِكَ كَالْأَذْرَعِيِّ عَلَى مَا إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ انْدِرَاسُ اسْمِ الْوَقْفِ وَتُمَلَّكُ الْعَيْنُ بِسَبَبِ طُولِ مُدَّتِهَا، وَإِذَا أَجَّرَ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ لَمْ يَجِبْ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ سَنَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ سَنَةً لَا يَجِبُ تَقْدِيرُ حِصَّةِ كُلِّ شَهْرٍ وَتُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ عَلَى قِيمَةِ مَنَافِعِ السِّنِينَ
وَلَوْ آجَرَهُ شَهْرًا مَثَلًا، وَأَطْلَقَ فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ الْمُتَعَارَفُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الْآنَ، لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ جَزْمِ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافَهُ وَقَدْ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ كَمَا يَأْتِي فِي سَوَادِ الْعِرَاقِ، وَلَيْسَ مِثْلُهُ إيجَارُ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ أَرَاضِيَهُ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ مُدَّةٍ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ، إذْ لَا مَصْلَحَةَ كُلِّيَّةٌ يُغْتَفَرُ لِأَجْلِهَا ذَلِكَ، وَكَاسْتِئْجَارِ الْإِمَامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِلْأَذَانِ أَوْ الذِّمِّيِّ لِلْجِهَادِ، وَكَالِاسْتِئْجَارِ لِلْعُلُوِّ لِلْبِنَاءِ أَوْ إجْرَاءِ الْمَاءِ، وَسَيَأْتِي أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يُؤَجِّرُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ أَوْ مَالَهُ إلَّا مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ فِي الزَّائِدِ، وَمَرَّ أَنَّ الرَّاهِنَ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ إجَارَةُ الْمَرْهُونِ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا مُدَّةً لَا تُجَاوِزُ حُلُولَ الدَّيْنِ، وَنَقَلَ الْبَدْرُ ابْنُ جَمَاعَةَ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ امْتِنَاعَ إجَارَةِ الْإِقْطَاعِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ بَعْدَ شِفَاءِ مَرِيضِهِ بِسَنَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إيجَارُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى دَوَامِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ بِطُرُوِّ الْعِتْقِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى السَّنَةِ فَإِذَا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْإِقْطَاعِ فِي الْأُولَى بَطَلَتْ، وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ فَكَذَلِكَ لَا سِيَّمَا وَقَدْ يَتَأَخَّرُ الشِّفَاءُ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ (وَفِي قَوْلٍ لَا يُزَادُ) فِيهَا (عَلَى سَنَةٍ) مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِهَا، وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِي الْوَقْفِ شَاذٌّ بَلْ قِيلَ إنَّهُ غَلَطٌ (وَفِي قَوْلٍ) لَا تُزَادُ عَلَى (ثَلَاثِينَ) سَنَةً لِأَنَّ الْغَالِبَ تَغَيُّرُ الْأَشْيَاءِ بَعْدَهَا وَرُدَّ بِأَنَّ ذِكْرَهَا فِي النَّصِّ لِلتَّمْثِيلِ
(وَلِلْمُكْتَرِي اسْتِيفَاءُ الْمَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) الْأَمِينُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، فَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ اسْتِيفَاءَهَا بِنَفْسِهِ فَسَدَ الْعَقْدُ كَمَا لَوْ شَرَطَ عَلَى مُشْتَرٍ أَنْ لَا يَبِيعَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ مِمَّا تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ لِعَيْنِ الْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَبِمُقْتَضَى إطْلَاقِ الشَّيْخَيْنِ) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ طَلْقًا كَانَ أَوْ وَقْفًا الْمَفْهُومُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَتْنِ، وَالْمُرَادُ صِحَّتُهُ حَيْثُ اقْتَضَتْ الْمَصْلَحَةُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِهِ) أَيْ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ إيجَارُ الْإِقْطَاعِ مُدَّةً يَبْقَى فِيهَا غَالِبًا وَإِنْ احْتَمَلَ رُجُوعَ السُّلْطَانِ فِيهِ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بَقَاءَ الْمُؤَجَّرِ تِلْكَ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ فِي الْحَالِ وَالْأَصْلُ الْبَقَاءُ، فَإِنْ رَجَعَ السُّلْطَانُ أَوْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ إيجَارُ الْبَطْنِ الْأَوَّلُ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ وَمِلْكِهِمْ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَجَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بَقَاؤُهُمْ تِلْكَ الْمُدَّةَ، فَإِنْ مَاتُوا قَبْلَ فَرَاغِهَا انْفَسَخَتْ فِي الْبَاقِي اهـ سم عَلَى حَجّ. وَمِنْ ذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُرْصَدَةُ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْإِمَامِ وَنَحْوِهِمَا إذَا كَانَ النَّظَرُ لَهُ وَأَجَّرَ مُدَّةً وَمَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا فَإِنَّهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) لَا يُقَالُ: بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ بَعْدَ الْعِتْقِ يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَبْطُلُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ. لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ سَبَبُ الْعِتْقِ عَلَى الْإِجَارَةِ وَإِلَّا فَتَبْطُلُ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ الْعَبْدِ بِصِفَةٍ ثُمَّ أَجَّرَهُ ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ إلَخْ، وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِ النَّذْرِ عَلَى الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لَا سِيَّمَا) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْإِيجَارُ قَبْلَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ. أَمَّا لَوْ كَانَ بَعْدَهُ فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا التَّوْجِيهُ (قَوْلُهُ: وَمَا زَعَمَهُ السَّرَخْسِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَمُهْمَلَةٍ نِسْبَةٌ إلَى سَرْخَسَ مَدِينَةٍ بِخُرَاسَانَ اهـ لب لِلسُّيُوطِيِّ
(قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فَيَرْكَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَى
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: فِي مَنْذُورٍ عِتْقُهُ) أَيْ: بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُعْتِقَهُ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ بَعْدَ شِفَاءِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ فِيهِمَا صِحَّةُ الْإِجَارَةِ) أَيْ: سَوَاءٌ أَكَانَ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ، أَوْ إرْفَاقٍ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِذَا عَتَقَ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) قَالَ سم: وَيُفَارِقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute