للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَيَرْكَبُ وَيَسْكُنُ) وَيَلْبَسُ (مِثْلَهُ) فِي الضَّرَرِ اللَّاحِقِ بِالْعَيْنِ وَدُونَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِيفَاءٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ

(وَلَا يُسْكِنُ حَدَّادًا وَلَا قَصَّارًا) حَيْثُ لَمْ يَكُنْ هُوَ كَذَلِكَ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ. قَالَ جَمْعٌ: إلَّا إذَا قَالَ لِتُسْكِنَ مَنْ شِئْت كَازْرَعْ مَا شِئْت، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُقْصَدُ بِهِ التَّوْسِعَةُ دُونَ الْإِذْنِ فِي الْإِضْرَارِ.

وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ، وَلَا يَجُوزُ إبْدَالُ رُكُوبٍ بِحَمْلٍ وَحَدِيدٍ بِقُطْنٍ وَقَصَّارٍ بِحَدَّادٍ وَالْعُكُوسُ وَإِنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ

(وَمَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ كَدَارٍ وَدَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ) قَيْدٌ فِي الدَّابَّةِ فَقَطْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الدَّارَ لَا تَكُونُ إلَّا مُعَيَّنَةً (لَا يُبَدَّلُ) أَيْ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ لِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ، وَلِهَذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ بِتَلَفِهِمَا وَثَبَتَ الْخِيَارُ بِعَيْبِهِمَا. أَمَّا فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فَيُبَدَّلُ وُجُوبًا لِتَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا لَكِنْ بِرِضَا الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ بِالْقَبْضِ اخْتَصَّ بِهِ كَمَا مَرَّ.

(وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَثَوْبٍ وَصَبِيِّ عَيْنٍ) الْأَوَّلُ (لِلْخِيَاطَةِ وَ) الثَّانِي لِفِعْلِ (الْإِرْضَاعِ) بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةً أَوْ إرْضَاعَ مَوْصُوفٍ ثُمَّ عَيْنٍ، وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّوْسِيعُ فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ إيقَاعَ ضَمِيرِ الْمُفْرَدِ مَوْقِعَ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى شَاذٌّ (يَجُوزُ إبْدَالُهُ) بِمِثْلِهِ (فِي الْأَصَحِّ) وَإِنْ امْتَنَعَ الْأَجِيرُ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِيفَاءِ لَا مَعْقُودَ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الرَّاكِبَ وَالْمَتَاعَ الْمُعَيَّنَ لِلْحَمْلِ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ كَالْمُسْتَوْفَى مِنْهُ وَعُزِيَ لِلْأَكْثَرِينَ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي إبْدَالِهِ بِلَا مُعَاوَضَةٍ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا كَمَا يَجُوزُ لِمُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ أَنْ يُعَاوِضَ عَنْهَا كَسُكْنَى دَارٍ، أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِحَمْلِ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ بِمِثْلِهِ قَطْعًا، وَلَوْ أُبْدِلَ الْمُسْتَوْفَى فِيهِ كَطَرِيقٍ بِمِثْلِهَا مَسَافَةً وَسُهُولَةً وَحُزْنًا وَأَمْنًا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ مَحَلُّ التَّسْلِيمِ، إذْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَوْضِعِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ بِأَنَّهُ لَوْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَحَلٍّ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا بَلْ يُسَلِّمُهَا ثُمَّ لِوَكِيلِ الْمَالِكِ ثُمَّ الْحَاكِمِ ثُمَّ الْأَمِينِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ، وَحِينَئِذٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَنْ تَسْكُنَهَا وَحْدَك

(قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ خِلَافُهُ) أَيْ فَيَسْكُنُهُمَا حِينَئِذٍ.

لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ لِزِيَادَةِ الضَّرَرِ بِدَفْعِهِمَا: أَيْ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَتُسْكِنُ مَنْ شِئْت خِلَافًا لِلْجُرْجَانِيِّ وَغَيْرِهِ اهـ. وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ لِتَزْرَعَ مَا شِئْت زَرْعَ مَا شَاءَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَا يَتَفَاوَتُ الضَّرَرُ) بَلْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَانَ الضَّرَرُ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّوْبُ أَوْ الصَّبِيُّ مُعَيَّنَيْنِ فِي الْعَقْدِ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَأَنَّهُ إنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ لِمَحَلٍّ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ إبْدَالُهُ إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَاهُ وَعِبَارَتُهُ: تَنْبِيهٌ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " عَيَّنَ " أَشَارَ بِهِ إلَى مَا نَقَلَاهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا الْتَزَمَ فِي ذِمَّتِهِ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ حَمْلَ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ. أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً مُعَيَّنَةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ إبْدَالِ الرَّاكِبِ وَالْمَتَاعِ اهـ. (قَوْلُهُ: وَأَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ عَيَّنَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى التَّعْوِيضِ كَقَوْلِهِ عَوَّضْتُك كَذَا عَنْ كَذَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ) أَيْ وَاحِدًا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: رَدَّهَا لِلضَّرُورَةِ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا مَا لَمْ يَعْسُرْ سَوْقُهَا مِنْ غَيْرِ رُكُوبٍ فَيَرْكَبُهَا وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ، وَهَلْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ أَجَرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ أَنَّهُ تَسْتَمِرُّ الْإِجَارَةُ بِتَقَدُّمِ سَبَبِ الْعِتْقِ هُنَا عَلَى الْإِجَارَةِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ

(قَوْلُهُ: لِتَصْرِيحِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) كَلَامُ الْأَكْثَرِينَ شَاهِدٌ عَلَى الْقَمُولِيِّ لَا شَاهِدَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ فِي التُّحْفَةِ رَدًّا عَلَيْهِ، وَعِبَارَتُهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ نَصُّهَا: وَرَدَّ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا إلَى مَوْضِعٍ فَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ لَهُ رَدُّهَا إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي سَارَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ صَاحِبُهَا، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَخْ. وَوَجْهُ شَهَادَتِهِ عَلَى الْقَمُولِيِّ أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ ذِكْرُ مَحَلِّ التَّسْلِيمِ لَمْ يَتَأَتَّ الْخِلَافُ بَيْنَ صَاحِبِ التَّقْرِيرِ وَالْأَكْثَرِينَ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ الْكَتَبَةِ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ لَفْظُ وَهُوَ مَرْدُودٌ أَوْ نَحْوَهُ عَقِبَ كَلَامِ الْقَمُولِيِّ. وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِوُجُوبِ إلَخْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>