للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهَيْنِ، رَجَّحَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ الْقَضَاءُ بِهَا كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَدِمَ يَدَّعِي الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا الْمُحِيلُ، وَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ. .

[بَابُ الضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ]

ِ هُوَ لُغَةً: الِالْتِزَامُ، وَشَرْعًا: يُطْلَقُ عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَالْبَدَنِ وَالْعَيْنِ الْآتِي كُلٌّ مِنْهَا وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصِّلِ لِذَلِكَ، وَيُسَمَّى مُلْتَزَمُ ذَلِكَ أَيْضًا ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَكَفِيلًا وَصَبِيرًا.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: غَيْرَ أَنَّ الْعُرْفَ خَصَّصَ الْأَوَّلَيْنِ بِالْمَالِ وَالْحَمِيلَ بِالدِّيَةِ وَالزَّعِيمَ بِالْمَالِ الْعَظِيمِ وَالْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ وَالصَّبِيرَ يَعُمُّ الْكُلَّ، وَمِثْلُهُ الْقَبِيلُ.

وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» «وَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَحَمَّلَ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ» ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا لَا، قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ، قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ؛ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ» لَا يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ فِيهِ إلَّا عَلَى بَرَاءَةِ الْمَيِّتِ بِالِالْتِزَامِ عَنْهُ لَا عَلَى الضَّمَانِ وَإِلَّا لَكَانَ الْمَانِعُ مِنْ الصَّلَاةِ بَاقِيًا وَهُوَ اشْتِغَالُ ذِمَّتِهِ.

لِأَنَّا نَمْنَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ إذْ الضَّمَانُ عَنْهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا لَوْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بَابُ الضَّمَانِ)

(قَوْلُهُ: الشَّامِلِ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَيُذْكَرُ مَعَهُ الْكَفَالَةُ، وَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ مُخَالِفٌ لَهُ حَيْثُ جَعَلَ الْكَفَالَةَ قِسْمًا مِنْ الضَّمَانِ هُنَا، وَصَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى الْتِزَامِ إلَخْ، وَكَأَنَّ الْمَحَلِّيَّ جَرَى عَلَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ الْقَائِلِ بِتَخْصِيصِ الضَّمَانِ بِالْمَالِ وَالْكَفَالَةِ بِالْبَدَنِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ) وَلَوْ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: وَالْبَدَنُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصَّلِ) أَيْ فَالضَّمَانُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَنَفْسِ الْمَصْدَرِ أَنَّ الْفِعْلَ لَا بُدَّ مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْفَاعِلِ وَالْأَثَرِ الْمُرَتَّبِ عَلَيْهِ، فَهُوَ مَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الْأَوَّلِ مَصْدَرٌ وَمَعَ مُلَاحَظَةِ التَّعَلُّقِ الثَّانِي اسْمٌ لِلْمَصْدَرِ، وَيُسَمَّى الْحَاصِلَ بِالْمَصْدَرِ

(قَوْلُهُ: خَصَّصَ الْأَوَّلَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: خَصَّصَ الضَّمِينَ بِالْمَالِ، قَالَ: أَيْ وَمِثْلُهُ الضَّامِنُ فَفِي نِسْبَةِ الشَّارِحِ الْأَوَّلَيْنِ لِلْمَاوَرْدِيِّ مُسَامَحَةٌ (قَوْلُهُ: بِالْمَالِ) أَيْ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا (قَوْلُهُ: بِالْمَالِ الْعَظِيمِ) : ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ دِيَةً

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) مِنْ كَلَامِ م ر (قَوْلُهُ «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» ) قَالَ ع: لَفْظَةُ الْعَارِيَّةِ مُؤَدَّاةٌ: أَيْ مَرْدُودَةٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ: أَيْ مُوَفًّى اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نُمْنَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى) لَا يُفِيدُ فِي رَدِّ كَلَامِ السَّائِلِ فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي امْتِنَاعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ شَغْلُ ذِمَّتِهِ بِبَقَاءِ الْحَقِّ، فَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ تَحَمُّلَ أَبِي قَتَادَةَ عَنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ لَمْ تَظْهَرْ الْحِكْمَةُ فِي امْتِنَاعِهِ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا قَبْلَ التَّحَمُّلِ

(قَوْلُهُ: إذْ الضَّمَانُ عَنْهُ إلَخْ) سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ فِي بَقِيَّةِ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ مَا نَصُّهُ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي قَتَادَةَ: هُمَا عَلَيْك وَفِي مَالِكَ، وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ، فَقَالَ نَعَمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَفِيهِ تَصْرِيحٌ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ بِمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ الِاعْتِذَارُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ بَرِيءٌ: أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ)

ــ

[حاشية الرشيدي]

(بَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ: عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ: أَيْ الْإِيجَابِ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، وَهَذَا نَظِيرُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الشِّرَاءَ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا، وَهَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>