إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ الْأَصَحُّ وَمُقَابِلُهُ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لَا تَثْبُتُ إلَّا لِأَصْلٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ أَوْ أَمِينِهِ، فَإِنْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ ضَامِنًا: أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ وَإِلَّا أَنْفَقَ وَأَشْهَدَ وُجُوبًا، وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ كُلَّ مَرَّةٍ فِيهِ حَرَجٌ، وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ. .
فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ وَغَيْرِهِ وَكُفْرِهِمَا بِالتَّبَعِيَّةِ لِلدَّارِ أَوْ غَيْرِهَا (إذَا وُجِدَ لَقِيطٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ) وَمِنْهَا مَا عُلِمَ كَوْنُهُ مَسْكَنًا لِلْمُسْلِمِينَ وَلَوْ فِي زَمَنٍ قَدِيمٍ فَغَلَبَ عَلَيْهِ الْكُفَّارُ كَقُرْطُبَةَ نَظَرًا لِاسْتِيلَائِنَا الْقَدِيمِ، لَكِنْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ مَحِلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعُونَا مِنْهَا وَإِلَّا فَهِيَ دَارُ كُفْرٍ، وَأَجَابَ عَنْهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا صَارَتْ دَارَ كُفْرٍ صُورَةً لَا حُكْمًا (وَ) إنْ كَانَ (فِيهَا أَهْلُ ذِمَّةٍ) أَوْ عَهْدٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) وُجِدَ (بِدَارٍ فَتَحُوهَا) أَيْ الْمُسْلِمُونَ (وَأَقَرُّوهَا بِيَدِ كُفَّارٍ صُلْحًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ (أَوْ) أَقَرُّوهَا بِيَدِهِمْ (بَعْدَ مِلْكِهَا بِجِزْيَةٍ وَفِيهَا) أَيْ الدَّارِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ حَتَّى فِي الْأُولَى كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ غَيْرُهُ، وَالْأَخِيرَتَانِ دَارُ الْإِسْلَامِ كَمَا قَالَاهُ وَإِنَّ نَظَرَ السُّبْكِيُّ فِي الثَّانِيَةِ (مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ مُجْتَازًا (حُكِمَ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ) تَغْلِيبًا لِدَارِ الْإِسْلَامِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ «الْإِسْلَامُ يَعْلُوَا وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ» وَحَيْثُ لَا ذِمِّيَّ ثَمَّ فَمُسْلِمٌ بَاطِنًا وَإِلَّا فَظَاهِرًا فَقَطْ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُسْلِمٌ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ فَهُوَ كَافِرٌ، وَاكْتُفِيَ هُنَا بِالْمُجْتَازِ تَغْلِيبًا لِحُرْمَةِ دَارِنَا بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ وُجِدَ بِدَارِ كُفَّارٍ فَكَافِرٌ إنْ لَمْ يَسْكُنْهَا مُسْلِمٌ) فَاجْتِيَازُهُ فِيهَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ (وَإِنْ سَكَنَهَا مُسْلِمٌ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ (كَأَسِيرٍ) مُنْتَشِرٍ (وَتَاجِرٍ فَمُسْلِمٌ فِي الْأَصَحِّ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ، فَلَوْ أَنْكَرَهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ) أَيْ بِأَنْ سَهُلَ اسْتِئْذَانُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَا بَذْلِ مَالٍ وَإِنْ قَلَّ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ كُلَّ مَرَّةٍ) أَيْ وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ الْإِنْفَاقِ إنْ كَانَ لَائِقًا بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا أَذِنَ لِوَالِدِ زَوْجَتِهِ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى بِنْتِهِ وَوَلَدَيْهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ خَمْسَةَ أَنْصَافٍ مِنْ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ مُدَّةَ غِيبَتِهِ، ثُمَّ إنَّ الشُّهُودَ شَهِدُوا بِأَنَّهُ أَنْفَقَ مَا أَذِنَ لَهُ فِي إنْفَاقِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَنْصَافٍ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِكَوْنِهِمْ شَاهَدُوا الْإِنْفَاقَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهُوَ أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَنُصُّوا عَلَى أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، وَيَجُوزُ لَهُمْ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ لِرُؤْيَةِ أَصْلِ النَّفَقَةِ مِنْهُ وَالتَّعْوِيلُ عَلَى الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ فِي أَدَاءِ النَّفَقَةِ.
(فَصْلٌ) فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ. (قَوْلُهُ لِلدَّارِ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ بِكُفْرِهِ بَعْدَ كَمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي زَمَنٍ قَدِيمٍ) مُعْتَمَدٌ أَيْ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ إذَا وُجِدَ فِيهَا إلَّا حَيْثُ كَانَ بِهَا مُسْلِمٌ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَفِيهَا مُسْلِمٌ.
(قَوْلُهُ: كَقُرْطُبَةَ) مَدِينَةٌ بِالْأَنْدَلُسِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْأُولَى) وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ فِيهَا احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ كَانَ فِيهَا كُفَّارٌ فَقَطْ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَنْبَغِي الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّهَا دَارُ إسْلَامٍ وَلَا مُعَارِضَ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَخِيرَتَانِ دَارُ إسْلَامٍ) أَيْ كَالْأُولَى وَإِنْ أَوْهَمَ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ بِدَارٍ فَتَحُوهَا صُلْحًا خِلَافَهُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ وَلَوْ مُجْتَازًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ هُنَا مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِي الْحَمْلِ وَالْوِلَادَةِ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي دَارِ الْكُفْرِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي الْحُكْمِ بِإِسْلَامِ اللَّقِيطِ]