للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَعِيدُ فَلَا يَكُونُ لَهُ جَزْمًا (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ) خَاصٌّ وَلَا عَامٌّ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ) وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْكِفَايَةِ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لِلْمُسْلِمِينَ إذَا بَلَغَ بِالْجِزْيَةِ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَجَّانًا كَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَقِيَاسًا عَلَى الْبَالِغِ الْمُعْسِرِ بَلْ أَوْلَى، وَالثَّانِي الْمَنْعُ بَلْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ وَثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ أَوْ مَنَعَ مُتَوَلِّيهِ الْأَخْذَ مِنْهُ ظُلْمًا اقْتَرَضَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ إنْ رَآهُ وَإِلَّا (قَامَ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ مَيَاسِيرُهُمْ، وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُهُمْ بِمَنْ يَأْتِي فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قُدْرَتُهُ بِالْكَسْبِ (بِكِفَايَتِهِ) وُجُوبًا (قَرْضًا) بِالْقَافِ أَيْ عَلَى جِهَتِهِ كَمَا يَلْزَمُهُمْ إطْعَامُ الْمُضْطَرِّ بِالْعِوَضِ (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) لِعَجْزِهِ، فَإِنْ امْتَنَعُوا كُلُّهُمْ قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا هُنَا قَرْضًا وَفِي بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا بِأَنْ وَضَعَ بَيْتُ الْمَالِ الْإِنْفَاقَ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ فَلَهُمْ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ دُونَ مَالِ الْمَيَاسِيرِ، وَإِذَا لَزِمَهُمْ وَزَّعَهَا الْإِمَامُ عَلَى مَيَاسِيرِ بَلَدِهِ، فَإِنْ شَقَّ فَعَلَى مَنْ يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي نَظَرِهِ تَخَيَّرَ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ، فَإِنْ بَلَغَ فَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ أَوْ الْغَارِمِينَ، فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ سَيِّدٌ أَوْ قَرِيبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِنْ ضَعَّفَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَمَا نُوزِعَ بِهِ مِنْ سُقُوطِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَنَحْوِهِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ يُرَدُّ بِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا تَصِيرُ دَيْنًا بِالِاقْتِرَاضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِحِفْظِ الْمَالِكِ فَمَالُهُ أَوْلَى، وَقَيَّدَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا بِعَدْلٍ يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْيَتِيمِ عِنْدَهُ.

وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ مُخَاصَمَةُ مَنْ نَازَعَهُ فِيهِ إلَّا بِوِلَايَةٍ مِنْ الْحَاكِمِ وَلِلْقَاضِي نَزْعُهُ مِنْهُ وَتَسْلِيمُهُ لِأَمِينٍ غَيْرِهِ يُبَاشِرُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ اللَّائِقِ بِهِ أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْمُلْتَقِطِ يَوْمًا بِيَوْمٍ (وَلَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلَّقِيطِ.

(قَوْلُهُ: الْبَعِيدُ) أَيْ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ.

أَمَّا هِيَ فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ.

وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ فَهَلْ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَخْ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ أَخْذَهُ لَهُ صَيَّرَهُ كَأَنَّهُ فِي أَمَانِهِ.

(قَوْلُهُ: اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى اللَّقِيطِ لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْخَطِيبِ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ أَوْ كَانَ ثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَسَدِّ ثَغْرٍ يَعْظُمُ ضَرَرُهُ لَوْ تُرِكَ أَوْ حَالَتْ الظُّلْمَةُ دُونَهُ اقْتَرَضَ لَهُ الْإِمَامُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي ذِمَّةِ اللَّقِيطِ كَالْمُضْطَرِّ إلَى الطَّعَامِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ قَامَ الْمُسْلِمُونَ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَأْتِي فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ) أَيْ وَهُوَ مِمَّنْ زَادَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى جِهَتِهِ) وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَى الطِّفْلِ لَا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَلْزَمُهُمْ إلَخْ، ثُمَّ إنَّ مَا ظَهَرَ لَهُ مَالٍ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَغَيْرِ اللَّقِيطِ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ بَيْنَ كَوْنِهَا هُنَا) هَذَا الْفَرْقُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ بَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفِقٌ اهـ سم، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ قُبِلَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَجَّانًا.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَزِمَهُمْ) أَيْ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَمِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسَاكِينِ إلَخْ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ مِنْ كَوْنِهِ فَقِيرًا إلَخْ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ بِجَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْإِنْفَاقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا لِجَوَازِ حَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ وَلَا مُنْفِقٌ وَحُمِلَ مَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ عَنْ سم أَنَّ هَذَا مَفْرُوضٌ فِي مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْأَقْرَبُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ لِأَنَّهُ حَيْثُ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ أَوْ يُقَالُ هُوَ مَفْرُوضٌ فِيمَنْ بَلَغَ (قَوْلُهُ: بِعَدْلٍ يَجُوزُ إيدَاعُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَمِينًا آمِنًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ اللَّقِيطُ) يَعْنِي: كَوْنَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَيْهِ الْمَيَاسِيرُ قَرْضًا خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَمَا نُوزِعَ بِهِ) هَذِهِ الْمُنَازَعَةُ هِيَ وَجْهُ تَضْعِيفِ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتِهَا.

قُلْت اعْتِبَارُهُ: يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْقَرِيبَ غَرِيبٌ قَلَّ مَنْ ذَكَرَهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ انْتَهَتْ.

فَكَانَ الْأَوَّلُ لِلشَّارِحِ خِلَافَ هَذَا السِّيَاقِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُسَلِّمُهُ لِلْمُلْتَقِطِ) اُنْظُرْ مَا مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي يُسَلِّمُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>