[فَصْلٌ فِي شَرْطِ الصَّوْمِ]
ِ أَيْ شَرْطِ صِحَّتِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ (الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ) وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ بِالْإِجْمَاعِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: ١٨٧] وَالرَّفَثُ الْجِمَاعُ (وَالِاسْتِقَاءَةُ) لِخَبَرِ «مَنْ اسْتِقَاء فَلْيَقْضِ» وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ مِنْ عَامِدٍ عَالِمٍ مُخْتَارٍ كَمَا فِي الْجِمَاعِ، فَلَوْ جَهِلَ تَحْرِيمَهُ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا لَمْ يُفْطِرْ، وَمَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى عُذْرِ الْجَاهِلِ مُطْلَقًا وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ (وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَوْ تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ شَيْءٌ إلَى جَوْفِهِ) بِالِاسْتِقَاءَةِ كَأَنْ تَقَيَّأَ مَنْكُوسًا (بَطَلَ) صَوْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُفْطِرَةٌ لِعَيْنِهَا لَا لِعَوْدِ شَيْءٍ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْبِنَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُفْطِرَ رُجُوعُ شَيْءٍ مِمَّا خَرَجَ وَإِنْ قَلَّ (وَلَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَمْ يَضُرَّ لِخَبَرِ «مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ» أَيْ غَلَبَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الصَّوْمِ) (قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ الْفَاعِلِ وَالْوَقْتِ (قَوْلُهُ: الْإِمْسَاكُ) تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ أَنَّ هَذَا رُكْنٌ، وَلَكِنْ عَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِالشَّرْطِ فَلَا تُنَافِي بَيْنَ جَعْلِهِ شَرْطًا مِنْ حَيْثُ الْفِعْلِ هُنَا وَجَعْلِهِ إيَّاهُ رُكْنًا فِيمَا مَرَّ.
وَقَالَ حَجّ: وَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِلصَّوْمِ حَقِيقَةٌ إذْ هِيَ النِّيَّةُ وَالْإِمْسَاكُ، وَفِيهِ أَيْضًا: وَيُشْتَرَطُ هُنَا كَوْنُهُ وَاضِحًا فَلَا يُفْطِرُ بِهِ خُنْثَى إلَّا إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِأَنْ تَيَقَّنَ كَوْنَهُ وَاطِئًا أَوْ مَوْطُوءًا (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالْإِجْمَاعِ (قَوْلُهُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: ١٨٧] أَيْ فَدَلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى حُرْمَتِهِ نَهَارًا وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ فِي الْعِبَادَاتِ اقْتِضَاؤُهُ الْفَسَادَ وَقَدَّمَ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْآيَةِ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِقَاءَةُ) يَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الِاسْتِقَاءَةِ مَا لَوْ أَخْرَجَ ذُبَابَةً دَخَلَتْ إلَى جَوْفِهِ وَأَنَّهُ لَوْ تَضَرَّرَ بِبَقَائِهَا أَخْرَجَهَا وَأَفْطَرَ كَمَا لَوْ أَكَلَ لِمَرَضٍ أَوْ جُوعٍ مُضِرٍّ مَرَّ اهـ سم عَلَى شَرْحِ الْبَهْجَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ شَكَّ هَلْ وَصَلَتْ فِي دُخُولِهَا إلَى الْجَوْفِ أَمْ لَا فَأَخْرَجَهَا عَامِدًا عَالِمًا لَمْ يَضُرَّ، بَلْ قَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِي هَذِهِ إذَا خَشِيَ نُزُولَهَا لِلْبَاطِنِ كَالنُّخَامَةِ الْآتِيَةِ.
[فَرْعٌ] لَوْ شَرِبَ خَمْرًا بِاللَّيْلِ وَأَصْبَحَ صَائِمًا فَرْضًا فَقَدْ تَعَارَضَ وَاجِبَانِ الْإِمْسَاكُ وَالتَّقَيُّؤُ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَرَّ أَنَّهُ يُرَاعِي حُرْمَةَ الصَّوْمِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى وُجُوبِ الْإِمْسَاكِ فِيهِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي وُجُوبِ التَّقَيُّؤِ عَلَى غَيْرِ الصَّائِمِ اهـ شَرْحُ الْعُبَابِ.
وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ، وَأَمَّا فِي النَّفْلِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ وُجُوبِ التَّقَيُّؤِ وَإِنْ جَازَ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْعِبَادَةِ مَرَّ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجِمَاعِ وَالِاسْتِقَاءَةِ (قَوْلُهُ: مُخْتَارٌ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فِطْرَ بِالْجِمَاعِ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَإِنْ كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا مَعَ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَلْ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَعْلِيلٌ: أَيْ حَيْثُ قَالَ: وَلِأَنَّ أَكْلَهُ وَوَطْأَهُ لَيْسَ مَنْهِيًّا عَنْهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ: أَيُّ فَيُفْطِرُ بِهِ وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: لِقُرْبِ عَهْدِهِ) وَهَذَا الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي مِنْ الصُّوَرِ الْمُغْتَفِرَةِ لِلْجَهْلِ، وَقَوْلُهُ عَنْ الْعُلَمَاءِ أَيْ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ الْخَاصَّةِ وَإِنْ لَمْ يُحْسِنُوا غَيْرَهَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ حَجّ بَعِيدًا عَنْ عَالِمَيْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ نَاسِيًا) أَيْ أَوْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَمَالَ فِي الْبَحْرِ إلَى عُذْرِ الْجَاهِلِ) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا: أَيْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْإِسْلَامِ أَوَّلًا نَشَأَ بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ أَوْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ
[حاشية الرشيدي]
فَصْل: شَرْط الصَّوْم) (قَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] أَيْ لِمَفْهُومِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute