للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَصْبُهُ وَجَرُّهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عَلَى الْإِضَافَةِ (فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْهُ) فَهِيَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ لِلِاتِّبَاعِ، «وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ الْعَشْرُ الْأَخِيرُ أَحْيَا اللَّيْلَ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ» وَيُسَنُّ أَنْ يَمْكُثَ مُعْتَكِفًا إلَى صَلَاةِ الْعِيدِ وَأَنْ يَعْتَكِفَ قَبْلَ دُخُولِ الْعَشْرِ فَفِيهَا لَا فِي غَيْرِهَا كَمَا نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَيْهِ اتِّفَاقَ الْفُقَهَاءِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ الْآتِي.

فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ (شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ) وَالْإِسْلَامُ وَلَوْ فِيمَا مَضَى كَالصَّلَاةِ، فَلَا يَجِبُ عَلَى مَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ وَكَافِرٍ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ فِي الصَّلَاةِ لِخَبَرِ «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (وَإِطَاقَتُهُ) لَهُ صِحَّةً وَإِقَامَةً أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يُطِيقُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَعَلَى مُسَافِرٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى السَّكْرَانِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْحَائِضِ وَنَحْوِهَا عِنْدَ مَنْ عَبَّرَ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ وُجُوبَ انْعِقَادِ سَبَبٍ كَمَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي الْأُصُولِ لِوُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ سَهَا فَإِنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِقِرَاءَتِهِ فِي الْمُصْحَفِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَفْضَلَ (قَوْلُهُ: وَنَصْبُهُ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ لِمَحْذُوفٍ وَهُوَ صِلَةٌ لِمَا: أَيْ لَا سِيَّ الَّذِي أَعْنِيهِ أَوْ أُرِيدُهُ زَيْدًا (قَوْلُهُ: وَشَدَّ الْمِئْزَرَ) كِنَايَةٌ عَنْ التَّهَيُّؤِ لِلْعِبَادَةِ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا بِهِمَّةٍ وَنَشَاطٍ

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ الْإِمْسَاكِ وَالْفِدْيَةِ (قَوْلُهُ: وَالْبُلُوغُ) أَيْ وَالنَّقَاءُ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَيْضًا، فَالْجُنُونُ وَالصِّبَا وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ مَانِعَةٌ مِنْ الْوُجُوبِ، بَلْ مَا عَدَا الصِّبَا مَانِعٌ مِنْ الصِّحَّةِ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمُبْطِلٌ لِلصَّوْمِ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ.

لَا يُقَالُ: لَا يُتَصَوَّرُ بُطْلَانُ الصَّوْمِ بِطُرُوِّ النِّفَاسِ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلصَّوْمِ، فَالنِّفَاسُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ بُطْلَانِهِ لِأَنَّهُ الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ فَرَاغِ الرَّحِمِ مِنْ الْحَمْلِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: يُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا لَوْ أَلْقَتْ وَلَدًا جَافًّا فَبَطَلَ بِهِ صَوْمُهَا ثُمَّ رَأَتْ الدَّمَ نَهَارًا وَهِيَ صَائِمَةٌ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهُ نِفَاسٌ، وَالْأَحْكَامُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِ رُؤْيَةِ الدَّمِ وَمُدَّةُ النِّفَاسِ مَحْسُوبَةٌ مِنْ الْوِلَادَةِ، فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إذَا نَوَتْ الصَّوْمَ بَعْدَ الْوِلَادَةِ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ وَيَبْطُلُ بِرُؤْيَتِهِ الدَّمَ نَهَارًا وَيُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَتْهُ مِنْ الْعِبَادَةِ مِنْ صَوْمٍ وَغَيْرِهِ قَبْلَ رُؤْيَتِهِ أَوْ يُصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَيْلًا ثُمَّ نَوَتْ الصَّوْمَ وَطَرَقَهَا الدَّمُ نَهَارًا فَإِنَّ أَحْكَامَ النِّفَاسِ إنَّمَا تَتَرَتَّبُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ (وَجَرُّهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَائِدَةٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ أَمَّا فِيهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ كَوْنُ مَا مَوْصُولَةً وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ صِلَتُهَا فَلَا مَحَلَّ لَهُ مِنْ الْإِعْرَابِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا مِثْلُ الِاعْتِكَافِ الَّذِي فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ.

[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَمَا يُبِيحُ تَرْكَ صَوْمِهِ]

(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ: وَسَكْرَانُ) أَيْ بِلَا تَعَدٍّ وَسَكَتَ عَنْ مُحْتَرَزِ الْبُلُوغِ (قَوْلُهُ وَوُجُوبُهُ عَلَيْهِمَا) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَرِيضِ الَّذِي هُوَ مُحْتَرَزُ الصِّحَّةِ وَإِلَى الْمُسَافِرِ، لَكِنَّ لَفْظَ الْمَرِيضِ سَاقِطٌ مِنْ نُسَخِ الشَّارِحِ وَلَعَلَّهُ مِنْ الْكَتَبَةِ فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ الَّتِي هِيَ أَصْلُ مَا هُنَا بِالْحَرْفِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَلْحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدَّ) تَعْرِيضٌ بِالْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>