للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبَهُ عَلَيْهِ وُجُوبُ تَكْلِيفٍ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ وُجُوبَ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ لَا يُنَافِي الْقَوْلَ بِكَوْنِ الْخِطَابِ لَهُ خِطَابَ تَكْلِيفٍ (وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ إذَا أَطَاقَ) وَمَيَّزَ وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ لِيَتَمَرَّنَ عَلَيْهِ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ، وَالْأَمْرُ وَالضَّرْبُ وَاجِبَانِ عَلَى الْوَلِيِّ كَمَا مَرَّ فِي الصَّلَاةِ خِلَافًا لِلْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا

(وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا) شَدِيدًا وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِنْ تَعَدَّى بِسَبَبِهِ بِأَنْ تَعَاطِي لَيْلًا مَا يُمْرِضُهُ نَهَارًا قَصْدًا وَفَارَقَ مَنْ شَرِبَ مُجَنِّنًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِيهِ تَسَبُّبٌ بِمَا يُؤَدِّي لِلْإِسْقَاطِ وَهَذَا لَيْسَ فِيهِ تَسَبُّبٌ إلَّا بِمَا يُؤَدِّي إلَى التَّأْخِيرِ وَهُوَ أَخَفُّ فَلَمْ يُضَيِّقْ فِيهِ كَذَا قِيلَ وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ وَشَمِلَ الضَّرَرُ مَا لَوْ زَادَ مَرَضُهُ أَوْ خَشِيَ مِنْهُ طُولَ الْبُرْءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وَعَلَى الْمَرِيضِ مِنْ حَيْثُ خَفَّ مَرَضُهُ بِحَيْثُ لَا يُبَاحُ مَعَهُ تَرْكُ الصَّوْمِ أَنْ يَنْوِيَ قُبَيْلَ الْفَجْرِ، فَإِنْ عَادَ لَهُ الْمَرَضُ كَالْحُمَّى أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا، إنْ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهَا سَتَعُودُ لَهُ عَنْ قُرْبٍ، وَأَفْتَى الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ تَبْيِيتُ النِّيَّةِ فِي رَمَضَانَ كُلَّ لَيْلَةٍ، ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ مُطْبِقًا فَلَهُ تَرْكُ النِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ.

قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَلَا أَثَرَ لِلْمَرَضِ الْيَسِيرِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ الْأُذُنِ وَالسِّنِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ بِالصَّوْمِ فَيُفْطِرَ، وَمَنْ خَافَ الْهَلَاكَ لِتَرْكِ الْأَكْلِ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ.

قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

عَلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ كَمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ حَسِبَتْ الْمُدَّةَ مِنْ الْوِلَادَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا الْإِشَارَةُ إلَيْهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ فِيمَا مَضَى (قَوْلُهُ: حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا) لَعَلَّهُ يَقُولُ بِوُجُوبِ الضَّرَرِ لِلصَّلَاةِ وَلَا يَجِبُ لِلصَّوْمِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ عَلَى الصَّبِيِّ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ تَرْكُهُ) وَيَنْبَغِي قِيَاسًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِخْبَارِ طَبِيبٍ عَدْلٍ مُسْلِمٍ وَإِلَّا فَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّرْكُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِقِيَامِ الْمَرَضِ وَتَأْثِيرِهِ فِي الْبَدَنِ فَيُدْرَكُ الْأَلَمُ الْحَاصِلُ بِالصَّوْمِ الْمُقْتَضِي لِلْفِطْرِ هُنَا بِخِلَافِهِ، ثُمَّ فَإِنَّ أَلَمَ الْغُسْلِ الْحَاصِلِ مِنْ الْوُضُوءِ إنَّمَا يَحْصُلُ بَعْدَهُ فَاحْتِيجَ فِيهِ لِلسُّؤَالِ (قَوْلُهُ: وَنُظِرَ فِيهِ) وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ لُزُومَ الْقَضَاءِ لِلْمَجْنُونِ إذَا تَعَدَّى إنَّمَا هُوَ لِلتَّغْلِيظِ وَإِلَّا فَأَصْلُ الْجُنُونِ لَا قَضَاءَ مَعَهُ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ، بِخِلَافِ الْمَرَضِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مُطْلَقًا.

وَحَاصِلُ الْفَرْقِ أَنَّهُ فَصْلٌ فِي الْمَجْنُونِ بَيْنَ التَّعَدِّي بِسَبَبِ الْجُنُونِ وَعَدَمِهِ، وَعُمِّمَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمَرِيضِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ خَفَّ مَرَضُهُ) أَيْ قُبَيْلَ الْفَجْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْبَقَ مَرَضُهُ أَوْ كَانَ وَقْتَ الْفَجْرِ مَحْمُومًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ النِّيَّةُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْحَصَّادِينَ) وَمِثْلُهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ سَائِرِ الْعَمَلَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مِنْهُمْ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُدُ لِنَفْسِهِ أَوْ بِأُجْرَةٍ أَوْ تَبَرُّعًا وَإِنْ لَمْ يَنْحَصِرْ الْأَمْرُ فِيهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْمُرْضِعَةِ إنْ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ لَيْلًا أَوْ لَمْ يُغْنِهِ فَيُؤَدِّي لِتَلَفِهِ أَوْ نَقْصِهِ نَقْصًا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَسَيَأْتِي فِي إنْقَاذِ الْمُحْتَرَمِ مَا يُؤَيِّدُهُ خِلَافًا لِمَنْ أَطْلَقَ فِي نَحْوِ الْحَصَادِ الْمَنْعُ وَلِمَنْ أَطْلَقَ الْجَوَازُ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبَحْ التَّيَمُّمُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ حَجّ: إنْ خَافَ عَلَى الْمَالِ إنْ صَامَ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمُبِيحِ التَّيَمُّمِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ مُطْبِقًا) أَيْ أَوْ كَانَ مَحْمُومًا وَقْتَ الْفَجْرِ اهـ مُحَلًّى (قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْأَكْلِ) أَيْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ مَثَلًا (قَوْلُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُخَفْ الْهَلَاكُ لَكِنْ خَافَ بُطْءَ الْبُرْءِ أَوْ الشَّيْنَ الْفَاحِشَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

التَّصْرِيحُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ) هُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا لِلشِّهَابِ حَجّ فَإِنَّهُ جَعَلَهُ شَرْطًا لِوُجُوبِ الْفِطْرِ لَا لِمُجَرَّدِ إبَاحَتِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ) هَذَا النَّظَرُ لَا يُلَاقِي غَرَضَ الْفَارِقِ، فَإِنَّ غَرَضَهُ أَنَّ مَنْ تَعَاطَى مَا يُمْرِضُهُ لِيُفْطِرَ لَمْ نُعَامِلْهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَنُلْزِمْهُ الصَّوْمَ بَلْ أَبَحْنَا لَهُ الْفِطْرَ.

وَمَنْ تَعَاطَى الْمُجَنِّنَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ قَضَاءُ الصَّلَاةِ عَامَلْنَاهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَأَلْزَمْنَاهُ الْقَضَاءَ (قَوْلُهُ ثُمَّ مَنْ لَحِقَهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ، وَلَعَلَّ الْأَذْرَعِيَّ يَرَى مَا رَآهُ الشِّهَابُ حَجّ، وَقِيَاسُ طَرِيقَةِ الشَّارِحِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنَّهَا تُبِيحُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخَافَ الزِّيَادَةَ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>