للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ.

فَإِنْ صَامَ فَفِي انْعِقَادِهِ احْتِمَالَانِ، أَوْجَهُهُمَا انْعِقَادُهُ مَعَ الْإِثْمِ وَلِمَنْ غَلَبَهُ الْجُوعُ أَوْ الْعَطَشُ حُكْمُ الْمَرِيضِ

(وَ) يُبَاحُ (تَرْكُهُ لِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا) سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ رَمَضَانَ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ نَذْرًا وَلَوْ تَعَيَّنَ أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً، بِخِلَافِ السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَسَفَرِ الْمَعْصِيَةِ لِمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ وَلِيَتَمَيَّزَ الْفِطْرُ الْمُبَاحُ مِنْ غَيْرِهِ، وَبَحَثَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ تَقْيِيدَ الْفِطْرِ بِهِ بِمَنْ يَرْجُو إقَامَةً يَقْضِي فِيهَا، بِخِلَافِ مُدِيمِ السَّفَرِ أَبَدًا لِأَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْفِطْرِ لَهُ تَغْيِيرَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الْقَصْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ، وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مَا لَوْ كَانَ الْمُسَافِرُ يُطِيقُ الصَّوْمَ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ لِمَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ غَيْرِهِ

(وَلَوْ) (أَصْبَحَ) الْمُقِيمُ (صَائِمًا فَمَرِضَ) (أَفْطَرَ) لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُحَوِّجِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَلِمَا صَحَّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ يَقْدَحُ مَاءً لِمَا قِيلَ لَهُ إنَّ النَّاسَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ الصِّيَامُ» (وَإِنْ سَافَرَ فَلَا) يُفْطِرُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ اجْتَمَعَ فِيهَا الْحَضَرُ وَالسَّفَرُ فَغَلَّبْنَا جَانِبَ الْحَضَرِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَلَوْ نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ امْتَنَعَ الْفِطْرُ أَيْضًا لِلشَّكِّ فِي مُبِيحِهِ، فَإِنْ فَارَقَ الْعُمْرَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سُورٍ، وَالسُّورُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَهُ الْفِطْرُ، وَشَمِلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ الْفِطْرِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ مَا لَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَوْ زِيَادَةَ الْمَرَضِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَعَ ذَلِكَ حُرْمَةُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لِلْمَاءِ بَدَلًا تُفْعَلُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي وَقْتِهَا فَمُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ الْمُؤَدِّي لِلضَّرَرِ مَعَ إمْكَانِ الْعُدُولِ عَنْهُ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّ الْإِفْطَارَ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْعِبَادَةِ عَنْ وَقْتِهَا وَإِنْ أَمْكَنَ الْقَضَاءُ، لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّهُ مَتَى خَافَ مَرَضًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَجَبَ الْفِطْرُ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُبَاحُ تَرْكُهُ لِلْمَرِيضِ: أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا بِحَيْثُ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ.

وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ خَوْفِ الْمَرَضِ أَوْ زِيَادَتِهِ مَا لَوْ قَدِمَ الْكُفَّارُ بَلْدَةً مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مَثَلًا وَاحْتَاجُوا فِي دَفْعِهِمْ إلَى الْفِطْرِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الْقِتَالِ إلَّا بِهِ جَازَ لَهُمْ، بَلْ قَدْ يَجِبُ إنْ تَحَقَّقُوا تَسَلُّطَ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ لَمْ يُقَاتِلُوهُمْ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مُدِيمِ السَّفَرِ) قَالَ حَجّ: وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ اهـ.

وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّ لِلصَّوْمِ بَدَلًا وَهُوَ الْإِطْعَامُ فَبِتَقْدِيرِ فِطْرِهِ لَا يَفُوتُ النَّذْرُ (قَوْلُهُ: تَغْيِيرَ حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ فِطْرِهِ ذَلِكَ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِ السَّفَرِ فَقَدْ يُصَادِفُ أَنَّ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ مَشَقَّةً قَوِيَّةً كَشِدَّةِ حَرٍّ فَيُفْطِرُ وَيَقْضِيهِ فِي زَمَنٍ لَيْسَ فِيهِ تِلْكَ الْمَشَقَّةُ كَزَمَنِ الشِّتَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِسَبَبِ الصَّوْمِ ضَرَرٌ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَإِلَّا جَازَ لَهُ الْفِطْرُ بَلْ وَجَبَ

(قَوْلُهُ: «أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ» ) لَا يُقَالُ: إنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَصَلَ لَهُ مَرَضٌ أَفْطَرَ لِأَجْلِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: يَجُوزُ أَنَّ فِطْرَهُ لِسَبَبٍ آخَرَ اتَّفَقَ حُصُولُهُ إذْ ذَاكَ وَيَحْصُلُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِطْرَهُ سَبَبًا لِفِطْرِ النَّاسِ لِلْمَشَقَّةِ الْحَاصِلَةِ لَهُمْ، هَذَا وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانُوا مُسَافِرِينَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِدْلَال بِمَا ذُكِرَ عَلَى أَنَّ طُرُوُّ الْمَرَضِ يُبِيحُ الْفِطْرَ لِأَنَّ السَّفَرَ فِي نَفْسِهِ مُبِيحٌ وَإِنْ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَائِمًا، وَجَعَلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِطْرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا ذُكِرَ دَلِيلًا لِجَوَازِ الْفِطْرِ لِلْمُقِيمِ الَّذِي نَوَى لَيْلًا ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ) هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ عُسْفَانَ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ نَذَرَ إتْمَامَهُ) أَيْ إتْمَامَ رَمَضَانَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قِيَاسُ مَا مَرَّ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ الْمَرَضِ لَا زِيَادَةُ مُجَرَّدِ الْوَجَعِ

(قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحْصَرِ يُرِيدُ التَّحَلُّلَ وَلِيَتَمَيَّزَ الْفِطْرُ إلَخْ) لَا مَحَلَّ لَهُ هُنَا وَإِنَّمَا مَحَلُّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ التَّرَخُّصِ نِيَّتُهُ فَإِنَّ هَذَيْنِ تَعْلِيلَانِ لَهُ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ

(قَوْلُهُ وَلِمَا صَحَّ مِنْ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْطَرَ بَعْدَ الْعَصْرِ» إلَخْ) مَحَلُّهُ بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي

وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَ الْفِطْرَ جَازَ كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>