الْمُتَأَخِّرُونَ وَصَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ.
قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَحَدِيثُهَا حَسَنٌ، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَرَى فِي الْمَجْمُوعِ وَالتَّحْقِيقِ عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا وَأَنَّ فِي نَدْبِهَا نَظَرًا، وَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ بِعَظِيمِ فَضْلِهَا وَيَتْرُكُهَا إلَّا مُتَهَاوِنٌ بِالدِّينِ، وَالطَّعْنُ فِي نَدْبِهَا بِأَنَّ فِيهَا تَغْيِيرًا لِنَظْمِ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعْفِ حَدِيثِهَا، فَإِذَا ارْتَقَى إلَى دَرَجَةِ الْحَسَنِ أَثْبَتَهَا، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ذَلِكَ، وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ أَوَّلَ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةَ نِصْفِ شَعْبَانَ بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ مَذْمُومَتَانِ وَحَدِيثُهُمَا بَاطِلٌ، وَقَدْ بَالَغَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي إنْكَارِهَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ صَلَاتِهَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ، وَمَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْفَرْقِ فِي الْأُولَى وَأَنَّ الثَّانِيَةَ تُنْدَبُ فُرَادَى قَطْعًا فَقَدْ وَهَمَ، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا مَعَ أَنَّ الْمَلْحَظَ بُطْلَانُ حَدِيثِهِمَا، وَأَنَّ فِي نَدْبِهِمَا بِخُصُوصِهِمَا جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى إحْدَاثَ شِعَارٍ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فِي الصَّلَوَاتِ سِيَّمَا مَعَ تَوْقِيتِهِمَا بِوَقْتٍ مَخْصُوصٍ، وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ ثُمَّ رَكْعَتَا فَجْرٍ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَخَبَرُ «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» مَحْمُولُ عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ، ثُمَّ بَاقِي رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ ثُمَّ الضُّحَى ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ غَيْرِ سُنَّةِ وُضُوءٍ كَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ، وَإِحْرَامٍ وَتَحِيَّةٍ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ، ثُمَّ سُنَّةُ وُضُوءٍ ثُمَّ نَفْلٌ مُطْلَقٌ. وَالْمُرَادُ بِالتَّفْضِيلِ مُقَابَلَةُ جِنْسٍ بِجِنْسٍ، وَلَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ الشَّارِعِ الْعَدَدَ الْقَلِيلَ أَفْضَلَ مِنْ الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ بِدَلِيلِ الْقَصْرِ فِي السَّفَرِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ أَوْلَى قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ
(وَقِسْمٌ) مِنْ النَّفْلِ (يُسَنُّ جَمَاعَةً) أَيْ تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مُسْتَحَبٌّ مُطْلَقًا صُلِّيَ جَمَاعَةً أَمْ لَا (كَالْعِيدِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ) وَسَتَأْتِي فِي أَبْوَابِهَا وَأَفْضَلُهَا الْعِيدَانِ النَّحْرُ فَالْفِطْرُ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فِي التَّهْذِيبِ) أَيْ تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ (قَوْلُهُ: وَصَلَاةُ الرَّغَائِبِ) لَمْ يُبَيِّنْ عَدَدَ رَكَعَاتِهَا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: بِدْعَتَانِ قَبِيحَتَانِ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالصَّلَاةُ نَفْسُهَا صَحِيحَةٌ إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا نَفْلٌ نُهِيَ عَنْهُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي فِعْلُهَا إلَيْهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا بِخُصُوصِهَا. نَعَمْ إنْ نَوَى بِهَا سَبَبًا مُعَيَّنًا كَسُنَّةِ الرَّغَائِبِ فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ. وَعِبَارَةُ حَجّ فِي رَدِّ كَلَامٍ لِلسُّهْرَوَرْدِيِ: وَمَنْ اسْتَحْضَرَ كَلَامَهُمْ فِي رَدِّ صَلَوَاتٍ ذُكِرَتْ فِي أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ، وَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الصَّلَوَاتُ بِتِلْكَ النِّيَّاتِ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا الصُّوفِيَّةُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرِدَ لَهَا أَصْلٌ فِي السُّنَّةِ. اهـ.
وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الثَّانِيَةَ) أَيْ صَلَاةَ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُ هَذَا الْقِسْمِ الْوِتْرُ) أَيْ وَلَوْ بِرَكْعَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ. وَإِنْ كَرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا.
وَعِبَارَةُ حَجّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَكْثَرُهَا ثِنْتَا عَشْرَةَ مَا نَصُّهُ: وَكَرَكْعَةِ الْوِتْرِ أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَا تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ غَيْرِ سُنَّةِ وُضُوءٍ) وَمِنْهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ سَنِّ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ إرَادَةِ سَفَرٍ بِمَنْزِلِهِ إلَى آخِرِ مَا قَدَّمَهُ فَيَكُونُ بَعْدَ الضُّحَى وَقِيلَ سُنَّةُ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ) . اقْتِصَارُهُ عَلَى الْحُكْمِ بِاسْتِوَاءِ الثَّلَاثَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ لَيْسَ فِي رُتْبَتِهَا، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى سُنَّةِ الْوُضُوءِ، وَمُرَادُهُ بِالثَّلَاثَةِ قَوْلُهُ: كَرَكْعَتَيْ طَوَافٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْكُسُوفِ) أَيْ وَكَوِتْرِ رَمَضَانَ وَالتَّرَاوِيحِ وَصَرَّحَ بِهَا بَعْدُ لِلْخِلَافِ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ فَلَا يُقَالُ تَعْقِيدُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالتَّرَاوِيحِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ وَالرَّوَاتِبَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّرَاوِيحِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ قِيلَ أَفْضَلُ النَّفْلِ (قَوْلُهُ: لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ) أَيْ مِنْ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ) لَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ بَلْ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا يَأْتِي مِنْ ذَاتِ الْوَقْتِ، وَالسَّبَبُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ هَذَا عَنْهُ.
[قِسْمٌ مِنْ النَّفْلِ يُسَنُّ جَمَاعَةً]
(قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهَا الْعِيدَانِ) أَيْ صَلَاتُهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ السِّيَاقِ، لَكِنَّ دَلِيلَهُ الْآتِيَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ التَّفْضِيلُ فِي ذَاتِ الْأَيَّامِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِ الْأَيَّامِ تَفْضِيلُ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ فَالدَّلِيلُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ التَّكْبِيرُ.