للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ صَلُبَتْ الْأَرْضُ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

أَمَّا الرِّخْوَةُ وَهِيَ الَّتِي تَتَهَاوَرُ وَلَا تَتَمَاسَكُ فَالشَّقُّ أَفْضَلُ خَشْيَةَ الِانْهِيَارِ

(وَيُوضَعُ) نَدْبًا (رَأْسُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ) أَيْ مُؤَخَّرِهِ الَّذِي سَيَصِيرُ عِنْدَ سُفْلِهِ رِجْلُ الْمَيِّتِ (وَيُسَلُّ) الْمَيِّتُ (مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ) سَلًّا (بِرِفْقٍ) مِنْ غَيْرِ عُنْفٍ؛ لِأَنَّهُ السُّنَّةُ فِي إدْخَالِهِ.

أَمَّا الْوَضْعُ كَذَلِكَ فَلِمَا صَحَّ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ.

وَأَمَّا السَّلُّ فَلِمَا صَحَّ أَنَّهُ فُعِلَ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ أُدْخِلَ مِنْ قِبَلِ الْقِبْلَةِ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لِأَنَّ شَقَّ قَبْرِهِ لَاصِقٌ بِالْجِدَارِ، وَلَحْدُهُ تَحْتَ الْجِدَارِ فَلَا مَحَلَّ هُنَاكَ يُوضَعُ فِيهِ، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ (وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ الرِّجَالُ) مَتَى وُجِدُوا وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أُنْثَى، بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا، وَلِمَا صَحَّ مِنْ أَمْرِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا طَلْحَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِي قَبْرِ ابْنَتِهِ أُمِّ كُلْثُومٍ مَعَ أَنَّ لَهَا مَحَارِمَ مِنْ النِّسَاءِ كَفَاطِمَةَ وَغَيْرِهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -.

نَعَمْ يُنْدَبُ لَهُنَّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا إلَى النَّعْشِ وَتَسْلِيمَهَا لِمَنْ فِي الْقَبْرِ وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ، وَمَا وَقَعَ فِي الْمَجْمُوعِ تَبَعًا لِرَاوِي الْحَدِيثِ أَنَّهَا رُقَيَّةُ رَدَّهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْأَوْسَطِ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ مَوْتَ رُقَيَّةَ وَلَا دَفْنَهَا: أَيْ لِأَنَّهُ كَانَ بِبَدْرٍ (وَأَوْلَاهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ بِذَلِكَ (الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ) عَلَيْهِ دَرَجَةً، وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ، وَخَرَجَ بِدَرَجَةٍ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةً إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ الْأَقْرَبِ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ أَوْلَى مِنْ الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ هُنَا عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ

(قَوْلُهُ: وَيُدْخِلُهُ الْقَبْرَ) أَيْ نَدْبًا حَجّ (قَوْلُهُ: الرِّجَالُ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَا يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ حَيْثُ كَانَ فِيهِمْ قُوَّةٌ، (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ النِّسَاءِ لِضَعْفِهِنَّ) أَيْ فَيَكُونُ مَكْرُوهًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ، وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ: وَظَاهِرُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَكَلَامِ الشَّامِلِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ عِنْدَ وُجُودِهِمْ وَتَمَكُّنِهِمْ، وَاسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: أَنْ يَلِينَ حَمْلَ الْمَرْأَةِ مِنْ مُغْتَسَلِهَا) وَكَذَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي هِيَ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَى الْمُغْتَسَلِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِنَّ (قَوْلُهُ: وَحَلَّ ثِيَابِهَا فِيهِ) مِثْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ حَجّ: شِدَادُهَا فِيهِ: فَيُحْمَلُ كَلَامُهَا عَلَيْهِ، (قَوْلُهُ: إذْ الْأَفْقَهُ أَوْلَى مِنْ الْأَسَنِّ) أَيْ فَالْفَاضِلُ صِفَةً يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ دَرَجَتُهُ أَقْرَبَ فَلَيْسَ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَةِ مَخْصُوصًا بِالْمُسْتَوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجِ قَوْلِهِ دَرَجَةً قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ: أَيْ مِنْ حَيْثُ الدَّرَجَاتِ لَا الصِّفَاتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ: أَيْ بِالدَّفْنِ عَلَى الْأَقْرَبِ وَالْأَسَنِّ، وَالْبَعِيدُ الْفَقِيهُ عَلَى الْأَقْرَبِ غَيْرِ الْفَقِيهِ، وَثَمَّ بِالْعَكْسِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْفَقِيهِ عَلَى الْأَسَنِّ غَيْرِ الْفَقِيهِ وَهُوَ مُسَاوٍ لِمَا مَرَّ ثَمَّةَ اهـ.

وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَخْ: أَيْ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الدَّرَجَةِ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ مَا مَرَّ تَتِمَّةً فَتَأَمَّلْ.

لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ هُنَا الْأَفْقَهُ إلَخْ فِيهِ التَّقْدِيمُ بِالصِّفَاتِ فَيُخَالِفُ مَا رَتَّبَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ التَّقْدِيمَ بِالدَّرَجَاتِ لَا بِالصِّفَاتِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّهُ إذَا تَجَرَّدَتْ الدَّرَجَاتُ رَاعَيْنَا مَا فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا وُجِدَتْ الصِّفَاتُ لَمْ يُرَاعَ مَا فِي الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تَقَدُّمَ إلَّا بِالدَّرَجَاتِ وَلَا تَقَدُّمَ بِالصِّفَاتِ كَمَا يُتَوَهَّمُ، وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا الصِّفَاتِ: أَيْ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ نُقَدِّمْ هُنَا بِالصِّفَاتِ الْمُقَدَّمِ بِهَا فِي الصَّلَاةِ بَلْ بِعَكْسِهَا، فَلَا إشْكَالَ بِوَجْهٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَالِيَ لَا حَقَّ لَهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ، قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَازَعَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُ أَحَقُّ فَلَهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ]

قَوْلُهُ: الْأَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ دَرَجَةٌ) أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ فِي صِفَةِ الْفِقْهِ أَوْ عَدَمِهَا بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ الْأَوْلَى بِهَا صِفَةٌ) الْمُرَادُ بِالصِّفَةِ هُنَا خُصُوصُ الْفِقْهِ لَا مُطْلَقُ الصِّفَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُقَالُ لِأَيِّ مَعْنًى: لَمْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِيَكُونَ أَفْيَدَ ثُمَّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْأَفْقَهُ.

وَاسْتِثْنَاءُ صُورَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَتْنِ مَعَ إبْقَائِهِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَسْهَلُ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ إطْلَاقِهِ لِأَجْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ: عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ) هُوَ عَكْسُ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ جِهَتَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>