زَاعِمٌ أَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَالَةً أَسْقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَأَحَلَّتْ لَهُ شُرْبَ الْخَمْرِ وَأَكْلَ مَالِ السُّلْطَانِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُ الْمُتَصَوِّفَةِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِ وَإِنْ كَانَ فِي خُلُودِهِ فِي النَّارِ نَظَرٌ وَقَتْلُ مِثْلِهِ أَفْضَلُ مِنْ قَتْلِ مِائَةِ كَافِرٍ؛ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَكْثَرُ
. كِتَابُ الْجَنَائِزِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ اسْمٌ لِذَلِكَ وَبِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَهُوَ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ عَكْسُهُ، وَقِيلَ لُغَتَانِ فِيهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْمَيِّتُ فَهُوَ سَرِيرٌ وَنَعْشٌ، وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ لَوْ قَالَ أُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بِكَسْرِ الْجِيمِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
بِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَأَكَلَ مَالَ السُّلْطَانِ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ السُّلْطَانَ قَبْضَهُ وَصَرْفَهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ وَيَمْنَعُهُ عَنْ صَرْفِهِ فِي مَصَارِفِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِاسْتِحْلَالِ الْجَمِيعِ بَلْ مَتَى اسْتَحَلَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَفَرَ [فَائِدَةٌ] مَرَاتِبُ الْكُفْرِ ثَلَاثَةٌ: أَحَدُهَا الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَصَاحِبُهُ مُتَدَيِّنٌ بِهِ وَمَفْطُورٌ عَلَيْهِ. وَثَانِيهَا الرُّجُوعُ إلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَقْبَحُ وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا الْإِسْلَامُ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ الْجِزْيَةُ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالْمَنُّ وَالْفِدَاءُ وَثَالِثُهَا السَّبُّ وَهُوَ أَقْبَحُ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَدَيَّنُ بِهِ، وَفِيهِ إزْرَاءٌ بِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِلْقَاءِ الشُّبْهَةِ فِي الْقُلُوبِ الضَّعِيفَةِ فَلِذَلِكَ كَانَتْ جَرِيمَتُهُ أَقْبَحَ الْجَرَائِمِ، وَلَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ، بِخِلَافِ الْقِسْمِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ فِي الثَّانِي قَدْ يَكُونُ لَهُ شُبْهَةٌ فَتَحِلُّ عَنْهُ، وَالسَّبُّ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا، فَلَا يَمْتَنِعُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُ حَتَّى يُقْتَلَ تَطْهِيرًا لِلْأَرْضِ مِنْهُ، فَإِنْ أَسْلَمَ أَعْصَمَ نَفْسَهُ فَهَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي سَبَبِ الْإِعْرَاضِ مَعَ الْقَوْلِ بِقَبُولِ التَّوْبَةِ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا أَنَّ الْكُفَّارَ الْأَصْلِيِّينَ لَا يُقَاتَلُونَ فِي الْأَوَّلِ حَتَّى يُنْذَرُوا، فَإِذَا بَلَغَتْهُمْ الدَّعْوَةُ وَالنِّذَارَةُ جَازَتْ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ وَسَبْيُهُمْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَلَغَتْهُمْ وَزَالَ عُذْرُهُمْ، فَإِنْ أَسْلَمُوا عَصَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَ الْمُرْتَدُّ بِغَيْرِ السَّبِّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِشُبْهَةٍ فَتُزَالُ بِالِاسْتِتَابَةِ، وَلِهَذَا تَرَدَّدَ الْعُلَمَاءُ فِي تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ وَتَوْبَةِ مَنْ وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ هَلْ تُقْبَلُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُمَا اهـ مِنْ السَّيْفِ الْمَسْلُولِ عَلَى مَنْ سَبَّ الرَّسُولَ لِلسُّبْكِيِّ
كِتَابُ الْجَنَائِزِ. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْجِيمِ) أَيْ أَوْ بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ الْفَتْحَ وَالْكَسْرَ مُشْتَرِكَانِ فِي الْمَيِّتِ وَالنَّعْشِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ اهـ. وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرِدْ إلَخْ: أَيْ فَإِنْ أَرَادَهُ لَمْ يَصِحَّ وَيَنْبَغِي وَلَوْ مَعَ الْمَيِّت هَذَا، وَفُهِمَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْمَيِّتَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّعْشِ لَا تُطْلَقُ عَلَيْهِ الْجِنَازَةُ لَا بِالْفَتْحِ وَلَا بِالْكَسْرِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِنَعْشٍ وَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَشَارَ إلَيْهِ إشَارَةً قَلْبِيَّةً صَحَّ وَلَا يَضُرُّ تَسْمِيَتُهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ، وَكَذَا إنْ قَصَدَ بِالْجِنَازَةِ الْمَيِّتَ وَيَكُونُ لَفْظُ الْجِنَازَةِ مَجَازًا عَنْ الْمَيِّتِ وَإِنْ قَصَدَ مُسَمَّى الْجِنَازَةِ لُغَةً أَوْ أَطْلَقَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْمَيِّتِ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْهِ. وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ لَفْظَهُ مُحْتَمِلٌ
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ هَذَا رَاجِعًا لِأَوَّلِ الْأَقْوَالِ الْمَجْزُومِ بِهِ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْكَسْرِ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى غَيْرِهِ فَمَا الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ؟ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى جَمِيعِهَا لَمْ يَصِحَّ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ حَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلْمَيِّتِ فِي النَّعْشِ صَحَّتْ النِّيَّةُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا النَّعْشَ كَمَا قَالَ وَحَيْثُ قِيلَ إنَّهَا اسْمٌ لِلنَّعْشِ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَحَّتْ إنْ أَرَادَ الْمَيِّتَ لِمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْمَجَازَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَصْدٍ خَاصٍّ وَانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ لِلْحَقِيقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute