وَهُوَ الْوُصُولُ لِآخِرِ رَمَقٍ (وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ) بِقَتْلِهِ (الْقِصَاصُ) وَيُوَرَّثُ مِنْ قَرِيبِهِ الَّذِي مَاتَ وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ لِاحْتِمَالِ اسْتِمْرَارِ حَيَاتِهِ مَعَ انْتِفَاءِ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْجِنَايَةِ لِوُجُودِ السَّبَبِ، وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا.
أَمَّا الْأَقْوَالُ كَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَتَصَرُّفٍ فَهُمَا فِيهَا سَوَاءٌ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِمَا مِنْهُمَا، وَلَوْ انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُهُ، وَاسْتَمَرَّ مَحْمُومًا حَتَّى هَلَكَ فَإِنْ قَالَ طَبِيبَانِ عَدْلَانِ إنَّهَا مِنْ الْجُرْحِ وَجَبَ الْقَوَدُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ وَوَطَّأَ لَهَا بِمَسَائِلَ يُسْتَفَادُ مِنْهَا بَعْضُ شُرُوطٍ أُخْرَى كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ، إذَا (قَتَلَ) مُسْلِمٌ (مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ) يَعْنِي حِرَابَتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهَا: أَيْ هَلْ هُوَ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ فَذِكْرُهُ الظَّنَّ تَصْوِيرٌ، أَوْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ أَوْ الْإِشَارَةَ لِخِلَافٍ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ أَوْ رَآهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ (بِدَارِ الْحَرْبِ) وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ مَعَ هَذَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ غَيْرُ رِدَّةٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا تَعْظِيمُ آلِهَتِهِمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِاحْتِمَالِ إكْرَاهٍ أَوْ نَحْوِهِ.
وَأَمَّا جَعْلُ الرَّافِعِيِّ الْأَوَّلَ رِدَّةً مَعَ ذِكْرِهِ لَهُ هُنَا كَذَلِكَ فَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى مَقَالَةِ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى قَصْدِ مُجَرَّدِ التَّصْوِيرِ أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الثَّانِي بَلْ أَوْلَى (فَلَا قِصَاصَ) لِوُضُوحِ الْعُذْرِ (وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ) وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْ حِرَابَتَهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حُرْمَةَ نَفْسِهِ وَثُبُوتُهَا مَعَ الشُّبْهَةِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، نَعَمْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ جَزْمًا؛ لِأَنَّهُ مُسْلِمٌ فِي الْبَاطِنِ وَلَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ جِنَايَةٌ تَقْتَضِي إهْدَارَهُ مُطْلَقًا.
وَالثَّانِي تَجِب الدِّيَةُ لِثُبُوتِهَا مَعَ الشُّبْهَةِ وَخَرَجَ بِظَنِّ حِرَابَتِهِ الصَّادِقُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الْحَاصِلُ بِالْجَرْحِ فَهُوَ جُرْحٌ بِالضَّمِّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ جَرَحَهُ جَرْحًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَالْجُرْحُ بِالضَّمِّ الِاسْمُ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ النَّزْعُ
(قَوْلُهُ: وَتَصَرُّفٍ فَهُمَا) أَيْ الْمَرِيضُ وَمَنْ عَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ بِجِنَايَةٍ.
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِهِ) أَيْ الظَّنِّ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِشَارَةَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ، وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ فِي هَذَا الْمَقَامِ: وَهَذَا أَيْ عَدَمُ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ ظُنَّ حِرَابَتِهِ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّهُ فَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرَ، فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِخِلَافٍ لَا فِي الظَّنِّ وَلَا فِي عَدَمِهِ
(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيُّ الْكُفَّارِ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ (قَوْلُهُ: بِدَارِ الْحَرْبِ) خَرَجَ بِهِ دَارُنَا فَتَكُونُ رِدَّةً
(قَوْلُهُ: وَإِثْبَاتُ إسْلَامِهِ مَعَ هَذَيْنِ) أَيْ التَّزَيِّيِ وَالتَّعْظِيمِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ رِدَّةٍ مُطْلَقًا) بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِهَا
(قَوْلُهُ: هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ سَبَبًا لِظَنِّ حِرَابَتِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلِّ كَلَامِهِ) أَيْ ثَمَّ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ إلَخْ، وَمَا هُنَا مُصَوَّرٌ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا تَنَاقُضَ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِي نَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ: وَعَلَى كَلَامِهِ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ أَنَّ التَّزَيِّيَ بِزِيِّهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ رِدَّةٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ.
وَالْجَوَابُ بِهِ لَعَلَّهُ عَلَى التَّنَزُّلِ، وَتَقْدِيرُ أَنَّهُ رَدَّ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ
(قَوْلُهُ: وَثُبُوتُهَا) أَيْ الدِّيَةُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ]
(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْقَوَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيٌّ) اُنْظُرْ لِمَ صَوَّرَ بِهِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ شَكَّ فِي أَنَّهُ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ) شَمِلَ الْوَهْمَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَحَلُّ كَلَامِهِ) يُوجَدُ فِي نُسَخِ الشَّارِحِ إذْ بَدَلُ لَفْظِ أَوْ وَلَيْسَ بِصَوَابٍ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ فِي الثَّانِي) أَيْ مِنْ احْتِمَالِ الْإِكْرَاهِ