للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِعَهْدِهَا وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ انْتَفَى ظَنُّهَا وَعَهْدُهَا، فَإِنْ عَهِدَ أَوْ ظَنَّ إسْلَامَهُ وَلَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ شَكَّ فِيهِ وَكَانَ بِدَارِنَا لَزِمَهُ الْقَوَدُ لِتَقْصِيرِهِ أَوْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِصَفِّهِمْ فَهَدَرٌ لِمَا مَرَّ، وَشَرْطُ الْقَوَدِ بَلْ الضَّمَانِ عِلْمُ مَحَلِّ الْمُسْلِمِ وَمَعْرِفَةُ عَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ أَوْ قَصَدَ كَافِرًا فَأَصَابَهُ أَوْ شَخْصًا فَكَانَ هُوَ فَهَدَرٌ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا كَمَا لَوْ قَتَلَهُ فِي بَيَاتٍ أَوْ إغَارَةٍ وَلَمْ يَظُنَّ إسْلَامَهُ لِعُذْرِهِ فِي الْكُلِّ، وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ ذِمِّيٌّ لَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ فَيُقْتَلُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّ فِي نَصِّ الشَّافِعِيِّ مَا يَشْهَدُ لَهُ (أَوْ) قَتَلَ مَنْ ظَنَّ حِرَابَتَهُ وَلَمْ يَعْهَدْهَا (بِدَارِ الْإِسْلَامِ) وَلَمْ يَكُنْ فِي صَفِّ الْحَرْبِيِّينَ وَلَمْ يَرَهُ يُعَظِّمُ آلِهَتَهُمْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (وَجَبَا) أَيْ الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْبَدَلِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ مَنْ بِدَارِنَا الْعِصْمَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى زِيِّهِمْ (وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ) أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَلْ الدِّيَةُ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ عَهِدَهُ حَرْبِيًّا فَإِنْ ظَنَّهُ حَرْبِيًّا قُتِلَ قَطْعًا بِخِلَافِ مَنْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ يَكْفِي ظَنُّ كَوْنِهِ حَرْبِيًّا وَإِنْ لَمْ يَعْهَدْهُ نَظَرًا لِلدَّارِ.

أَمَّا مُجَرَّدُ ظَنِّ الْكُفْرِ فَيَجِبُ مَعَهُ الْقَوَدُ مُطْلَقًا (أَوْ) قَتَلَ (مَنْ عَهِدَهُ) أَوْ ظَنَّهُ (مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا) يَعْنِي كَافِرًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَوْ بِدَارِهِمْ (أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافَهُ) أَيْ أَنَّهُ أَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْ أَبَاهُ (فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ) عَلَيْهِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَعَدُّهُ أَوْ ظَنُّهُ لَا يُبِيحُ لَهُ ضَرْبًا وَلَا قَتْلًا، وَلَوْ فِي الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ، وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ بِأَنَّهُ يُخَلَّى بِالْمُهَادَنَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

(قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ فِيهِ وَكَانَ بِدَارِنَا) أَيْ وَلَيْسَ بِصِفَتِهِمْ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِوُضُوحِ الْعُذْرِ

(قَوْلُهُ: وَشَرْطُ الْقَوَدِ) الْمُتَبَادِرِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِمَا لَوْ عَهِدَ إسْلَامَهُ أَوْ ظَنَّهُ مُطْلَقًا أَوْ شَكَّ فِيهِ بِدَارِنَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ هِيَ الَّتِي اُعْتُبِرَ فِيهَا وُجُوبُ الْقِصَاصِ، وَأَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِيهِ وَهُوَ بِدَارِهِمْ فَهَدَرٌ مُطْلَقًا عَرَفَ مَكَانَهُ أَوْ لَا، وَكَلَامُ الْمَنْهَجِ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُتَأَمَّلْ.

وَفِي الدَّمِيرِيِّ مَا يُوَافِقُ الْمَنْهَجَ وَعِبَارَتُهُ: وَاحْتُرِزَ عَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّهُ فَإِنْ عَرَفَ مَكَانَهُ فَكَمَا لَوْ قَتَلَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَخْ فَلَعَلَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ غَيْرُ مُرَادٍ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِي دَارِهِمْ مُسْلِمًا) قَضِيَّتُهُ: وَإِنْ عَرَفَ أَنَّهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ قَبْلُ عَلِمَ مَحَلَّ الْمُسْلِمِ وَمَعْرِفَةَ عَيْنِهِ فَلَعَلَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِنَا مُسْلِمٌ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إذَا قَتَلَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَعِنْ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) أَقُولُ: إنَّهُ لَوْ اسْتَعَانَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ لَمْ يُقْتَلْ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَعِينُ بِهِ غَيْرَ الْإِمَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ اسْتِعَانَةَ الْمُسْلِمِ بِهِ تَحْمِلُهُ عَلَى قَتْلِ الْحَرْبِيِّ خُصُوصًا إذَا ظَنَّ أَنَّ جَوَازَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ: أَوْ قَتَلَ مَنْ ظَنَّ) أَيْ مُسْلِمًا ظَنَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِ) وَقَدْ يُقَالُ وَجَبَ الْقِصَاصُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ أَوْ الدِّيَةُ إنْ لَمْ تُوجَدْ الْمُكَافَأَةُ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ قَوْلِهِ وَفِي الْقِصَاصِ إلَخْ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ عَهِدَهُ) التَّقْيِيدُ بِمَا ذُكِرَ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَلَمْ يَعْهَدْهَا

(قَوْلُهُ: أَمَّا مُجَرَّدُ) مُحْتَرَزِ قَوْلِهِ ظَنَّ حِرَابَتَهُ كَأَنْ كَانَ عَلَيْهِ زِيٌّ إلَخْ انْتَهَى سم عَلَى حَجّ

(قَوْلُهُ: ظَنِّ الْكُفْرِ) أَيْ لَا بِخُصُوصِ الْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ بِدَارِهِمْ أَوْ بِدَارِنَا (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ) أَيْ، وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَتْلَهُ لِلْإِمَامِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَهِدَهُ الْإِمَامُ مُرْتَدًّا فَقَتَلَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ، وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ.

وَاسْتَشْكَلَ بِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى مَنْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَأَخْلَفَ بِأَنَّ الظَّنَّ مُجَوِّزٌ لِلْقَتْلِ كَمَا أَنَّ الرِّدَّةَ مُجَوِّزَةٌ لِلْقَتْلِ مِنْ الْإِمَامِ.

وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ مِنْ أَحَدٍ، وَالْمُسْتَحِقُّ لَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ.

قَالَ سم عَلَى مَنْهَجٍ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ: وَالْأَوْجَهُ الْمَنْعُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

أَقُولُ: وَكَأَنَّ مُرَادَهُ مَنْعُ مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْإِمَامِ فَيَكُونُ الْأَوْجَهُ وُجُوبَ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي عَهْدِهِ حَرْبِيًّا إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِدَارِهِمْ أَمَّا بِدَارِنَا فَسَنَذْكُرُهُ آنِفًا، لَكِنْ قَدْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْحَرْبِيِّ) أَيْ إذَا كَانَ فِي دَارِهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>