صَالَحَهُ عَنْهَا فِي الْكُلِّ عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ، وَكَذَا الشُّفْعَةُ إنْ عَلِمَ بِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ، وَلِلْمُفْلِسِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا، وَلَا يُزَاحِمُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ بَلْ يَبْقَى ثَمَنُ مَا اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يُوسِرَ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي مُشْتَرَاهُ إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ، وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا جَازَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهَا، وَعَفْوُ الشَّفِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ لِلْمُشْتَرِي لَا يُسْقِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا شُفْعَتَهُ، وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ شَفَعَ الْوَارِثُ لَا وَلِيُّ الْحَمْلِ لِعَدَمِ تَيَقُّنِ وُجُودِهِ، فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ وَوَرِثَهَا الْحَمْلُ أُخِّرَتْ لِانْفِصَالِهِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ لِذَلِكَ، وَلَوْ تَوَكَّلَ الشَّفِيعُ فِي بَيْعِ الشِّقْصِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ فِي الْأَصَحِّ.
كِتَابُ الْقِرَاضِ هُوَ بِكَسْرِ الْقَافِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ، مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ: وَهُوَ الْقَطْعُ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْطَعُ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ أَوْ الْمُقَارَضَةِ وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ، أَوْ لِأَنَّ الْمَالَ مِنْ الْمَالِكِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْعَامِلِ، وَيُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ مُضَارَبَةً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ وَلِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنْ السَّفَرِ وَهُوَ يُسَمَّى ضَرْبًا، وَقَدْ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ بَيْنَ اللُّغَتَيْنِ.
وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ. وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ، وَكَانَ إذْ ذَاكَ ابْنَ نَحْوِ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: فَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ) أَيْ أَوْ كَوْنَهُ شَرِيكًا أَوْ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ حَيْثُ كَانَ يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِلْحِصَّةِ الْمَبِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى رَدِّ الثَّمَنِ لَوْ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا، وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لَأَخْذِ الشَّرِيكِ وَلَا لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ شَرِيكُهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِعُذْرٍ.
كِتَابُ الْقِرَاضِ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْمُقَارَضَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْقَرْضِ: أَيْ إنَّ الْقِرَاضَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُشْتَقًّا مِنْ الْقَرْضِ وَمِنْ الْمُقَارَضَةِ، وَهَذَا الصَّنِيعُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ دَفْعَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي لَا يُسَمَّى مُقَارَضَةً بَلْ قِرَاضًا وَمُضَارَبَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا، لَكِنَّ كَلَامَ الْمَحَلِّيِّ يُخَالِفُهُ حَيْثُ عَطَفَ الْمُقَارَضَةَ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَأَفَادَ أَنَّ الْقِرَاضَ وَالْمُقَارَضَةَ بِمَعْنًى، وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَيْهِ بِجَعْلِ " أَوْ " فِي كَلَامِهِ بِمَعْنَى الْوَاوِ (قَوْلُهُ: لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ) أَيْ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي مِقْدَارِهِ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ مِنْ الْعَامِلِ) أَيْ فَاسْتَوَيَا فِي أَنَّ مِنْ كُلٍّ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) مُقَابِلُ قَوْلِهِ: لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ (قَوْلُهُ: يَضْرِبُ بِسَهْمٍ) أَيْ يُحَاسَبُ بِسَهْمٍ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جَمَعَ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ قَوْلِهِ الْآتِي الْقِرَاضَ وَالْمُضَارَبَةَ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ شَهْرَيْنِ وَسَنَةٍ) عِبَارَةُ حَجّ:
[حاشية الرشيدي]
[كِتَابُ الْقِرَاضِ]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute