مِلْكَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ، لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا وَهِيَ غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْحَاكِمِ، وَتَخْرِيجُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقَاضِي لَا يَحْكُمُ بِالْمُوجَبِ بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْبَيْعِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا لِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي قِيلَ هُنَا يَأْتِي هُنَاكَ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حُكْمٌ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ شَيْءٍ بِلَفْظٍ خَاصٍّ. وَالْأَصْلُ فِيهَا آيَاتٌ كَآيَةِ {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ»
وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ وَمَشْهُودٌ بِهِ وَمَشْهُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةُ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي إلَّا الصِّيغَةَ وَهِيَ لَفْظُ أَشْهَدُ لَا غَيْرَ كَمَا يَأْتِي
(شَرْطُ الشَّاهِدِ) أَوْصَافٌ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ (مُسْلِمٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ ذُو مُرُوءَةٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ) نَاطِقٌ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ مُتَيَقِّظٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَضْدَادِ هَؤُلَاءِ كَكَافِرٍ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْفُسَّاقِ، وَأَمَّا خَبَرُ «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ» فَضَعِيفٌ وقَوْله تَعَالَى {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة: ١٠٦] أَيْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ أَوْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: ٢] وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِنَقْصِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِوِلَايَةٍ مُطْلَقًا وَلَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا فَاسِقٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَوْلِهِ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] وَهُوَ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَا مَرْضِيٍّ، وَمَا اخْتَارَهُ جَمْعٌ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْغَزِّيِّ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْعَدَالَةُ وَعَمَّ الْفِسْقُ قَضَى الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ لِلضَّرُورَةِ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، وَلَا غَيْرِ ذِي مُرُوءَةٍ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَصْنَعُ مَا شَاءَ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» وَسَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْمُرُوءَةِ، وَلَا مُتَّهَمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ بِالْمُتَّهَمِ، وَلَا أَخْرَسَ وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ إذْ لَا يَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ، وَلَا مَحْجُورِ سَفَهٍ لِنَقْصِهِ.
وَمَا اُعْتُرِضَ بِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ إذْ هُوَ إمَّا نَاقِصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ رُدَّ بِأَنَّ نَقْصَ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ) أَيْ وَمَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ، وَالْمُرَادُ بِهِمْ غَيْرُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخِ لِأَخِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ مَنْسُوخٌ) أَيْ أَوْ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ لَكِنَّهُ مَنْسُوخٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِوِلَايَةٍ مُطْلَقًا) أَيْ عَدْلًا كَانَ أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ قِنًّا كَانَ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُبَعَّضًا مَالِيَّةً كَانَتْ الْوِلَايَةُ وَغَيْرَهَا (قَوْلُهُ: الْأَمْثَلِ) أَيْ دِينًا (قَوْلُهُ: الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) أَيْ لَكِنَّ رِعَايَةَ تِلْكَ الْمَصْلَحَةِ قَدْ تُؤَدِّي إلَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
أَنَّ الْقُرْعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) عِبَارَةُ ابْنِ الْمُقْرِي: وَيُقْبَلُ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ لَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ، لِأَنَّ الْيَمِينَ شُرِعَتْ لِتُرَدَّ عِنْدَ النُّكُولِ وَلَا مَرَدَّ لَهَا انْتَهَتْ.
[كِتَابُ الشَّهَادَاتِ]
(قَوْلُهُ: بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا دَفْعُ وُرُودِ هَذَا الْحَدِيثِ الدَّالِّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ كُلِّ أَهْلِ دِينٍ عَلَى أَهْلِ دِينِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ) الصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظِ لَا فِي هَذَا وَفِيمَا بَعْدَهُ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَضْدَادِ الَّتِي هِيَ مَدْخُولُ لَا وَلَيْسَ مُعَادِلًا لَهُ