للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخُنْثَى وَلَوْ حَضَرَ خَنَاثَى مَعًا أَوْ مُرَتَّبِينَ جُعِلُوا صَفًّا عَنْ يَمِينِهِ رَأْسُ كُلٍّ مِنْهُمْ عِنْدَ رِجْلِ الْآخَرِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ أُنْثَى عَلَى ذَكَرٍ.

(وَتَحْرُمُ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْكَافِرِ) وَلَوْ ذِمِّيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: ٨٤] ؛ وَلِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] (وَلَا يَجِبُ غُسْلُهُ) عَلَى أَحَدٍ بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا إذْ لَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَلِيًّا بِغُسْلِ أَبِيهِ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ لَهُ أَمَانٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّهُ كَرَامَةٌ وَتَطْهِيرٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا، وَسَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ الْقَرِيبُ وَغَيْرُهُ وَالْمُسْلِمُ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَضَمَّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إلَى الْمُسْلِمِينَ غَيْرَهُمْ فِي الشِّقَّيْنِ أَرَادَ بِهِ وُجُوبَ الْغُسْلِ وَجَوَازَهُ، فَكَمَا لَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَيَجُوزُ لَهُمْ فَالْكُفَّارُ كَذَلِكَ.

(وَقَوْلُهُ وَإِلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينُ وَالدَّفْنُ فِي الْجَوَازِ) : أَيْ وَضَمَّ إلَى الْغُسْلِ التَّكْفِينَ وَالدَّفْنَ فِي جَوَازِهِ، أَمَّا وُجُوبُهُ فَسَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ تَكْفِينِ الذِّمِّيِّ وَدَفْنِهِ) فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَيْنَا حَيْثُ لَا مَالَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَفَاءً بِذِمَّتِهِ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَمِثْلُهُ الْمُعَاهِدُ وَالْمُؤَمَّنُ دُونَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ، بَلْ يَجُوزُ إغْرَاءُ الْكِلَابِ عَلَى جِيفَتِهِمَا إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِإِلْقَاءِ قَتْلَى بَدْرٍ فِي الْقَلِيبِ بِهَيْئَتِهِمْ، فَإِنْ دُفِنَا فَلِئَلَّا يَتَأَذَّى النَّاسُ بِرِيحِهِمَا وَهُوَ الْأَوْلَى، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ قَدْ انْتَهَتْ بِالْمَوْتِ.

(وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ) عُلِمَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَوْ خُنْثَى لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ.

(قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨] فِيهِ أَنَّ الدَّلِيلَ أَخَصُّ مِنْ الْمُدَّعَى؛ لِأَنَّ الْآيَةَ إنَّمَا تَدُلُّ عَلَى مَعْنَى مَغْفِرَةِ الشِّرْكِ، وَرُبَّمَا تَدُلُّ عَلَى مِغْفَرِهِ غَيْرِهِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الدُّعَاءِ لَهُ بِمَغْفِرَةِ غَيْرِ الشِّرْكِ.

قَالَ حَجّ: وَيَظْهَرُ حِلُّ الدُّعَاءِ لِأَطْفَالِ الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْآخِرَةِ، بِخِلَافِ صُورَةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا) أَرَادَ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْحُرْمَةَ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْهُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَيَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَخِلَافَ الْأَوْلَى، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغُسْلِ الْغُسْلُ الْمُتَقَدِّمُ وَمِنْهُ الْوُضُوءُ الشَّرْعِيُّ (قَوْلُهُ: وَتَطْهِيرٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَالَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ مُنْفَقٌ قُدِّمَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ، مُقَدَّمٌ عَلَيْنَا، وَقَوْلُهُ فَعَلَيْنَا: أَيْ عَلَى مَيَاسِيرِنَا (قَوْلُهُ: فِي الْقَلِيبِ) هُوَ اسْمٌ لِلْبِئْرِ الَّذِي لَمْ يُبْنَ، وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ وَالْقَلِيبُ: الْبِئْرُ قَبْلَ أَنْ تُطْوَى.

قُلْت: يَعْنِي قَبْلَ أَنْ تُبْنَى بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ الْبِئْرُ الْعَادِيَّةُ الْقَدِيمَةُ اهـ وَالْقَدِيمَةُ تَفْسِيرٌ لِلْعَادِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ عُضْوُ مُسْلِمٍ) قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: لَوْ كَانَ الْجُزْءُ مِنْ ذِمِّيٍّ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُ تَكْفِينُهُ وَدَفْنِهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ بَعْدَ طُهْرِهِ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَاءٌ، فَإِنْ كَانَ الْعُضْوُ مَحَلَّ التَّيَمُّمِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ يَمَّمَهُ وَإِلَّا فَلَا صَلَاةَ لِفَقْدِ شَرْطِهَا مِنْ الطُّهْرِ كَذَا ظَهَرَ وَوَافَقَ عَلَيْهِ م ر.

أَقُولُ: قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ الْيَدَ مَثَلًا وَيَمَّمَهَا لَا يُسَمَّى ذَلِكَ تَيَمُّمًا شَرْعِيًّا فَلَا مَعْنَى لَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُ ذَلِكَ اُكْتُفِيَ بِهِ.

[فَرْعٌ] إذَا كَانَ الْجُزْءُ الْمَوْجُودُ شَعْرًا فَهَلْ يَجِبُ فِي دَفْنِهِ أَنْ يُدْفَنَ فِيمَا يَمْنَعُ الرَّائِحَةَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَيَكْفِي مَا يَصُونُهُ عَنْ الِانْتِهَاكِ عَادَةً وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الرَّائِحَةَ لَوْ كَانَ هُنَاكَ رَائِحَةٌ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِيهِمَا لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمَّى الدَّفْنِ شَرْعًا وَمَا دُونَ ذَلِكَ لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُتَّجَهُ أَنْ يُشْتَرَطَ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ الَّذِي جَفَّ دُونَ الشَّعْرِ.

[فَرْعٌ] هَلْ الْمَشِيمَةُ جُزْءٌ مِنْ الْأُمِّ أَوْ مِنْ الْمَوْلُودِ حَتَّى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا عَقِبَ انْفِصَالِهَا كَانَ لَهَا حُكْمُ الْجُزْءِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَبَقَ رَجُلٌ أَوْ صَبِيٌّ إلَخْ، فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَبَقَ إلَخْ لَكَانَ وَاضِحًا.

[الصَّلَاةُ عَلَى الْكَافِرِ]

(قَوْلُهُ: وَكَانَ لَهُ أَمَانٌ) هُوَ فَائِدَةٌ مُجَرَّدَةٌ إذْ لَا دَخْلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِهِ) أَيْ بِالشِّقَّيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>