للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَوْتُهُ لَا بِشَهَادَةٍ وَلَوْ كَانَ الْجُزْءُ ظُفْرًا أَوْ شَعْرًا وَتَحَقَّقَ انْفِصَالُهُ مِنْهُ حَالَ مَوْتِهِ (صُلِّيَ عَلَيْهِ)

بَعْدَ طُهْرِهِ، وَيَجِبُ دَفْنُهُ وَسَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ إنْ كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُهَا فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ، كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.

قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ حَصَلَ مِنْ التَّغَفُّلِ وَعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِالْمَدَارِكِ، فَإِنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَسَتْرَ الزَّائِدِ مِنْ الْبَدَنِ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَيَجِبُ عَلَيْنَا اسْتِيعَابُ جَمِيعِ بَدَنِهِ.

وَالْأَصْلُ فِيمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - صَلَّوْا عَلَى يَدِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَدْ أَلْقَاهَا طَائِرُ نَسْرٍ بِمَكَّةَ فِي وَقْعَةِ الْجَمَلِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ وَعَرَفُوهَا بِخَاتَمِهِ.

رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَالزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارَ فِي أَنْسَابِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ بِنَحْوِ اسْتِفَاضَةٍ.

أَمَّا جُزْءُ الْحَيِّ وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْ انْفِصَالُهُ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ حَيًّا كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ إذَا وُجِدَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ شُكَّ فِي انْفِصَالِهِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ انْفَصَلَ مِنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.

نَعَمْ الْمُبَانُ مِنْهُ إذَا مَاتَ عَقِبَهُ حُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ فَيَجِبُ فِيهِ مَا مَرَّ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْمَوْتُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلْ الْجُرْحُ، قَالَهُ الْبَغَوِيّ.

وَيُسَنُّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ لَمْ يَمُتْ حَالًا أَوْ مِمَّنْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ كَيَدِ سَارِقٍ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْمُنْفَصِلِ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجِبُ دَفْنُهَا، وَلَوْ وُجِدَتْ وَحْدَهَا وَجَبَ تَجْهِيزُهَا وَالصَّلَاةُ عَلَيْهَا كَبَقِيَّةِ الْأَجْزَاءِ أَوْ لَا لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خُصُوصًا الْمَوْلُودُ فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ وَفِيهِ عَلَى حَجّ وَهَلْ يَجِبُ تَوْجِيهُ الْجُزْءِ لِلْقِبْلَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ عَلَى الْوَضْعِ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ مُتَّصِلًا بِالْجُمْلَةِ وَوُجِّهَتْ لِلْقِبْلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ: سَتْرُهَا فَقَطْ عَلَى مَا مَرَّ) قَدْ يَقْتَضِي وُجُوبَ ثَلَاثِ لَفَائِفَ لِلْعُضْوِ لَكِنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ سَتْرِهِ بِخِرْقَةٍ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَكِنْ يَجِبُ سَتْرُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَوْرَةِ (قَوْلُهُ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا) أَيْ بِصِيغَةِ بَلَغَنِي (قَوْلُهُ: كَأُذُنِهِ الْمُلْتَصِقَةِ) أَيْ حَيْثُ انْفَصَلَتْ فِي الْحَيَاةِ ثُمَّ الْتَصَقَتْ بِحَرَارَةِ الدَّمِ يَعْنِي وَلَمْ تَحِلَّهَا الْحَيَاةُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُعَلِّقْ النِّيَّةَ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْمُبَانُ مِنْهُ إذَا مَاتَ عَقِبَهُ) شَمَلَ ذَلِكَ مَا لَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ مَاتَ عَقِبَ الْحَلْقِ فَجْأَةً فَلْيُرَاجَعْ.

ثُمَّ رَأَيْت حَجّ قَالَ مَا حَاصِلُهُ: أَوْ انْفَصَلَ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ وَحَرَكَتِهِ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ اهـ وَمَفْهُومُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ.

وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ وُصُولِهِ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ بِمَرَضٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ، وَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فِي مَوَاضِعَ فَلْيُحَرَّرْ.

وَقَدْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ.

[فَائِدَةٌ] وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْمُسْلِمِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا هَلْ تَعُودُ لَهُ يَدُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُعَذَّبُ وَإِنْ كَانَتْ انْفَصَلَتْ حَالَةَ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ وَعَمَّا لَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ مُسْلِمًا فَهَلْ تَعُودُ لَهُ يَدُهُ وَتُنَعَّمُ وَإِنْ كَانَتْ انْفَصَلَتْ حَالَةَ الْكُفْرِ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهَا تَعُودُ وَتُنَعَّمُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ وَتُعَذَّبُ فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ قَبْلَ الرِّدَّةِ.

لَا يُقَالُ: تَعْذِيبُ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمُ الْمَقْطُوعَةِ فِي الْكُفْرِ تَعْذِيبٌ لِلْأُولَى وَهِيَ قُطِعَتْ مُتَّصِفَةً بِالْإِسْلَامِ وَتَنْعِيمٌ لِلثَّانِيَةِ وَقَدْ قُطِعَتْ فِي الْكُفْرِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمَقْطُوعَةُ فِي الْإِسْلَامِ سُلِبَتْ الْأَعْمَالُ الصَّادِرَةُ مِنْهَا بِارْتِدَادِ صَاحِبِهَا، وَالْمَقْطُوعَةُ فِي الْكُفْرِ سَقَطَتْ الْمُؤَاخَذَةُ بِمَا صَدَرَ مِنْهَا بِإِسْلَامِ صَاحِبِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨] (قَوْلُهُ: تَرَاخَى) أَيْ عُرْفًا (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ دَفْنُ مَا انْفَصَلَ مِنْ حَيٍّ لَمْ يَمُتْ حَالًا) وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ حَرَكَتُهُ حَرَكَةَ مَذْبُوحٍ عَقِبَ انْفِصَالِ الْجُزْءِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: كَيَدِ سَارِقٍ) وَيَنْبَغِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا كُلُّهُ فَاسِدٌ إلَخْ) لَعَلَّ كَلَامَ ابْنِ الْعِمَادِ فِي حَدِّ ذَاتِهِ مُرَتَّبٌ عَلَى غَيْرِ هَذَا الَّذِي سَاقَهُ الشَّارِحُ هُنَا عَنْ الشَّيْخِ كَغَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي التَّكْفِينِ سَتْرُهَا فَقَطْ، وَعِبَارَةُ الْمَاوَرْدِيِّ إنْ كَانَ مِنْ الْعَوْرَةِ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا فَلَعَلَّ ابْنَ الْعِمَادِ أَوْرَدَ كَلَامَهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ كَانُوا عَرَفُوا مَوْتَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>