للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِذَلِكَ السَّبَبِ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ مَالِهِ بِخُصُوصِهِ، وَلَوْ ادَّعَى تَلَفَهُ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ مَثَلًا، وَعَلِمْنَا عَدَمَ وُقُوعِهِ فِيهِ لَمْ يُبَالَ بِكَلَامِهِ (وَلَوْ) (ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ) فِيمَا خَرَصَهُ (أَوْ غَلَطَهُ) فِيهِ (بِمَا يَبْعُدُ) أَيْ لَا يَقَعُ عَادَةً مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْخَرْصِ كَالرُّبْعِ (لَمْ يُقْبَلْ) إلَّا بِبَيِّنَةٍ قِيَاسًا عَلَى دَعْوَى الْجَوْرِ عَلَى الْحَاكِمِ أَوْ الْكَذِبِ عَلَى الشَّاهِدِ وَلِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ عَادَةً فِي الْغَلَطِ.

نَعَمْ يُحَطُّ عَنْهُ الْقَدْرُ الْمُحْتَمَلُ وَهُوَ الَّذِي لَوْ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ لَقُبِلَ، فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ غَلَطَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لَمْ أَجِدْهُ إلَّا كَذَا صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ (أَوْ) ادَّعَى غَلَطَهُ (بِمُحْتَمَلٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ بَعْدَ تَلَفِ الْمَخْرُوصِ وَبَيَّنَ قَدْرَهُ وَهُوَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ عَادَةً كَوَسْقٍ فِي مِائَةٍ (قُبِلَ فِي الْأَصَحِّ) وَحُطَّ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ إذْ هُوَ أَمِينٌ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ، وَلِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ قَدْرَهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ مِمَّا هُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ مِائَةٍ قُبِلَ قَوْلُهُ وَحُطَّ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ، فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُحَطُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ النُّقْصَانَ فِي كَيْلِهِ لَهُ وَلَعَلَّهُ يُوفِي لَوْ كَالَهُ ثَانِيًا.

وَيُسَنُّ جِذَاذُ التَّمْرِ نَهَارًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ فَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ لَيْلًا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الْمَجْذُوذِ.

بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ أَصْلُ النَّقْدِ لُغَةً الْإِعْطَاءُ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْمَفْعُولِ، وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى مَا يُقَابِلُ الْعَرْضَ وَالدَّيْنَ فَشَمِلَ الْمَضْرُوبَ وَغَيْرَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا.

وَالثَّانِي عَلَى الْمَضْرُوبِ خَاصَّةً،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَكْفِي خَرْصُهُ هُوَ، وَلَوْ احْتَاطَ لِلْفُقَرَاءِ وَكَانَ عَارِفًا لِلْخَرْصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّهَامِهِ، وَإِنَّمَا صُدِّقَ فِي عَدَدِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَى دُونَ مَا ذَكَرَهُ السَّاعِي فَقَدْ ادَّعَى عَدَمَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الْأَصْلُ مَعَ أَنَّ السَّاعِيَ ثَمَّ يُمْكِنُهُ الْعَدُّ فَإِنْ رَأَى مِنْهُ رِيبَةً عَدَّ وَهُنَا تَحَقَّقْنَا الْوُجُوبَ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْعَيْنِ وَيُرِيدُ نَقْلَهُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ انْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ بِالْعَيْنِ فَعُمِلَ بِالْأَصْلِ فِيهِمَا

(قَوْلُهُ: صُدِّقَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِهِ لِأَحَدٍ وَاحْتِمَالِ تَلَفِهِ) يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ ادَّخَرَ ذَلِكَ فِي الْوَدِيعَةِ صُدِّقَ لِاحْتِمَالِ التَّلَفِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرِهِ، وَلَوْ كَانَ تَسَلَّمَ مِنْهُ ذَلِكَ تَامًّا لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: أُعِيدَ كَيْلُهُ) أَيْ وُجُوبًا.

(بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ) (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ) أَيْ لُغَةً أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقَانِ) أَيْ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ غَرَضُهُ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ دَفْعُ اعْتِرَاضِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ بِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَابُ الزَّكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِيَشْمَلَ التِّبْرَ وَالْقُرَاضَةَ وَالسَّبَائِكَ وَالنَّقْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَكَانَ يَنْبَغِي خِلَافُ هَذَا التَّعْبِيرِ

(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ قَدْرَهُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ الْأَصْوَبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ كَوْنَهُ مُحْتَمَلًا أَوْ غَيْرَ مُحْتَمَلٍ فَرْعُ بَيَانِ الْقَدْرِ كَمَا لَا يَخْفَى عَكْسُ مَا يُفِيدُهُ هَذَا الصَّنِيعُ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا هُنَا تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: أَوْ ادَّعَى غَلَطًا وَبَيَّنَهُ وَكَانَ مُمَكَّنًا.

[بَابُ زَكَاةِ النَّقْدِ]

(قَوْلُهُ: لُغَةً الْإِعْطَاءُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ الْمَنْقُودِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَنْقُودِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يُعْطَى مِنْ خُصُوصِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا مُطْلَقُ مَا يُعْطَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلِلنَّقْدِ إطْلَاقٌ إذْ هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذَيْنِ الْإِطْلَاقَيْنِ، عَلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التُّحْفَةِ عَنْ الْقَامُوسِ أَنَّهُ لُغَةً خَاصٌّ بِالدَّرَاهِمِ لَا غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>