للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ (فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ بِيَمِينِهِ) غَالِبًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ وَأَصْلُ عَدَمِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ يُعَارِضُهُ أَصْلُ عَدَمِ الْفَسَادِ فِي الْجُمْلَةِ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ مَعْلُومَةِ الذَّرْعِ ثُمَّ ادَّعَى إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ لِيُفْسِدَ الْبَيْعَ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَهُ فَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَمَا لَوْ زَعَمَ أَحَدُ مُتَصَالِحَيْنِ وُقُوعَ صُلْحِهِمَا عَلَى إنْكَارٍ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ، وَمَا لَوْ زَعَمَ أَنَّهُ عَقَدَ وَبِهِ نَحْوُ صِبَا وَأَمْكَنَ أَوْ جُنُونٍ أَوْ حَجْرٍ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا كَمَا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ هُنَا، وَلَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ بِضِدِّهِ لِوُقُوعِهِ حَالَ نَقْصِهِ وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ، وَقَدْ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ، وَفَارَقَ مَا ذَكَرْنَاهُ مَا سَيَأْتِي فِي الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ يَحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا، وَفِي الْبَيَانِ لَوْ أَقَرَّ بِالِاحْتِلَامِ لَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ عَنْهُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي كَيْفِيَّةِ الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّائِي لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِهَا: أَيْ كَأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَآهُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ رَأَيْته بِلَا حَيْلُولَةِ زُجَاجٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الرُّؤْيَةِ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ كَمَا أَفْتَى بِهِ فَلْيُرَاجَعْ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَأَفْتَى بِخِلَافِهِ خَطّ جَرْيًا عَلَى إطْلَاقِهِمْ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَإِطْلَاقُ الشَّارِحِ يُوَافِقُ مَا وَجَّهَ بِهِ الْخَطِيبُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ.

[فَائِدَةٌ] قَالَ حَجّ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالرُّؤْيَةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ عَدَمَهَا لِلتَّحْلِيفِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ فِيهَا إقْرَارٌ عَلَى رَسْم الْقُبَالَةِ وَيَسْتَحِيلُ شَرْعًا تَأَخُّرُهَا عَنْ الْعَقْدِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا أَقْرَرْت بِهِ لِعَزْمِي عَلَيْهِ، بِخِلَافِهِ بِنَحْوِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ اُعْتِيدَ فِيهِ التَّأْخِيرُ عَنْ الْعَقْدِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ إلَخْ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا اشْتَرَى مِنْ تَاجِرٍ مَقْطَعًا مِنْ الْقُمَاشِ بِثَلَاثَةِ قُرُوشٍ ثُمَّ سَأَلَهُ أَحَدُ أَتْبَاعِ الظَّلَمَةِ عَنْ ثَمَنِهِ فَقَالَ اشْتَرَيْته بِخَمْسَةٍ لِدَفْعِهِ عَنْهُ فَانْدَفَعَ ثُمَّ أَحْضَرَ لِلْبَائِعِ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ فَأَقَامَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِمَا أَقَرَّ بِهِ فَهَلْ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَمْ لَا، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ رسم الْقُبَالَةَ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى شُبْهَةٍ تُقَوِّي جَانِبَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ كَوْنَهُ وَكِيلًا أَوْ كَوْنَهُ وَدِيعًا لِغَرَضٍ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْكَرَهُ لَا لِغَرَضٍ (قَوْلُهُ: مَعْلُومَةِ الذَّرْعِ) كَانَ وَجْهُ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّ مَجْهُولَتَهَا لَا تُفِيدُ دَعْوَى الْمُشْتَرِي شُيُوعَ الذِّرَاعِ فِي الصِّحَّةِ إذْ لَا يَصِيرُ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا، بَلْ هُوَ عَلَى جَهْلِهِ بِخِلَافِ الْمَعْلُومَةِ، أَوْ يَصِيرُ مَعْلُومًا بِالْجُزْئِيَّةِ فَلْيُحَرَّرْ، وَقَوْلُهُ مُعَيَّنٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ إنْ قَصَدَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: إرَادَةَ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ مُبْهَمٍ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَرَدْت بِقَوْلِي ذِرَاعًا أَنَّهُ يُفْرَزُ لَك ذِرَاعٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْعَشَرَةِ تُنْفِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عَلَى إنْكَارٍ) أَيْ فَيَكُونُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ فَالْمُصَدَّقُ الزَّوْجُ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَالرَّاجِحُ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّبَا وَالْجُنُونِ حَيْثُ عَهِدَ لَهُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْنَاهُ) أَيْ فِي دَعْوَى الصِّبَا لَهُ وَالْجُنُونِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيَانِ لَوْ أَقَرَّ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ وَمِنْ ثَمَّ جَعَلَهُ حَجّ رَدًّا

ــ

[حاشية الرشيدي]

[ادَّعَى أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ فَسَادَهُ]

قَوْلُهُ: ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ غَيْرِ مُشَاعٍ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِهِ إذْ الصُّورَةُ أَنَّهُ مُبْهَمٌ حَتَّى يَتَأَتَّى الْبُطْلَانُ. (قَوْلُهُ: عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فَتَسْتَمِرُّ صِحَّةُ الْبَيْعِ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيَانِ) غَرَضُهُ مِنْهُ الرَّدُّ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي سِيَاقِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصَدِّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا جَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّويَانِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>