للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ وُهِبَ فِي مَرَضِهِ شَيْئًا فَادَّعَتْ وَرَثَتُهُ غَيْبَةَ عَقْلِهِ حَالَ الْهِبَةِ لَمْ يُقْبَلُوا، إلَّا إنْ عُلِمَ لَهُ غَيْبَةٌ قَبْلَ الْهِبَةِ وَادَّعَوْا اسْتِمْرَارَهَا إلَيْهَا، وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْبَيِّنَةِ بِغَيْبَةِ الْعَقْلِ إنْ تَبَيَّنَ مَا غَابَ بِهِ: أَيْ لِئَلَّا تَكُونَ غَيْبَتُهُ بِمَا يُؤَاخَذُ بِهِ كَسُكْرٍ تَعَدَّى بِهِ، وَمَا لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ قَالَ مُجَلِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ.

اهـ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ

وَمَا لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ مَغْصُوبٍ وَقَالَ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ فَبَانَ عَجْزِي فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لِاعْتِضَادِهِ بِقِيَامِ الْغَصْبِ، وَمَا لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ ثُمَّ اخْتَلَفَا هَلْ شَرَطَ الْقَطْعَ أَمْ لَا فَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ فِيهَا قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَمَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ: بَلْ مُطْلَقًا فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا نَائِبِهِمَا.

وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ اتِّحَادَ نَجْمِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبُ تَعَدُّدَهُ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ عَلَى الْقَاعِدَةِ: نَعَمْ لَوْ قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ وَأَمْكَنَ الصَّبِيُّ وَعَهِدَ الْمَجْنُونُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي بِخَمْرٍ أَوْ بِمَاءٍ فِيهِ فَأْرَةٌ وَقَالَ: قَبَضْته كَذَلِكَ فَأَنْكَرَ الْقَبْضَ كَذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَظَهَرَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَادَّعَى كُلٌّ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْآخَرِ صُدِّقَ الْبَائِعُ لِدَعْوَاهُ الصِّحَّةَ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَالْأَصْلُ أَيْضًا بَرَاءَةُ الْبَائِعِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ السَّلَمِ إذَا اخْتَلَفَا هَلْ قَبَضَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَوْ أَقَامَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي عَصْرُونٍ إنْ كَانَ مَالُ كُلٍّ بِيَدِهِ حَلَفَ الْمُنْكِرُ وَإِلَّا فَصَاحِبُهُ مَرْدُودٌ (وَلَوْ) (اشْتَرَى عَبْدًا) مَثَلًا مُعَيَّنًا وَقَبَضَهُ (فَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ: لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعَ) (صُدِّقَ الْبَائِعُ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَبَقَاءُ الْعَقْدِ (وَفِي مِثْلِهِ فِي) الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ (وَالسَّلَمِ) بِأَنْ يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُسْلِمُ الْمَدْفُوعَ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ أَحْضَرَ مَعِيبًا لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِسَبْقِ إقْرَارِهِ بِضِدِّهِ وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَلَا نَظَرَ إلَخْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبُهُ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الصِّبَا بَعْدُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ مَا لَيْسَ سَبَبًا لِلْبُلُوغِ بُلُوغًا كَنُتُوءِ طَرَفِ الْحُلْقُومِ وَافْتِرَاقِ الْأَرْنَبَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ مُنَاقَضَةً صَرِيحًا لِدَعْوَى الصِّبَا بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِالِاحْتِلَامِ (قَوْلُهُ: كَسُكْرٍ تَعَدَّى إلَخْ) أَيْ فَتَصِحُّ هِبَتُهُ مَعَ غَيْبَةِ عَقْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَتْ) أَيْ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ قَالَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ) أَيْ خِلَافًا لحج.

(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ مِثْلُهَا (قَوْلُهُ: فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَيَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا.

(قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ الْقَبْضَ) أَيْ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ كَانَ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ) وَهُوَ النَّجَاسَةُ هُنَا لِلْمَبِيعِ وَكَوْنُهَا لِمُلَاقَاةِ الْمَبِيعِ لِلْفَأْرَةِ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي أَقْرَبَ مِنْ كَوْنِهَا كَانَتْ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي وَظَاهِرُهُ تَصْدِيقُهُ الْبَائِعَ وَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِ الْمُشْتَرِي كَكَوْنِ الْفَأْرَةِ مُنْتَفِخَةً أَوْ مُتَهَرِّيَةً وَلَا مَانِعَ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِوَاسِطَةِ مَائِعٍ غَيْرِ هَذَا الْمَبِيعِ فَصُبَّ عَنْهَا الْمَبِيعُ وَظَاهِرٌ أَيْضًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ اسْتِحَالَةَ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ كَأَنْ غَسَلَ الْجَرَّةَ قَبْلَ ذَلِكَ وَجَفَّفَهَا وَسَدّهَا بِمَا يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ الْفَأْرَةِ إلَيْهَا وَلَمْ تَزُلْ يَدُهُ عَنْهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ وُقُوعُ الْفَأْرَةِ فِيهَا وَلَمْ يَشْعُرْ جَازَ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ بِطَرِيقِ الظُّفْرِ لِتَحَقُّقِهِ بُطْلَانَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هُمَا قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى الْمُشْتَرِي إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَبَّهُ فِي ظَرْفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ) أَيْ أَيْضًا كَمَا قُدِّمَ قَوْلُهُ: (قَوْلُهُ: الْمَبِيعَ) هُوَ بِالنَّصْبِ خَبَرُ لَيْسَ وَهَذَا اسْمُهَا فِي مَحَلِّ رَفْعٍ، وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ الْمُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ بَعْدَ اسْمِ الْإِشَارَةِ يُعْرَبُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَفِي عَطْفِهِ عَلَى مَسَائِلِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ مُسَاهَلَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>