للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَرْضَ فَوَاتُهَا لَوْ ذَهَبَ لِلْمَسْجِدِ، وَذَلِكَ إيثَارٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا لَهُمْ بِسَبَبِهِ رُبَّمَا عَادَلَ فَضْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَمُسَاعَدَةِ الْمَجْرُورِ مِنْ الصَّفِّ.

وَتُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ بِمَسْجِدٍ غَيْرِ مَطْرُوقٍ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ، فَإِنْ غَابَ الرَّاتِبُ سُنَّ انْتِظَارُهُ، ثُمَّ إنْ أَرَادُوا فَضْلَ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمَّ غَيْرُهُ، وَإِلَّا فَلَا إلَّا إنْ خَافُوا فَوْتَ كُلِّ الْوَقْتِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَا فِتْنَةَ، وَإِلَّا صَلُّوا فُرَادَى مُطْلَقًا، أَمَّا الْمَسْجِدُ الْمَطْرُوقُ فَلَا يُكْرَهُ فِيهِ تَعَدُّدُ الْجَمَاعَاتِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ وَوَقَعَ فِيهِ جَمَاعَتَانِ مَعًا كَمَا أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ، وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ وَلَيْسَ مَطْرُوقًا كُرِهَ لِغَيْرِ إمَامٍ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ فِيهِ، وَيُقَالُ إلَّا إنْ أُقِيمَتْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ مِنْ كَرَاهَةِ عَقْدِ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَطْرُوقِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ صَرَّحَ بِكَرَاهَةِ الْقَبْلِيَّةَ وَالْبَعْدِيَّةِ وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ.

. وَأَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ صُبْحُهَا، ثُمَّ صُبْحُ غَيْرِهَا ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الْعَصْرُ، وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ الْعَصْرِ الْوُسْطَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي ذَيْنِك أَعْظَمُ، وَالْأَوْجَهُ تَفْضِيلُ الظُّهْرِ ذَاتًا وَجَمَاعَةً عَلَى الْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهَا اخْتَصَّتْ مِنْ بَيْنَ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ بِبَدَلٍ وَهُوَ الْجُمُعَةُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا وَبِالْإِيرَادِ.

(وَمَا كَثُرَ جَمْعُهُ) مِنْ الْمَسَاجِدِ (أَفْضَلُ) مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ مِنْهَا، وَكَذَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الِافْتِنَانَ بِالْأَمْرَدِ أَغْلِبُ مِنْهُ بِالْمَرْأَةِ لِمُخَالَطَةِ الْأَمْرَدِ لِلرِّجَالِ إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ عَلَى وَجْهٍ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ، وَلَعَلَّ هَذَا وَجْهُ تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ وَفِيمَا بَحَثَ مِنْ إطْلَاقِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) قَدْ يُشْكِلُ خُصُوصًا إذَا حَصَلَ لِلْجَائِينَ بَعْدَ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى عُذْرٌ اقْتَضَى التَّأْخِيرَ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُكْرَهُ تَحَرِّي إيقَاعِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى) قَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ بِأَنَّ فِعْلَهَا قَبْلَهُ قَدْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لِعُذْرٍ يَمْنَعُ مِنْ انْتِظَارِهِ، بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تُحْمَلُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ صَلَاتِهِ مَعَ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ لِخَلَلٍ فِيهِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: وَوَقَعَ جَمَاعَتَانِ مَعًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ إمَامُ إحْدَاهُمَا الرَّاتِبَ (قَوْلُهُ: وَسَكَتَ عَنْ الْمُقَارَنَةِ) أَيْ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَصْرُ) زَادَ سم عَلَى مَنْهَجٍ: ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ، وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ كُلًّا مِنْ عِشَاءِ الْجُمُعَةِ وَمَغْرِبِهَا وَعَصْرِهَا آكَدُ مِنْ عِشَاءِ وَمَغْرِبِ وَعَصْرِ غَيْرِهَا عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي صُبْحِهَا مَعَ صُبْحِ غَيْرِهَا. انْتَهَى. وَأَمَّا أَفْضَلُ الصَّلَوَاتِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ مَا نَصُّهُ: أَفْضَلُهَا الْعَصْرُ وَيَلِيهَا الصُّبْحُ ثُمَّ الْعِشَاءُ ثُمَّ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْأَدِلَّةِ، وَإِنَّمَا فَضَّلُوا جَمَاعَةَ الصُّبْحِ وَالْعِشَاءِ؛ لِأَنَّهَا فِيهِمَا أَشَقُّ. انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ التَّسْوِيَةُ فِي الْفَضْلِ بَيْنَ صُبْحِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَنَّ صُبْحَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صُبْحِ غَيْرِهَا: بَلْ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ عَنْ سم أَنَّ بَقِيَّةَ صَلَوَاتِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَوَاتِ غَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِمَّا قَلَّ جَمْعُهُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ الْمَأْمُومِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَحِينَئِذٍ لَوْ تَعَارَضَ كَوْنُهُ إمَامًا مَعَ جَمْعٍ قَلِيلٍ وَمَأْمُومًا مَعَ جَمْعٍ كَثِيرٍ فَهَلْ يَسْتَوِي الْفَضِيلَتَانِ وَتُجْبَرُ فَضْلُ الْكَثْرَةِ الْإِمَامَةَ فَيُصَلِّي إمَامًا أَوْ لَا فَيُصَلِّي مَأْمُومًا؟

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْإِطْلَاقِ، وَلَعَلَّهُ إذَا خَشِيَ بِهِ الِافْتِتَانَ وَأَفْصَحَ بِهِ الشَّيْخُ فِي الْحَاشِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ ذَلِكَ قَوْلَ التَّحْقِيقِ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ الشُّمُولِ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِهِ وَالِدُهُ فِي الْفَتَاوَى الَّتِي مَا هُنَا عِبَارَتُهَا مَعَ التَّصَرُّفِ بِلَفْظِ الشُّمُولِ وَإِنْ أَوْهَمَ سِيَاقُهُ خِلَافَ ذَلِكَ.

وَلَفْظُ الْفَتَاوَى: سُئِلَ هَلْ تُكْرَهُ إقَامَةُ جَمَاعَتَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَسْجِدٍ مَطْرُوقٍ إذَا كَانَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا تُكْرَهُ، وَهُوَ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ. وَعِبَارَةُ التَّحْقِيقِ: لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ إمَامٌ رَاتِبٌ إلَخْ، وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَتَيْنِ جَمَاعَتَانِ غَيْرُ جَمَاعَةِ الرَّاتِبِ أَوْ جَمَاعَةُ الرَّاتِبِ وَجَمَاعَةٌ أُخْرَى، وَعَلَى كُلٍّ فَفِي فَهْمِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ هُنَا مِنْ نَفْيِهِمْ كَرَاهَةَ إقَامَةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ قَبْلَ إمَامِهِ بِالْأَوْلَى بَلْ بِالْمُسَاوَاةِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ.

[أَفْضَلُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ]

(قَوْلُهُ: أَيْ بِصَلَاةٍ تُفْعَلُ فِي وَقْتِهَا) تَفْسِيرٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْبَدَلِيَّةِ هُنَا وَإِلَّا فَلَا بَدَلِيَّةَ هُنَا حَقِيقَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>