للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَتَأْخِيرُهُ إلَى هُنَا أَوْلَى مِنْ تَقْدِيمِ الْغَزَالِيِّ لَهُ أَوَّلَ الْبَابِ (تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا) أَيْ جُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْجَبَ مَالًا مِنْ كُلِّ مَا (لَا مُقَدَّرَ فِيهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تُعْرَفْ نِسْبَتُهُ مِنْ مُقَدَّرٍ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِقُرْبِهِ مُوضِحَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ قِسْطِهِ، وَحُكُومَةٌ كَمَا مَرَّ، وَسُمِّيَتْ حُكُومَةً لِتَوَقُّفِ اسْتِقْرَارِ أَمْرِهَا عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ أَيْ أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اجْتَهَدَ فِيهِ غَيْرُهُ لَمْ يَسْتَقِرَّ (وَهِيَ جُزْءٌ) مِنْ عَيْنِ الدِّيَةِ (نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ) لِكَوْنِهَا الْأَصْلَ (وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، وَيُرَدُّ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ مَعَ وُجُودِ مَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَصَدْرٍ وَفَخِذٍ اُعْتُبِرَتْ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ جَزْمًا (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (نَقْصِهَا) أَيْ مَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ (مِنْ قِيمَتِهِ) إلَيْهَا (لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ) الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا؛ إذْ الْحُرُّ لَا قِيمَةَ لَهُ فَتَعَيَّنَ فَرْضُهُ رَقِيقًا مَعَ رِعَايَةِ صِفَاتِهِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ الْوَاجِبِ فِي تِلْكَ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِدُونِهَا عَشَرَةً، وَبِهَا تِسْعَةٌ وَجَبَ عُشْرُ الدِّيَةِ، وَالتَّقْوِيمُ فِي الْحُرِّ يَكُونُ بِالْإِبِلِ وَالنَّقْدِ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ يُوصِلُ إلَى الْغَرَضِ، أَمَّا الْقِنُّ فَالْوَاجِبُ فِي حُكُومَتِهِ النَّقْدُ قَطْعًا، وَكَذَا التَّقْوِيمُ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ كَالدِّيَةِ، وَتَجِبُ فِي الشُّعُورِ حُكُومَةٌ إنْ فَسَدَ مَنْبَتُهَا، وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ بِهَا جَمَالٌ وَلِحْيَةٌ وَشَعْرُ رَأْسٍ، أَمَّا مَا الْجَمَالُ فِي إزَالَتِهِ كَشَعْرِ إبِطٍ وَعَانَةٍ فَلَا حُكُومَةَ فِيهِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ التَّعْزِيرُ وَاجِبًا لِلتَّعَدِّي كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الْمُقْرِي كَالرَّوْضَةِ هُنَا وُجُوبَهَا، وَلَا يَجِبُ فِيهَا قَوَدٌ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا، وَقَدْ لَا تُعْتَبَرُ النِّسْبَةُ كَأَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً لَهَا طَرَفٌ زَائِدٌ فَتَجِبُ دِيَةُ أُنْمُلَةٍ، وَحُكُومَةٌ لِلزَّائِدِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ النِّسْبَةُ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا، وَاسْتِشْكَالُ الرَّافِعِيِّ لَهُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقَوَّمَ، وَلَهُ الزَّائِدَةُ بِلَا أَصْلِيَّةٍ ثُمَّ يُقَوَّمَ دُونَهَا كَمَا فُعِلَ فِي السِّنِّ الزَّائِدَةِ أَوْ تُعْتَبَرُ بِأَصْلِيَّةٍ كَمَا اُعْتُبِرَتْ لِحْيَةُ الْمَرْأَةِ بِلِحْيَةِ الرَّجُلِ وَلِحْيَتُهَا كَالْأَعْضَاءِ الزَّائِدَةِ، وَلِحْيَتُهُ كَالْأَعْضَاءِ الْأَصْلِيَّةِ مَرْدُودٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ، وَهُوَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ بِلَا أُنْمُلَةٍ أَصْلِيَّةٍ يَقْتَضِي

ــ

[حاشية الشبراملسي]

فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُهُ) أَيْ هَذَا الْفَصْلِ

(قَوْلُهُ: إلَى هُنَا أَوْلَى) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الْحُكُومَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا نِسْبَتُهَا إلَى دِيَةِ النَّفْسِ أَوْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَى عُضْوٍ فِيمَا لَهُ مُقَدَّرٌ، وَذَلِكَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ مَا لَهُ مُقَدَّرٌ وَمَا لَا مُقَدَّرَ لَهُ وَمَعْرِفَةُ مَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَفْتَقِرُ إلَى فَرْضِ الْحُرِّ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمِقْدَارِ النَّقْصِ وَيُؤْخَذُ بِنِسْبَتِهِ إلَى الدِّيَةِ وَهَذَا إنَّمَا يَسْتَقِرُّ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْمُقَوِّمِينَ

(قَوْلُهُ: أَوْ مُحَكَّمٍ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا أَوْ فُقِدَ الْقَاضِي وَلَوْ قَاضِيَ ضَرُورَةٍ

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي عُضْوٍ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَى عُضْوٍ؛ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ مُقَدَّرٌ

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ) أَيْ الْحُكُومَةُ

(قَوْلُهُ: وَجَبَ عُشْرُ الدِّيَةِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَالتَّقْوِيمُ فِي الْحُرِّ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْحُكُومَةَ فِي الْحُرِّ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ اتَّفَقَ التَّقْوِيمُ بِالنَّقْدِ، ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى حَجّ صَرَّحَ بِذَلِكَ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: يَكُونُ بِالْإِبِلِ وَالنَّقْدِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْإِبِلِ وَالنَّقْدِ: أَيْ لَكِنَّ النَّقْدَ هُوَ الْأَصْلُ، وَعِبَارَةُ حَجّ: وَالتَّقْوِيمُ بِالنَّقْدِ وَيَجُوزُ بِالْإِبِلِ.

ــ

[حاشية الرشيدي]

[فَصْلٌ فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا وَالْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ]

(فَصْلٌ) فِي الْجِنَايَةِ الَّتِي لَا تَقْدِيرَ لِأَرْشِهَا (قَوْلُهُ: فِي الْجِنَايَةِ) هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ: أَيْ فِي وَاجِبِ الْجِنَايَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْجَبَ مَالًا) اُنْظُرْ مَا مَفْهُومُ هَذَا الْقَيْدِ وَلَعَلَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ إلَخْ.) هُوَ بَيَان لِجُرْحٍ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْقِنُّ) كَأَنَّهُ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>