للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ خَرَجَ) مِنْ الْمَسْجِدِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (احْتَاجَ) إنْ لَمْ يَعْزِمْ عِنْدَ خُرُوجِهِ عَلَى الْعَوْدِ (إلَى الِاسْتِئْنَافِ) لِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ حَتْمًا سَوَاءٌ أَخَرَجَ لِخَلَاءٍ أَمْ غَيْرِهِ إذْ الثَّانِي اعْتِكَافٌ جَدِيدٌ، فَإِنْ خَرَجَ عَازِمًا عَلَى عَوْدِهِ: أَيْ مِنْ أَجْلِ الِاعْتِكَافِ لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُهَا كَمَا صَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا فِي زِيَادَةِ عَدَدِ رَكَعَاتِ النَّافِلَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ تَنْظِيرِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا فِيهِ أَنَّ اقْتِرَانَ النِّيَّةِ بِأَوَّلِ الْعِبَادَةِ شَرْطٌ فَكَيْفَ يُكْتَفَى بِعَزِيمَةٍ سَابِقَةٍ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ لَمْ يَتَخَلَّلْ فِيهَا بَيْنَ الْمَزِيدِ وَالْمَزِيدِ عَلَيْهِ مَا يُنَافِيهَا، وَهُنَا تَخَلَّلَ الْخُرُوجُ الْمُنَافِي لِمُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ لِأَنَّ تَخَلُّلَ النَّافِي هُنَا مُغْتَفَرٌ حَيْثُ اُسْتُثْنِيَ زَمَنُهُ فِي النِّيَّةِ، وَنِيَّةُ الْعَوْدِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ صَيَّرَتْ مَا بَعْدَ الْخُرُوجِ مَعَ مَا قَبْلَهُ كَاعْتِكَافٍ وَاحِدٍ وَاسْتُثْنِيَ زَمَنُ الْمُنَافِي فِيهِ وَهُوَ الْخُرُوجُ

(وَلَوْ) (نَوَى مُدَّةً) أَيْ اعْتِكَافَهَا كَيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ نَفْلًا أَوْ نَذْرًا لِمُدَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهَا تَتَابُعًا ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بِقَصْدِ وَفَاءِ نَذْرِهِ (فَخَرَجَ) مِنْهُ (فِيهَا) أَيِّ الْمُدَّةِ (وَعَادَ) إلَيْهِ (فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهُ (لِغَيْرِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ) مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ) لِلنِّيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ لِقَطْعِهِ الِاعْتِكَافَ، أَمَّا الْعَوْدُ فَغَيْرُ لَازِمٍ لَهُ فِي النَّفْلِ لِجَوَازِ خُرُوجِهِ مِنْهُ (أَوْ) خَرَجَ (لَهَا) أَيْ الْحَاجَةِ (فَلَا) يَلْزَمُهُ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى عِنْدَ النِّيَّةِ (وَقِيلَ إنْ طَالَتْ مُدَّةُ خُرُوجِهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا) (اسْتَأْنَفَ) النِّيَّةَ لِتَعَذُّرِ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطُلْ (وَقِيلَ لَا يَسْتَأْنِفُ) النِّيَّةَ (مُطْلَقًا) لِأَنَّ النِّيَّةَ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الْمُدَّةِ بِالتَّعْيِينِ (وَلَوْ نَذَرَ مُدَّةً مُتَتَابِعَةً فَخَرَجَ لِعُذْرٍ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ) كَأَكْلٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ وَحَيْضٍ وَخُرُوجٍ لِنَحْوِ سَهْوٍ (لَمْ يَجِبْ اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) عِنْدَ عَوْدِهِ لِشُمُولِهَا جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَتَلْزَمُهُ مُبَادَرَةٌ لِعَوْدٍ عِنْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ، فَإِنْ أَخَّرَ عَامِدًا عَالِمًا انْقَطَعَ التَّتَابُعُ وَتَعَذَّرَ الْبِنَاءُ (وَقِيلَ إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ) قَضَاءِ (الْحَاجَةِ وَ) غَيْرِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَجَبَ (اسْتِئْنَافُ النِّيَّةِ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْعِبَادَةِ بِمَا عَرَضَ مِنْ الْأَعْذَارِ الَّتِي لَهُ بُدٌّ عَنْهَا، بِخِلَافِ الْخُرُوجِ لِحَاجَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ (إلْحَاقُ كُلِّ مَا لَا بُدَّ لِلْخُرُوجِ مِنْهُ بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَوْ أَكْلًا) ، فَإِنَّهُ مَعَ إمْكَانِهِ فِي الْمَسْجِدِ يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ أَجْلِهِ لِلِاسْتِحْيَاءِ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ، وَالْمَشَقَّةُ بِخِلَافِ الشُّرْبِ فَلَا يُسْتَحَى مِنْهُ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ لَهُ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عَمَّا يَقْطَعُهُ فَإِنَّهَا تَجِبُ قَطْعًا. .

الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمُعْتَكِفُ وَقَدْ أَشَارَ لِشُرُوطِهِ فَقَالَ (وَشَرْطُ الْمُعْتَكِفِ: الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالنَّقَاءُ عَنْ الْحَيْضِ) وَالنِّفَاسِ (وَالْجَنَابَةِ) فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ إذْ لَا نِيَّةَ لَهُمْ وَلَا حَائِضَ وَنُفَسَاءَ وَجُنُبَ لِحُرْمَةِ مُكْثِهِمْ فِيهِ، وَقَضِيَّةُ مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ صِحَّةِ اعْتِكَافِ كُلِّ مَنْ حَرُمَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَالْأَحْوَطُ فِي حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ فِي نَذْرِهِ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ مَا دُمْت فِيهِ، ثُمَّ يَنْوِي الِاعْتِكَافَ الْمَنْذُورَ فَيَكُونُ مُتَعَلِّقُ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ الَّتِي يَمْكُثُهَا (قَوْلُهُ: كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ) أَيْ مُدَّةِ مَا قَبْلَ الْخُرُوجِ وَمَا بَعْدَ الْعَوْدِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى اعْتِكَافَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ دُونَ اللَّيْلِ صَحَّ فَلَا يَحْتَاجُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا لِنِيَّةِ اعْتِكَافِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إذَا رَجَعَ إلَى الْمَسْجِدِ

(قَوْلُهُ: أَيْ الْحَاجَةِ) بَقِيَ مَا لَوْ شَرِكَ مَعَ الْحَاجَةِ غَيْرَهَا هَلْ يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَصَدَ الْجُنُبُ بِالْقِرَاءَةِ الذِّكْرَ وَالْإِعْلَامَ (قَوْلُهُ: لِلِاسْتِحْيَاءِ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ) أُخِذَ مِنْهُ أَنَّ الْمَهْجُورَ الَّذِي يَنْدُرُ طَارِقُوهُ يَأْكُلُ فِيهِ اهـ زِيَادِيٌّ: أَيْ فَلَوْ خَرَجَ لِلْأَكْلِ فِي غَيْرِهِ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ وَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ أَيْضًا أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ لَوْ كَانُوا مُجَاوِرِينَ بِهِ اعْتَادُوا الْأَكْلَ فِيهِ مَعَ اجْتِمَاعِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ لَمْ يَجُزْ الْخُرُوجُ مِنْهُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مِنْ شَأْنِ الْأَكْلِ بِحُضُورِ النَّاسِ الِاسْتِحْيَاءُ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ مُجَاوِرِينَ أَمْ لَا وَهَذَا أَقْرَبُ

[شُرُوطُ الْمُعْتَكِفِ]

(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ مُكْثِهِمْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ جَازَ لَهُمْ الْمُكْثُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

أَوْ الْمُرَادُ خُصُوصُ الْإِفْرَادِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَنِيَّةِ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً) يُفِيدُ أَنَّهُ تَصِحُّ نِيَّةُ الْمُدَّتَيْنِ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا صُورَتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>