للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ كَمَا يَأْتِي فِي الرَّكَعَاتِ بِالْقِرَاءَةِ وَغَيْرِهَا وَخَالَفَتْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ حَيْثُ لَا يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهَا، فَإِنَّ التَّكْبِيرَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يُمْكِنُ الْإِخْلَالُ بِهَا وَفِي الْعِيدِ سُنَّةٌ فَسَقَطَتْ بِفَوَاتِ مَحَلِّهَا (وَفِي قَوْلٍ لَا تُشْتَرَطُ الْأَذْكَارُ) بَلْ يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّكْبِيرَاتِ نَسَقًا؛ لِأَنَّ الْجِنَازَةَ تُرْفَعُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَلَيْسَ الْوَقْتُ وَقْتَ تَطْوِيلٍ، وَادَّعَى الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ رَفْعِ الْجِنَازَةِ، فَإِنْ اتَّفَقَ بَقَاؤُهَا لِسَبَبٍ مَا أَوْ كَانَتْ عَلَى غَائِبٍ فَلَا وَجْهَ لِلْخِلَافِ بَلْ يَأْتِي بِالْأَذْكَارِ قَطْعًا.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَكَأَنَّهُ مِنْ تَفَقُّهٍ، وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ اهـ.

وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تُرْفَعَ الْجِنَازَةُ حَتَّى يُتِمَّ الْمَسْبُوقُ مَا فَاتَهُ، فَإِنْ رُفِعَتْ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ، بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ عَقْدِ الصَّلَاةِ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِ ذَلِكَ وَالْجِنَازَةُ حَاضِرَةٌ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الِابْتِدَاءِ، ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُوَافِقَ كَالْمَسْبُوقِ فِي ذَلِكَ.

وَلَوْ أَحْرَمَ عَلَى جِنَازَةٍ يُمْشَى بِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا كَالْمَأْمُومِ مَعَ الْإِمَامِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ الْمَارِّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَضُرُّ الْمَشْيُ بِهَا كَمَا لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ فِي سَرِيرٍ وَحَمَلَهُ إنْسَانٌ وَمَشَى بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، كَمَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَهُوَ فِي سَفِينَةٍ سَائِرَةٍ، قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ (شُرُوطُ) غَيْرِهَا مِنْ (الصَّلَاةِ) كَسَتْرٍ وَطَهَارَةٍ وَاسْتِقْبَالٍ؛ لِأَنَّهَا تُسَمَّى صَلَاةً فَكَانَتْ كَغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَلَهَا شُرُوطٌ أُخَرُ تَأْتِي كَتَقَدُّمِ طُهْرِ الْمَيِّتِ (لَا الْجَمَاعَةُ) بِالرَّفْعِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهَا كَالْمَكْتُوبَةِ بَلْ تُسْتَحَبُّ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلٌ لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا إلَّا شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فِيهِ» وَإِنَّمَا صَلَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَادًا كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِعِظَمِ أَمْرِهِ وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الصَّلَاةَ عَلَيْهِ أَحَدٌ.

وَقَالَ غَيْرُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ يَؤُمُّ الْقَوْمَ، فَلَوْ تَقَدَّمَ وَاحِدٌ فِي الصَّلَاةِ لَصَارَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَتَعَيَّنَ لِلْخِلَافَةِ، وَمَعْنَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَجَمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الثَّانِيَةِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا فَتَخَلَّفَ لِإِتْمَامِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ يُفْهِمُ عَدَمَ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ الرَّفْعِ وَعَدَمِهِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُسْتَحَبُّ إلَخْ) أَيْ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الْوَلِيُّ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَأْخِيرِ الْحَمْلِ، فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ مِنْ الْوَلِيِّ أَمْرٌ وَلَا نَهْيٌ اُسْتُحِبَّ التَّأْخِيرُ مِنْ الْمُبَاشِرِينَ لِلْحَمْلِ، فَإِنْ أَرَادُوا الْحَمْلَ اُسْتُحِبَّ لِلْآحَادِ أَمْرُهُمْ بِعَدَمِ الْحَمْلِ اهـ (قَوْلُهُ: لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ) قَالَ حَجّ: مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ مُضِرٌّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِوَقْتِ الْإِحْرَامِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ لَمْ يَضُرَّ، وَقَدْ يُشْعِرُ كَلَامُ حَجّ بِخِلَافِهِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمَشْيُ بِهَا قَبْلَ إحْرَامِ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ وَإِنْ حُوِّلَتْ عَنْ الْقِبْلَةِ مَا لَمْ يَزِدْ مَا بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ أَوْ يَحُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ثَلَثِمِائَةِ ذِرَاعٍ) أَيْ يَقِينًا، وَعَلَيْهِ فَلَوْ شَكَّ فِي الْمَسَافَةِ هَلْ تَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقَدُّمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُحَاذِيًا لَهَا) بِأَنْ لَا يَتَحَوَّلَ عَنْ الْقِبْلَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ.

(قَوْلُهُ: شُرُوطٌ غَيْرُهَا إلَخْ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِ الْأَرْكَانِ وَالشُّرُوطِ وَقَالَ حَجّ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ سَنُّ كُلِّ مَا مَرَّ لَهُمَا: أَيْ الْقُدْوَةِ وَالصَّلَاةِ مِمَّا يَتَأَتَّى مَجِيئُهُ هُنَا أَيْضًا نَعَمْ بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسَنُّ هُنَا النَّظَرُ لِلْجِنَازَةِ، وَبَعْضُهُمْ النَّظَرُ لِمَحَلِّ السُّجُودِ لَوْ فُرِضَ أَخْذًا مِنْ بَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ ذَلِكَ فِي الْأَعْمَى وَالْمُصَلِّي فِي ظُلْمَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ اهـ (قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ مَا مِنْ رَجُلٍ) ذِكْرُ الرَّجُلِ مِثَالٌ (قَوْلُهُ: فَيَقُومُ عَلَى جِنَازَتِهِ) أَيْ بِأَنْ يُصَلُّوا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَا يُشْرِكُونَ بِاَللَّهِ شَيْئًا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا عُدُولًا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِعِظَمِ أَمْرِهِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ عَلَى كِلَا الْجَوَابَيْنِ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْلَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

لِلْأَذْكَارِ.

[شُرُوطُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

(قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَعَيَّنَ إمَامٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ هَذَا الْغَيْرُ عِلَّةٌ لِلتَّنَافُسِ الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>