للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ فَيَصِحَّانِ (وَلَوْ) (شَرَطَ أَنْ تَحْدُثَ زَوَائِدُهُ) كَنِتَاجٍ وَثَمَرَةٍ (مَرْهُونَةٍ) (فَالْأَظْهَرُ فَسَادُ الشَّرْطِ) لِعَدَمِهَا مَعَ الْجَهْلِ بِهَا (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ مَتَى فَسَدَ) الشَّرْطُ (فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الرَّهْنِ بِفَسَادِهِ لِمَا مَرَّ.

(وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُخْتَارًا وَ (كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، لَكِنَّ الرَّهْنَ نَوْعُ تَبَرُّعٍ لِأَنَّهُ حَبْسُ مَالٍ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَإِنْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَالِهِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَالشَّرْطُ وُقُوعُهُ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ فَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَلِهَذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (فَلَا يَرْهَنُ الْوَلِيُّ) بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ (مَالَ) مُوَلِّيهِ كَالسَّفِيهِ وَ (الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ) لِمَا فِيهِ مِنْ حَبْسِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَمَا لَوْ اقْتَرَضَ لِحَاجَةِ مُمَوِّنِهِ أَوْ ضِيَاعِهِ مُرْتَقِبًا غَلَّتَهَا أَوْ حُلُولَ دَيْنٍ لَهُ أَوْ نَفَاقِ مَتَاعِهِ الْكَاسِدِ أَوْ غِبْطَةٍ ظَاهِرَةٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ نَسِيئَةً وَيَرْهَنُ بِهِ مَا يُسَاوِي مِائَةً لَهُ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ إنْ سُلِّمَ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا كَانَ فِي الْمَبِيعِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

تَقْيِيدٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَرْكُ الِاسْتِدْرَاكِ، أَوْ يُقَالُ هُوَ اسْتِدْرَاكُ النَّظَرِ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا لَوْ قَيَّدَهَا بِسَنَةٍ إلَخْ، وَيَكُونُ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ.

وَفِي سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ صُورَةُ ذَلِكَ بِعْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي بِهِ دَارَك هَذِهِ وَيَكُونُ سُكْنَاهَا إلَى سَنَةٍ فَيَقْبَلُ فَهَذَا الْعَقْدُ جَمَعَ بَيْنَ بَيْعِ الثَّوْبِ وَاسْتِئْجَارِ الدَّارِ سَنَةً بِالثَّوْبِ فَمَجْمُوعُ الدِّينَارِ وَالْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنَةِ ثَمَنٌ وَالثَّوْبُ مَبِيعٌ وَأُجْرَةٌ، فَلَوْ عَرَضَ مَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْإِجَارَةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيمَا يُقَابِلُ أُجْرَةَ مِثْلِ الدَّارِ سَنَةً مِنْ الثَّوْبِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

وَقَوْلُ سم: انْفَسَخَ الْبَيْعُ: أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الصَّفْقَةَ لَمْ تَتَّحِدْ، إذْ مَا هُنَا بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَالْخِيَارُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ، وَكَانَ الْأَوْلَى لَهُ التَّعْبِيرُ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْفَسِخْ وَإِنَّمَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ) يَخْرُجُ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَرَهَنْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَى كَذَا عَلَى أَنْ يَكُونَ سُكْنَاهَا سَنَةً بِدِينَارٍ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ صِحَّتِهِ وَيَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ رَهْنٍ وَإِجَارَةٍ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ وَجْهُ عَدَمِ الصِّحَّةِ اشْتِمَالُ الْعَقْدِ عَلَى شَرْطِ مَا لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الرَّهْنِ وَلَا مِنْ مَصَالِحِهِ فَهُوَ مُقْتَضٍ لِلْفَسَادِ فَهُوَ رَهْنٌ بِشَرْطٍ مُفْسِدٍ، كَمَا لَوْ بَاعَ دَارِهِ لِشَخْصٍ بِشَرْطِ أَنْ يُقْرِضَهُ كَذَا وَهُوَ مُبْطِلٌ (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ مُرَتَّبٌ، فَإِذَا قُلْنَا بِصِحَّةِ الشَّرْطِ قُلْنَا بِصِحَّةِ الْعَقْدِ قَطْعًا، وَإِذَا قُلْنَا بِفَسَادِ الشَّرْطِ فَفِي صِحَّةِ الْعَقْدِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا فَسَادُهُ، وَعَلَيْهِ فَيَتَلَخَّصُ مِنْ جَمْعِ الْمَسْأَلَتَيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: صِحَّةُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ، فَسَادُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ فَسَادُ الشَّرْطِ وَصِحَّةُ الْعَقْدِ.

وَهَذَا الثَّالِثُ لَمْ يُفْهَمْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ كَالْمَحَلِّيِّ. وَفِي كَلَامِ حَجّ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ إلَخْ، مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَا مُقَابِلِهِ، وَعِبَارَتُهُ تَنْبِيهٌ: قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ لِأَنَّهُ بَيَّنَ حُكْمَ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الصُّورَةِ، فَلَوْ قَالَ: فَسَادُ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ لَسَلِمَ مِنْ إبْهَامِ أَنَّ الْعَقْدَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لَمْ يُبَيَّنْ حُكْمُهُ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُلَازَمَةَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ إذْ قَدْ يَفْسُدُ الشَّرْطُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ فِيمَا لَا غَرَضَ فِيهِ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ قَبْلُ شُرُوطٌ مُعَيَّنَةٌ وَهُنَا قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ، وَلِذَا تَعَيَّنَ أَنَّ ضَمِيرَ فَسَدَ لَيْسَ لِعَيْنِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ بَلْ الشَّرْطُ الْأَعَمُّ لَكِنْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِعَدَمِهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّهْنَ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: بِسَائِرِ أَقْسَامِهِ) أَيْ أَبًا كَانَ أَوْ جَدًّا أَوْ وَصِيًّا أَوْ حَاكِمًا (قَوْلُهُ: أَوْ نَفَاقُ) بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ: مَا يُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِمِائَةٍ) .

ــ

[حاشية الرشيدي]

لَا الْبُطْلَانُ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِمَا ذُكِرَ اسْتِرْوَاحًا

[شَرْطُ الْعَاقِدِ رَاهِنًا أَوْ مُرْتَهِنًا كَوْنُهُ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ]

. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ حِينَئِذٍ) لَعَلَّ الْمُرَادَ حِينَ إذْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمَصْلَحَةِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَلِكَوْنِ الْوَلِيِّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ بِشَرْطِ الْمَصْلَحَةِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>