(فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ
وَهِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ كَالْقَضَاءِ فَيَأْتِي فِيهَا أَقْسَامُهُ الْآتِيَةُ مِنْ طَلَبٍ وَقَبُولٍ، وَعَقَّبَ الْبُغَاةَ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ خُرُوجٌ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا شُرِطَ فِي الْقَاضِي وَزِيَادَةٌ كَمَا قَالَ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ.
وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ «نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ إمَارَةِ الصِّبْيَانِ» (حُرًّا) ؛ لِأَنَّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ لَا يُهَابُ، وَخَبَرُ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ خَاصَّةً (ذَكَرًا) لِضَعْفِ عَقْلِ الْأُنْثَى وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهَا لِلرِّجَالِ وَصَحَّ خَبَرُ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَالْخُنْثَى مُلْحَقٌ بِهَا احْتِيَاطًا فَلَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْقَاضِي بَلْ أَوْلَى (قُرَشِيًّا) لِخَبَرِ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» فَإِنْ فُقِدَ فَكِنَانِيُّ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ ثُمَّ عَجَمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ (مُجْتَهِدًا) كَالْقَاضِي وَأَوْلَى بَلْ حَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَاضِي: عَدْلٌ جَاهِلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُمْكِنُهُ التَّفْوِيضُ لِلْعُلَمَاءِ فِيمَا يَفْتَقِرُ لِلِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ وَكَوْنُ أَكْثَرِ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ غَيْرَ مُجْتَهِدِينَ إنَّمَا هُوَ لِتَغَلُّبِهِمْ فَلَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ
(قَوْلُهُ: وَبَيَانُ طُرُقِ الْإِمَامَةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ ادَّعَى دَفْعَ الزَّكَاةِ إلَى الْبُغَاةِ إلَخْ (قَوْلُهُ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ) يُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لِلْإِمَامِ خَلِيفَةُ رَسُول اللَّهِ أَوْ نَبِيِّهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الدَّمِيرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مِنْ قَوْلِهِ قَدْ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ لَسْت بِخَلِيفَةِ اللَّهِ بَلْ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَجَوَّزَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ} [الأنعام: ١٦٥] اهـ. وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَمِثْلُهُ فِي الْعُبَابِ.
[فَائِدَةٌ] عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ خَصْمَيْنِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِنَائِبِهِ الْخَاصِّ. قَالَ الدَّمِيرِيِّ: وَهُوَ مَذْهَبُنَا كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ فِي مَظَانِّهِ. وَاعْتُرِضَ أَيْضًا بِأَنَّ ثُبُوتَ ذَلِكَ لِنَائِبِهِ دُونَهُ بَعِيدٌ لَا يُوَافِقُهُ قِيَاسٌ إلَّا أَنْ يَرِدَ بِهِ نَقْلٌ صَرِيحٌ.
لَا يُقَالُ: قَدْ يَشْتَغِلُ عَنْ وَظِيفَتِهِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْمَصَالِحِ الْكُلِّيَّةِ.
لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ بِأَنَّ وُصُولَ جُزْئِيَّةٍ إلَيْهِ لِطَلَبِ حُكْمِهِ فِيهَا نَادِرٌ لَا يُشْغِلُ عَنْ ذَلِكَ وَبِفَرْضِ عَدَمِ نَدْرِهِ يَلْزَمُهُ تَقْدِيمُ تِلْكَ عَلَى هَذِهِ اهـ حَجّ فِي آخِرِ الْفَصْلِ
(قَوْلُهُ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ) بَدَلٌ مِنْ: خَبَرَ
(قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ بَلْ وَكَذَا عَلَيْهَا بِلَا مُبَالَغَةٍ حَيْثُ كَانَ بِالتَّغَلُّبِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَصْلُحُ وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ جِدًّا (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ) شَمِلَ ذَلِكَ جَمِيعَ الْعَرَبِ بَعْدَ كِنَانَةَ فَهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ) لَمْ يُبَيِّنْ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْعَرَبِ فِي الْجُمْلَةِ، وَعِبَارَةُ حَجّ: لِأَنَّ جَدَّهُمَا: أَيْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَالْجُرْهُمِيَّةُ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمِنْهُمْ تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ
(قَوْلُهُ: مُجْتَهِدًا) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
[فَصْلٌ فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَبَيَانِ طُرُقِ الْإِمَامَةِ]
فَصْلٌ) فِي شُرُوطِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا) أَيْ، فَيَحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَةٍ بَعْدَ التَّبَيُّنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: مِنْ بَنِي إسْمَاعِيلَ) وَهْم الْعَرَبُ كَمَا فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ جُرْهُمِيٌّ عَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ كَلَامِ التَّهْذِيبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ التُّحْفَةِ،