للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ، فَلَوْ احْتَجْنَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ فِيهِ جَرَاءَةٌ وَحُسْنُ إقْدَامٍ وَتَمَكَّنَّا مِنْ مَنْعِهِ لَوْ اتَّبَعَ مُنْهَزِمًا، وَالْأَوْجَهُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْ نَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَنَثِقَ بِوَفَائِهِمْ بِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ إذْ فِي قُدْرَتِنَا عَلَى دَفْعِهِمْ غُنْيَةً عَنْ ذَلِكَ

(وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ) بِالْمَدِّ: أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا لِيُقَاتِلُونَا مَعَهُمْ (لَمْ يُنَفَّذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا) لِلضَّرَرِ فَنُعَامِلُهُمْ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ (وَيُنَفَّذُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ أَمَانٌ عَلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ أَعَانُوهُمْ وَقَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَ إعَانَةِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْمُحِقِّ، أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ، وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ.

أَمَّا لَوْ أَمَّنُوهُمْ تَأْمِينًا مُطْلَقًا فَيُنَفَّذُ عَلَيْنَا أَيْضًا، فَإِنْ قَاتَلُونَا مَعَهُمْ انْتَقَضَ الْأَمَانُ فِي حَقِّنَا، وَكَذَا فِي حَقِّهِمْ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ. وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِهِمْ لَيْسَتْ بِأَمَانٍ لَهُمْ

(وَلَوْ) (أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ) أَوْ مُعَاهَدُونَ أَوْ مُؤَمَّنُونَ مُخْتَارِينَ (عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْبُغَاةِ كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ فَيَصِيرُونَ أَهْلَ حَرْبِ يُقْتَلُونَ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ الْإِدْبَارِ وَالْإِثْخَانِ (أَوْ مُكْرَهِينَ) وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ وَبِبَيِّنَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ (فَلَا) يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لِشُبْهَةِ (الْإِكْرَاهِ) (وَكَذَا) لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ (إنْ) حَارَبُوا الْبُغَاةَ؛ لِأَنَّهُمْ حَارَبُوا مَنْ عَلَى الْإِمَامِ مُحَارَبَتُهُ أَوْ (قَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَهُ) أَيْ مَا فَعَلُوهُ مِنْ إعَانَةِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى بَعْضٍ (أَوْ) ظَنَنَّا (أَنَّهُمْ) اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ أَوْ أَنَّهُمْ (مُحِقُّونَ) وَأَنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ وَأَمْكَنَ جَهْلُهُمْ بِذَلِكَ (عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ طَرِيقٍ يُنْتَقَضُ لِفَسَادِ ظَنِّهِمْ، وَفِي الْإِكْرَاهِ الطَّرِيقَانِ أَيْضًا مَعَ عَدَمِ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ الْأَمَانِ لَا كَحَرْبِيِّينَ لِحَقْنِ دِمَائِهِمْ، وَخَرَجَ بِقِتَالِهِمْ الضَّمَانُ فَلَوْ أَتْلَفُوا عَلَيْنَا نَفْسًا أَوْ مَالًا ضَمِنُوهُ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ضَرُورَةٌ إلَى ذَلِكَ وَكَلَامُ غَيْرِهِ عَلَى خِلَافِهِ أَخْذًا مِمَّا ذُكِرَ فِي قِتَالِهِمْ بِمَا يُعَمَّمُ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ) أَيْ وَالْحَالُ وَقَوْلُهُ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ أَيْ إبْقَاءً لِلْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: وَآمَنُوهُمْ بِالْمَدِّ) أَيْ وَبِالْقَصْرِ مَعَ التَّشْدِيدِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي تَأْمِينًا مُطْلَقًا، وَلَعَلَّ اقْتِصَارَ الشَّارِحِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ الْأَكْثَرَ لَكِنْ فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ مَا نَصُّهُ: فِي كَلَامِ الْمُتَوَلِّي ضَبْطُ آمَنَهُمْ بِالْمَدِّ كَمَا فِي قَوْلِهِ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ وَحَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ مِنْ اللَّحْنِ قَصْرُ الْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ

(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُ نُفُوذِهِ عَلَيْهِمْ

(قَوْلُهُ: وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ) أَيْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَعَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْبُغَاةَ وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ أَكْرَهُوهُمْ عَلَى إعَانَتِهِمْ فَلَا يُكَلَّفُونَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمْ) مِنْ الْمُعَاهَدِينَ وَالْمُؤَمَّنِينَ (قَوْلُهُ: ضَمِنُوهُ) أَيْ بِغَيْرِ الْقِصَاصِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ كَشَرْحِ الرَّوْضِ نِسْبَةً هَذَا لِلْمَاوَرْدِيِّ

(قَوْلُهُ: وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ) عِبَارَةُ التُّحْفَةِ: فِيمَا صَدَرَ مِنْهُمْ، وَمُرَادُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ قَبْلَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَاقِي كَلَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ: مَعَ عَدَمِ انْتِقَاضِ عَهْدِهِمْ) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُهُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>