للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَفَسُّخِهِ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْمَوْتِ، فَمَنْ كَانَ وَقْتُهُ غَيْرَ مُمَيَّزٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ قَطْعًا، وَمَنْ كَانَ وَقْتَهُ مُمَيِّزًا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَصِحُّ عَلَى الثَّانِي.

(وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ) أَيْ لَا تَجُوزُ، وَكَذَا عَلَى قَبْرِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِخَبَرِ «لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» ؛ وَلِأَنَّا لَمْ نَكُنْ أَهْلًا لِلْفَرْضِ وَقْتَ مَوْتِهِمْ.

وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِ عِيسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَوْتِهِ وَدَفْنِهِ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ، وَجَرَى عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ الْمَنْعُ فِيهِ كَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ، فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ قَبْلَ دَفْنِهِمْ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى قُبُورِهِمْ خَارِجَةٌ بِالنَّهْيِ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي خَادِمِهِ: وَالصَّوَابُ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ: لَعَنْ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَى آخِرِهِ

[فَرْعٌ] فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ لِطُولِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَصَ تَرْجَمَةَ التَّعْزِيَةِ بِفَصْلٍ لِقِصَرِ الْفَصْلِ قَبْلَهُ دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِيهِ وَهُوَ بَيَانُ أَوْلَوِيَّةِ الْوَلِيِّ لَيْسَ فَرْعًا عَمَّا قَبْلَهُ مِنْ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ لَيْسَ مُتَفَرِّعًا عَلَى الصَّلَاةِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُتَفَرِّعٌ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَسْتَدْعِي مُصَلِّيًا وَهُوَ يَسْتَدْعِي مَعْرِفَةَ الْأَوْصَافِ الَّتِي يُقَدِّمُ بِهَا (الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلِيَّ) أَيْ الْقَرِيبَ الذَّكَرَ وَلَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (بِإِمَامَتِهَا) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَلَوْ امْرَأَةً (مِنْ الْوَالِي) وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِغَيْرِهِ إذْ هِيَ حَقُّهُ فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا كَالْإِرْثِ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَصَّى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عُمَرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

مَا تَحْتَ الْمَيِّتِ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ غَيْرُ الْمَنْبُوشَةِ فَلْيُرَاجَعْ، عَلَى أَنَّ فِي غَيْرِ الْمَنْبُوشَةِ يَتَحَقَّقُ انْفِجَارُهُ عَادَةً وَنَجَاسَةُ كَفَنِهِ بِالصَّدِيدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ هَذَا دَوَامٌ وَاغْتُفِرَ لِقَصْدِ الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَيُصَرِّحُ بِالتَّعْمِيمِ قَوْلُ الشَّارِحِ: وَلَا يَتَقَيَّدُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ: وَلَوْ صَلَّى عَلَى مَنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ سَنَتِهِ وَطَهُرَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَازَ

(قَوْلُهُ لِخَبَرِ لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ إلَخْ) قَالَ السُّيُوطِيّ: هُوَ فِي الْيَهُودِ وَاضِحٌ وَفِي النَّصَارَى مُشْكِلٌ إذْ نَبِيُّهُمْ لَمْ تُقْبَضْ رُوحُهُ.

إلَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ لَهُمْ أَنْبِيَاءَ غَيْرَ رُسُلٍ كَالْحَوَارِيِّينَ وَمَرْيَمَ فِي قَوْلٍ، أَوْ الْجَمْعُ فِي قَوْلِهِ أَنْبِيَائِهِمْ بِإِزَاءِ الْمَجْمُوعِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ الْمُرَادُ الْأَنْبِيَاءُ وَكِبَارُ أَتْبَاعِهِمْ فَاكْتُفِيَ بِذِكْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصُلَحَائِهِمْ، أَوْ الْمُرَادُ بِالِاتِّخَاذِ أَعَمُّ مِنْ الِابْتِدَاعِ وَالِاتِّبَاعِ فَالْيَهُودُ ابْتَدَعُوا وَالنَّصَارَى اتَّبَعُوا.

[فَرْعٌ فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ]

(قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ الْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَعَدَمِ غُسْلِ مَنْ اُسْتُشْهِدَ جُنُبًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْقَرِيبُ) هَذَا التَّفْسِيرُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ ذَوِي الْأَرْحَامِ عَلَى الْإِمَامِ، وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ عَلَيْهِ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: جَرَى هُنَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ تَبَعًا لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمُتَوَلِّي، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْوَلِيِّ فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْإِمَامِ يُتَأَمَّلْ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَشْمَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ الْمُعْتَقَ وَعَصَبَتَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ أَحَقُّ) أَيْ أَوْلَى فَلَوْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ كُرِهَ اهـ حَجّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِهَا) أَيْ الْمَيِّتُ (قَوْلُهُ: فَلَا تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ) أَيْ لَا يَجِبُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

فَرْعٌ] (قَوْلُهُ: دَفَعَ بِهِ مَا قِيلَ إنَّ تَرْجَمَتَهُ بِالْفَرْعِ مُشْكِلَةٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ هُوَ لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُعَبِّرُ بِفَصْلٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ، وَلَك أَنْ تَمْنَعَ الْإِشْكَالَ مِنْ أَصْلِهِ بِمَنْعِ الِاشْتِرَاطِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُسْتَشْكِلُ أَخْذًا مِنْ صَنِيعِهِمْ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ حَيْثُ يُتَرْجِمُونَ بِالْفَرْعِ لِمَا هُوَ مِنْ فُرُوعِ الْبَابِ أَوْ الْفَصْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَفَرِّعًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْفَرْعِ مِنْ فُرُوعِ مَسَائِلِ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَقَدْ قَالُوا: الْبَابُ اسْمٌ لِجُمْلَةٍ مُخْتَصَّةٍ مِنْ الْعِلْمِ مُشْتَمِلَةٍ عَلَى فُصُولٍ وَفُرُوعٍ وَمَسَائِلَ، وَالْفَصْلُ اسْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>