للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَاءً بِالشَّرْطِ، وَلَوْ شَرَطَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِلْمُشْتَرِي كَانَ تَأْكِيدًا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي أَوْ لِلْبَائِعِ صَحَّ أَيْضًا وَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَشَرْطِ الْحَمْلِ.

لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الْحَمْلَ أَوْ مَنْفَعَتَهُ شَهْرًا لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَالطَّلْعَ يُفْرَدُ بِهِ، وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْفَعَةِ يُؤَدِّي لِخَلْقِ الْمَبِيعِ عَنْهَا وَهُوَ مُبْطِلٌ (وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَشْرِطْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ (فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ مِنْهَا شَيْءٌ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا) بِأَنْ تَأَبَّرَ بَعْضُهَا وَلَوْ طَلْعُ ذَكَرٍ وَإِنْ قَلَّ وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَإِنْ تَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ (فَلِلْبَائِعِ) جَمِيعُهَا مَا تَأَبَّرَ وَغَيْرُهُ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ» أَيْ الْمُشْتَرِي دَلَّ مَنْطُوقُهُ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَبِّرَةَ لِلْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْبَائِعُ، وَدَلَّ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى أَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ اشْتِرَاطِهَا لَهُ وَإِنْ تَأَبَّرَتْ، وَكَوْنُهَا لِوَاحِدٍ مِمَّنْ ذَكَرَ صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطَ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ، وَافْتَرَقَا بِالتَّأْبِيرِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَهُ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ انْعِقَادِهَا وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَتَأَبَّرُ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا، أَمَّا لَوْ تَأَبَّرَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ لَمْ يَكُنْ تَأْكِيدًا لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ كَانَتْ كُلَّهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُبْطِلٌ) وَقَدْ يُقَالُ الْمُبْطِلُ خُلُوُّهُ عَنْهَا مُطْلَقًا لَا فِي مُدَّةٍ كَمَا هُنَا اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَفِيهِ أَنَّ خُلُوَّهُ عَنْهَا إنَّمَا يُغْتَفَرُ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُسْتَحَقَّةً لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَبَيْعِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ وَاسْتَثْنَى الْبَائِعُ لِنَفْسِهِ مَنْفَعَةَ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ مُدَّةً لَمْ يَجُزْ وَإِنْ قُلْت (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَأَبَّرْ) أَيْ وَلَوْ قَطَعَ الْبَائِعُ مَا تَأَبَّرَ ثُمَّ بَاعَ الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ هَلْ يَكُونُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ تَأَبُّرَ الْبَعْضِ كَتَأَبُّرِ الْكُلِّ وَإِنْ قَطَعَ الْمُؤَبَّرَ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوَّلًا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ حِينَئِذٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِتَحَقُّقِ دُخُولِ وَقْتِ التَّأْبِيرِ بِتَأَبُّرِ الْبَعْضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لِكُلٍّ حُكْمَهُ لِأَنَّا إنَّمَا قُلْنَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِ كُلٍّ مِنْ الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إنْ بِيعَ الثَّمَرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُ غَيْرِهِ الْمُتَّحِدِ مَعَهُ نَوْعًا وَمَحَلًّا اهـ، وَهُوَ يُعِينُ الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ تَأَبَّرَ) اُنْظُرْ لَوْ حَصَلَ التَّأْبِيرُ فِي أَثْنَاءِ الْإِيجَابِ أَوْ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ هَلْ يَكُونُ كَمَا لَوْ سَبَقَ الصِّيغَةَ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ لَا يَبْعُدُ؟ نَعَمْ لِأَنَّهُ حَصَلَ التَّأْبِيرُ قَبْلَ حُصُولِ الْبَيْعِ، وَقَبْلَ حُصُولِ الصِّحَّةِ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مَعَ آخِرِ الْقَبُولِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ، وَلَوْ وَجَدَ التَّأْبِيرَ مَعَ آخِرِ الْقَبُولِ، فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُحَرَّرْ هـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ لِحُصُولِهِ قَبْلَ الِانْتِقَالِ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُصَدَّقُ الْبَائِعُ: أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ بَعْدَ التَّأْبِيرِ أَيْ حَتَّى تَكُونَ الثَّمَرَةُ لَهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.

وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا هَلْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مَوْجُودَةً قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَتْ بَعْدَهُ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّارِحِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ خِلَافًا لِحَجِّ (قَوْلُهُ: قَدْ أُبِّرَتْ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي الْفِعْلِ أَبَرَ النَّخْلَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَأَبَّرَهُ بِالتَّشْدِيدِ بِمَعْنًى كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ: صَادِقٌ بِأَنْ تُشْتَرَطُ لَهُ) فِيهِ بَحْثٌ دَقِيقٌ يُدْرِكُهُ كُلُّ ذِي فَهْمٍ أَنِيقً اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ. أَقُولُ: وَوَجْهُ الْبَحْثِ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَفْهُومَ الْحَدِيثِ مَا ذُكِرَ بَلْ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ نَخْلًا لَمْ تُؤَبَّرْ لَا تَكُونُ ثَمَرَتُهَا عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ، وَيَلْغُو الشَّرْطُ بِأَنْ تَكُونَ لِلْمُشْتَرِي إذَا شُرِطَتْ لَهُ أَوْ سَكَتَ عَنْ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَافْتَرَقَا) أَيْ الْمُؤَبَّرُ وَغَيْرُهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

[ثَمَرَةُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ إنْ شَرَطَتْ لِلْبَائِعِ وَلِلْمُشْتَرِي عَمِلَ بِهِ]

قَوْلُهُ: وَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَشَرْطِ الْحَمْلِ) أَيْ: أَوْ الْمَنْفَعَةِ لِلْبَائِعِ شَهْرًا لِيَتَنَزَّلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: الْآتِي؛ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ: وَإِنَّمَا بَطَلَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الْحَمْلَ أَوْ مَنْفَعَةَ شَهْرٍ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ إلَخْ

<<  <  ج: ص:  >  >>