للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْأَوْجَهُ مِلْكُ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُمَا فَيَنْصَرِفُ فِيهِ كَالثَّوْبِ لَا أَنَّ الْمُؤَجِّرَ أَتْلَفَهُ عَلَى مِلْكِ نَفْسِهِ، وَيَظْهَرُ لِي إلْحَاقُ الْحِبْرِ بِالْخَيْطِ وَالصِّبْغِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْعُبَابِ جَزَمَ بِهِ وَيَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ مَاءُ الْأَرْضِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلزَّرْعِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ، وَفِي اللَّبَنِ وَالْكُحْلِ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْخَيْطُ وَالصِّبْغُ فَالضَّرُورَةُ تُحَوِّجُ إلَى نَقْلِ الْمِلْكِ، وَأَلْحَقُوا بِمَا تَقَدَّمَ الْحَطَبَ الَّذِي يَقُدُّهُ الْخَبَّازُ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَتْلَفُ عَلَى مِلْكِهِ.

وَلَوْ شَرَطَ لِطَبِيبٍ مَاهِرٍ أُجْرَةً وَأَعْطَى ثَمَنَ الْأَدْوِيَةِ فَعَالَجَهُ بِهَا فَلَمْ يَبْرَأْ اسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَلَيْسَ لِلْعَلِيلِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ الْمُعَالَجَةُ دُونَ الشِّفَاءِ، بَلْ إنْ شَرَطَهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ بِيَدِ اللَّهِ تَعَالَى. نَعَمْ إنْ جَاعَلَهُ عَلَيْهِ صَحَّ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ لِلْمُسَمَّى إلَّا بَعْدَ وُجُودِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ (يَجِبُ) يَعْنِي يَتَعَيَّنُ لِدَفْعِ الْخِيَارِ الْآتِي عَلَى الْمُكْرِي (تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ) ضَبَّةِ (الدَّارِ) مَعَهَا (إلَى الْمُكْتَرِي) لِتَوَقُّفِ الِانْتِفَاعِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ، فَلَوْ تَلِفَ وَلَوْ بِتَقْصِيرِ فَعَلَى الْمُكْرِي تَجْدِيدُهُ، فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ وَلَمْ يَأْثَمْ. نَعَمْ يُتَخَيَّرُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَالْكُحْلُ كَذَلِكَ) أَيْ إنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُؤَجِّرِ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ

(قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَ لِطَبِيبٍ مَاهِرٍ إلَخْ) أَمَّا غَيْرُ الْمَاهِرِ الْمَذْكُورِ فَقِيَاسُ مَا يَأْتِي أَوَّلَ الْجِرَاحِ وَالتَّعَازِيرِ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ، بِخِلَافِ الْمَاهِرِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُبَاشَرَتِهِ لِمَا لَيْسَ هُوَ لَهُ بِأَهْلٍ، وَمِنْ شَأْنِ هَذَا الْإِضْرَارُ لَا النَّفْعُ حَجّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم مَا نَصُّهُ: هَلْ اسْتِئْجَارُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ يُشْكَلُ الْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَقَدْ يُقَيَّدُ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْأَدْوِيَةِ بِالْجَهْلِ بِحَالِهِ م ر فَلْيُحَرَّرْ اهـ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، بَلْ الْغَالِبُ عَلَى عَمَلِ مِثْلِهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ) أَيْ كَأَنْ قُدِّرَتْ بِزَمَانٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَهُ) أَيْ الشِّفَاءَ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ لِعَقَارٍ أَوْ دَابَّةٍ]

(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ (قَوْلُهُ فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَلَفِ الدَّابَّةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُكْتَرِيَ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْأَلِفِ وَبِهِ عَبَّرَ حَجّ (قَوْلُهُ: لِدَفْعِ الْخِيَارِ) أَيْ لَا لِدَفْعِ الْإِثْمِ (قَوْلُهُ: تَسْلِيمُ مِفْتَاحِ إلَخْ) .

[فَرْعٌ] هَلْ تَصِحُّ إجَارَةُ دَارٍ لَا بَابَ لَهَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُتَّجَهُ الصِّحَّةُ إنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِلَا بَابٍ كَأَنْ أَمْكَنَ التَّسَلُّقُ مِنْ الْجِدَارِ، وَعَلَى الصِّحَّةِ فَهَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْجَاهِلِ كَأَنْ رَآهَا قَبْلُ ثُمَّ سُدَّ بَابُهَا ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا اعْتِمَادًا عَلَى الرُّؤْيَةِ السَّابِقَةِ الْوَجْهُ الثُّبُوتُ فَلْتُرَاجَعْ الْمَسْأَلَةُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُكْتَرِي تَجْدِيدُهُ) أَيْ مَعَ ضَمَانِ الْمُكْتَرِي لِقِيمَتِهِ الْآنَ إنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِ لَا مَا صَرَفَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ) أَيْ مِنْ التَّجْدِيدِ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَوَّلًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُؤَجَّرَ أَتْلَفَهُ) حِسًّا أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ: أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهَا) تَقَدَّمَ هَذَا آنِفًا وَلَعَلَّ الصُّورَةَ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ السُّقْيَا بِالْفِعْلِ حَتَّى يَكُونَ نَظِيرَ مَا نَحْنُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَفِي اللَّبَنِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تَمْلِكُ لَبَنَ نَفْسِهَا وَانْظُرْ فِي أَيِّ وَقْتٍ يُحْكَمُ بِمِلْكِهَا لَهُ هَلْ وَهُوَ فِي الضَّرْعِ أَوْ بَعْدَ الِانْفِصَالِ؟ يُرَاجَعُ.

(فَصْلٌ) فِيمَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَوْ الْمُكْتَرِيَ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ فِي حَالَةِ التَّقْصِيرِ يَضْمَنُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ ضَمَانَهُ بِالْقِيمَةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>