غَيْرِهَا فِي إجَارَةِ ذِمَّةٍ اسْتَحَقَّتْ الْأُجْرَةَ أَوْ عَيْنٍ فَلَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (لَا يَسْتَتْبِعُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْإِرْضَاعُ وَالْحَضَانَةُ الْكُبْرَى (الْآخَرَ) لِأَنَّهُمَا مَنْفَعَتَانِ مَقْصُودَتَانِ يَجُوزُ إفْرَادُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَقْدِ فَأَشْبَهَا سَائِرَ الْمَنَافِعِ.
وَالثَّانِي نَعَمْ لِلْعَادَةِ بِتَلَازُمِهِمَا (وَالْحَضَانَةُ) الْكُبْرَى (حِفْظُ صَبِيٍّ) أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْأُنْثَى (وَتَعَهُّدُهُ بِغَسْلِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ) بِفَتْحِ الدَّالِ (وَكُحْلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوَهَا) لِاقْتِضَاءِ اسْمِ الْحَضَانَةِ عُرْفًا لِذَلِكَ، أَمَّا الدُّهْنُ بِضَمِّ الدَّالِ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَبِ وَلَا تُتَّبَعُ فِيهِ الْعَادَةُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهَا (وَلَوْ) (اسْتَأْجَرَ لَهُمَا) أَيْ الْحَضَانَةِ الْكُبْرَى وَالْإِرْضَاعِ (فَانْقَطَعَ اللَّبَنُ) (فَالْمَذْهَبُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِي الْإِرْضَاعِ) فَيَسْقُطُ قِسْطُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (دُونَ الْحَضَانَةِ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْصُودٌ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ، وَالْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي حِجْرِهَا مَثَلًا الثَّدْيَ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى لَمْ تَصِحَّ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ حِبْرٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَخَيْطٌ وَكُحْلٌ) وَصِبْغٌ وَطَلْعٌ (عَلَى وَرَّاقٍ) وَهُوَ النَّاسِخُ (وَخَيَّاطٍ وَكَحَّالٍ) وَصَبَّاغٍ وَمُلَقِّحٍ، وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ قَلَمُ النُّسَّاخِ وَإِبْرَةُ الْخَيَّاطِ وَدُرُورُ الْكَحَّالِ وَمِرْوَدُهُ وَمَرْهَمُ الْجَرَائِحِيِّ وَصَابُونِ وَمَاءِ الْغَسَّالِ اقْتِصَارًا عَلَى مَدْلُولِ اللَّفْظِ مَعَ أَنَّ وَضْعَ الْإِجَارَةِ عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ عَيْنٍ بِهَا وَأَمْرُ اللَّبَنِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِلضَّرُورَةِ (قُلْت: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الرُّجُوعَ فِيهِ) أَيْ الْمَذْكُورِ (إلَى الْعَادَةِ) لِعَدَمِ وُرُودِ مَا يَضْبِطُهُ لُغَةً وَشَرْعًا (فَإِنْ اضْطَرَبَتْ) الْعَادَةُ (وَجَبَ الْبَيَانُ) نَفْيًا لِلْغَرَرِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ (فَتَبْطُلُ) الْإِجَارَةُ أَيْ لَمْ تَصِحَّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا فِيهَا مِنْ الْغَرَرِ الْمُفْضِي إلَى التَّنَازُعِ مِنْ غَيْرِ غَايَةٍ، وَحَيْثُ شُرِطَتْ عَلَى الْأَجِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْدِيرِ فِي نَحْوِ الْمَرْهَمِ وَأَخَوَاتِهِ، فَإِنْ شَرَطَهُ مُطْلَقًا فَسَدَ الْعَقْدُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَضَى الْعُرْفُ كَوْنَهُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ أَوْ شَرَطَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ ذَلِكَ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ صُدُورِ الْعَقْدِ عَلَى الذِّمَّةِ. فَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُ نَفْسِ الْعَمَلِ وَهَذَا هُوَ الْأَوْجَهُ، وَفِي ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ الشَّرْحِ إشْعَارٌ بِتَرْجِيحِ مَا فِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْخَيْطَ وَالصِّبْغَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
الزَّوْجَ مِنْ الْوَطْءِ خَوْفُ الْحَبَلِ أَنَّ ذَاكَ أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ غَيْرُ مَظْنُونٍ بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: أَمَّا الدُّهْنُ) وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الدُّهْنِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْأَبِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ لِفِعْلِهَا الْمُتَعَلِّقِ بِإِصْلَاحِ الْوَلَدِ كَقَطْعِ سُرَّتِهِ دُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِصْلَاحِ الْأُمِّ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ نَحْوِ مُلَازَمَتِهَا لَهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَغَسْلِ بَدَنِهَا وَثِيَابِهَا فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ بَلْ عَلَيْهَا كَصَرْفِهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْإِرْضَاعِ وَنَفْيِ الْحَضَانَةِ الصُّغْرَى لَمْ تَصِحَّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ الْوَلَدُ لِذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْتِقَامِ الثَّدْيِ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا نَادِرٌ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْوَلَدِ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَرَضٍ (قَوْلُهُ فَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ) أَيْ لَمْ تَصِحَّ: أَيْ وَعَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ فَيَجِبُ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَإِذَا أَحْضَرَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَرْهَمُ وَالْكُحْلُ وَنَحْوُهُمَا هَلْ يَرْجِعُ بِبَدَلِهَا عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ بِهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَيَرْجِعُ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْعَمَلِ وَبِقِيمَةِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجِّرِ) أَيْ حَيْثُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ
[حاشية الرشيدي]
لِمُسْتَأْجِرِهَا لِلْإِرْضَاعِ مَنْعُ زَوْجِهَا مِنْ الْوَطْءِ خَوْفَ الْحَبَلِ وَانْقِطَاعِ اللَّبَنِ، فَلَعَلَّهُمْ يَرَوْنَ الْفَرْقَ بَيْنَ تَغَيُّرِ اللَّبَنِ وَاخْتِلَافِهِ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّ هُنَاكَ مَنْدُوحَةٌ وَهِيَ الْفَسْخُ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَاكَ فِي مَنْعِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلزَّوْجِ وَمَا هُنَا فِي امْتِنَاعِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مَا هُنَاكَ فِي مُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَمَا هُنَا فِي غَلَبَةِ الظَّنِّ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا جَزَمَ بِالْأَخِيرِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَالْحَضَانَةُ الصُّغْرَى أَنْ تُلْقِمَهُ إلَخْ) أَيْ وَتَعْصِرَ لَهُ الثَّدْيَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذَرُورُ الْكَحَّالِ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُحْلٌ؛ لِأَنَّهُ هُوَ (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتُهُ) أَيْ مِمَّا يُسْتَهْلَكُ كَالْكُحْلِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْإِبْرَةِ وَالْقَلَمِ كَذَا ظَهَرَ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُؤَجَّرِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute