للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يَصِحَّ لِاعْتِمَادِهِ الرُّؤْيَةَ حَالَ الْعَقْدِ، وَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ مَعَ الْأَعْمَى فَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايَلِ فِيهِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ، وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَقِيلَ إنْ عَمِيَ قَبْلَ تَمْيِيزِهِ) بَيْنَ الْأَشْيَاءِ أَوْ خُلِقَ أَعْمَى (فَلَا) يَصِحُّ سَلَمُهُ وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ وَإِيجَارُهَا إذْ لَا يَجْهَلُهَا وَبَيْعُ مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ إنْ كَانَ ذَاكِرًا لِأَوْصَافِهِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ غَالِبًا، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ عَمِيَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَبْطُلْ الشِّرَاءُ، وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ نَحْوِ جَزَرٍ وَبَصَلٍ فِي أَرْضِهِ لِلْغَرَرِ، وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى مَعَ عَدَمِ صِحَّتِهِ بَيْعُ نَصِيبٍ مِنْ الْجَارِي مِنْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ؛ وَلِأَنَّ الْجَارِيَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَمْلُوكٍ فَذَاكَ وَإِلَّا فَلَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهُ لِاخْتِلَاطِ غَيْرِ الْمَبِيعِ بِهِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْقَنَاةَ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا، فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ، وَإِنْ اشْتَرَى الْقَرَارَ مَعَ الْمَاءِ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا فِيهِمَا لِلْجَهَالَةِ، وَلَوْ رَأَى ثَوْبَيْنِ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا وَوَصْفُهُمَا وَقَدْرُهُمَا كَنِصْفَيْ كِرْبَاسٍ فَسُرِقَ أَحَدُهُمَا وَاشْتَرَى الْآخَرَ غَائِبًا عَنْهُ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْمَسْرُوقُ صَحَّ لِحُصُولِ الْعِلْمِ إلَّا إنْ اخْتَلَفَتْ الْأَوْصَافُ الْمَذْكُورَةُ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهَا بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الْعَقْدِ اعْتِرَافٌ بِصِحَّتِهِ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ خِلَافًا لِمَا فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ وَتَبِعَهُ الْوَالِدُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ.

بَابُ الرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالْقَصْرِ وَبِفَتْحِهَا وَالْمَدِّ وَأَلِفُهُ بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ وَيُكْتَبُ بِهِمَا وَبِالْيَاءِ، وَهُوَ لُغَةً: الزِّيَادَةُ، قَالَ تَعَالَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: مَعَ الْأَعْمَى) أَيْ فَطَرِيقُ الصِّحَّةِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ) لَعَلَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْأَعْمَى مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ) أَيْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ وَقِيَاسُ بُطْلَانِ إقَامَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ عَدَمُ نُفُوذِ الْفَسْخِ مِنْهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِقَالَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَسْتَدْعِي التَّوَافُقَ عَلَيْهَا مِنْ الْمُتَقَابِلَيْنِ وَلَا كَذَلِكَ الْفَسْخُ فَإِنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ لَهُ مَا يُجَوِّزُهُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ شِرَاءُ نَفْسِهِ) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا تَوَقَّفَ فِيهِ سم عَلَى حَجّ مِنْ أَنَّ هَذَا عَقْدُ عَتَاقَةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَبْطُلْ الشِّرَاءُ) أَيْ وَيُوَكِّلُ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ: أَوْ سَهْمًا مِنْهَا) أَيْ جُزْءًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى ثَوْبَيْنِ) أَيْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الرُّؤْيَةِ) أَيْ فِي أَصْلِهَا كَأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَرَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: مُدَّعِيهَا) أَيْ الرُّؤْيَةَ.

(بَابُ الرِّبَا) (قَوْلُهُ: وَأَلِفُهُ بَدَلُ مِنْ وَاوٍ) صَرِيحٌ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي كَوْنِ أَلِفِهِ مُنْقَلِبَةً عَنْ وَاوٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي رَسْمِهِ، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: الرِّبَا الْفَضْلُ وَالزِّيَادَةُ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى الْأَشْهَرِ، وَيُثَنَّى رِبَوَانِ بِالْوَاوِ عَلَى الْأَصْلِ، وَقَدْ يُقَالُ رِبَيَانِ عَلَى التَّخْفِيفِ ا. هـ. فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصْلِ وَقَوْلُهُ عَلَى التَّخْفِيفِ يَدُلَّانِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ عَدَمِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ أَصْلِ الْأَلِفِ وَاوًا (قَوْلُهُ: وَيُكْتَبُ بِهِمَا) أَيْ بِالْوَاوِ وَالْأَلِفِ مَعًا كَمَا نَقَلَهُ عُلَمَاءُ الرَّسْمِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

سَلَمِ الْأَعْمَى حَيْثُ لَمْ يَكُنْ رَأْسُ الْمَالِ مُعَيَّنًا ابْتِدَاءً وَحِينَئِذٍ يُوَكِّلُ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ أَوْ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ مِنْهُ لِاعْتِمَادِهِ إلَخْ، فَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ صِحَّةِ السَّلَمِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا: أَيْ بِأَنْ كَانَ مُعَيَّنًا، وَالشَّارِحُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَحِينَئِذٍ: أَيْ حِينَ كَانَ مُعَيَّنًا فَتَصَرَّفَ فِي عِبَارَتِهِ بِمَا تَرَى (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَشْيَاءِ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّمْيِيزِ هُنَا غَيْرُ التَّمْيِيزِ الشَّرْعِيِّ.

[بَابُ الرِّبَا]

<<  <  ج: ص:  >  >>