{اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [الحج: ٥] أَيْ نَمَتْ وَزَادَتْ. وَشَرْعًا: عَقْدٌ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ فِي مِعْيَارِ الشَّرْعِ حَالَةَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ فِي الْبَدَلَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَمْ يَحِلَّ فِي شَرِيعَةٍ قَطُّ، وَلَمْ يُؤْذِنْ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَاصِيًا بِالْحَرْبِ سِوَى آكِلِهِ، وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى سُوءِ الْخَاتِمَةِ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ صَحَّ فِيهَا الْإِيذَانُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ هُنَا أَنَّهُ أَعْظَمُ إثْمًا مِنْ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخِلَافِهِ وَتَحْرِيمُهُ تَعَبُّدِيٌّ وَمَا أَبْدَى لَهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً لَا عِلَّةً. وَهُوَ إمَّا رِبَا فَضْلٍ بِأَنْ يَزِيدَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ بِأَنْ يُشْتَرَطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ لِلْمُقْرِضِ غَيْرَ نَحْوِ الرَّهْنِ، أَوْ رِبَا يَدٍ بِأَنْ يُفَارِقَ أَحَدُهُمَا مَجْلِسَ الْعَقْدِ قَبْلَ التَّقَابُضِ، أَوْ رِبَا نَسَاءٍ بِأَنْ يُشْرَطَ أَجَلٌ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا، وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْبَابِ بَيَانُ مَا يُعْتَبَرُ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ، ثُمَّ الْعِوَضَانِ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا اُشْتُرِطَ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، أَوْ عِلَّةً وَهِيَ الطُّعْمُ وَالنَّقْدِيَّةُ اُشْتُرِطَ شَرْطَانِ، وَإِلَّا كَبَيْعِ طَعَامٍ بِنَقْدٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ بِحَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ (إذَا) (بِيعَ الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ) أَوْ النَّقْدُ بِالنَّقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (إنْ كَانَا) أَيْ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ (جِنْسًا) وَاحِدًا بِأَنْ جَمَعَهُمَا اسْمٌ خَاصٌّ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِهِمَا فِي الرِّبَا وَاشْتَرَكَا
ــ
[حاشية الشبراملسي]
قَوْلُهُ: وَزَادَتْ) تَفْسِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَرْعًا عَقْدٌ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجّ: وَشَرْعًا قَالَ الرُّويَانِيُّ عَقْدٌ (قَوْلُهُ غَيْرِ مَعْلُومِ التَّمَاثُلِ) يَصْدُقُ بِمَعْلُومٍ عَدَمُ التَّمَاثُلِ وَأَلْ فِي التَّمَاثُلِ لِلْعَهْدِ: أَيْ التَّمَاثُلِ الْمُعْتَبَرُ شَرْعًا وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَيْسَ حَمْلُهَا عَلَى الْعَهْدِ بِأَبْعَدَ مِنْ حَمْلِ قَوْلِنَا عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا، وَقَوْلُهُ أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ يُمْكِنُ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى عِوَضٍ، وَتُحْمَلُ أَلْ فِي الْبَدَلَيْنِ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا: أَيْ وَهُوَ الْأَنْوَاعُ الْمَخْصُوصَةُ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الرِّبَا كَمَا حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ عَلَى عِوَضٍ مَخْصُوصٍ وَإِنْ كَانَ أَعَمَّ مِنْهُ، وَيَشْمَلُ هَذَا الْقِسْمُ مَا كَانَ الْجِنْسُ فِيهِ مُتَّحِدًا وَمَا كَانَ مُخْتَلِفًا وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مَعْلُومُ التَّمَاثُلِ وَمَا كَانَ مَجْهُولُهُ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ تَأْخِيرٍ) أَيْ أَوْ عَقْدٍ مَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤْذِنْ) أَيْ لَمْ يُعْلِمُ اللَّهُ (قَوْلَهُ كَإِيذَاءِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ) أَيْ وَلَوْ أَمْوَاتًا (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ صَحَّ فِيهَا) أَيْ فِي أَذِيَّةِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَلَوْ قَالَ فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ هُنَا) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ أَعْظَمُ إثْمًا) لَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ التَّبْعِيضُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذِهِ كَالشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: مِنْ الزِّنَا) وَمِنْهُ اللِّوَاطُ (قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةُ) أَيْ وَإِنْ قَلَّتْ (قَوْلُهُ: وَمَا أَبْدَى لَهُ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ يُؤَدِّي لِلتَّضْيِيقِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَصْلُحُ حِكْمَةً) يُفِيدُ أَنَّ مُجَرَّدَ الْحِكْمَةِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا ظَاهِرًا اهـ سم. أَقُولُ: قَوْلُهُ نَظَرًا ظَاهِرًا: أَيْ لِتَصْرِيحِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ التَّعَبُّدِيَّ هُوَ الَّذِي لَمْ يُدْرَكْ لَهُ مَعْنًى، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُمْ قَدْ يُطْلِقُونَ التَّعَبُّدِيَّ عَلَى مَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِلَّةٌ مُوجِبَةٌ لِلْحُكْمِ وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ حِكْمَةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَزِيدَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ) أَيْ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ ا. هـ.
شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ رِبَا الْقَرْضِ) إنَّمَا جُعِلَ رِبَا الْقَرْضِ مِنْ رِبَا الْفَضْلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شُرِطَ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ أَنَّهُ بَاعَ مَا أَقْرَضَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ مِنْهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ مَا فِيهِ نَفْعٌ) وَمِنْهُ مَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِمِصْرَ وَأَذِنَ لَهُ فِي دَفْعِهِ لِوَكِيلِهِ بِمَكَّةَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَحْوِ الرَّهْنِ) مِنْ النَّحْوِ الْكَفَالَةُ وَالشَّهَادَةُ (قَوْلُهُ: أَوْ رِبَا نَسَاءٍ) بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ ا. هـ.
شَيْخُنَا زِيَادِيٌّ، وَفِي الْمِصْبَاحِ: النَّسِيءُ مَهْمُوزًا عَلَى فَعِيلٍ التَّأْخِيرُ وَالنَّسِيئَةُ عَلَى فَعِيلَةٍ مِثْلُهُ، وَهُوَ اسْمَانِ مِنْ نَسَأَ اللَّهُ أَجَلَهُ مِنْ بَابِ نَفَعَ وَأَنْسَأَهُ بِالْأَلِفِ إذَا أَخَّرَهُ اهـ. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ مِنْ بَابِ نَفَعَ أَنَّ مَصْدَرَهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ السِّينِ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى بُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ) مِنْ كَوْنِهِ ظَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعِوَضَانِ) أَيْ الرِّبَوِيَّانِ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعِلَّةُ (قَوْلُهُ: وَالنَّقْدِيَّةُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ) قَالَ حَجّ: وَهُوَ فَاسِدٌ، قَالَ سم " وَفِي جَزْمِهِ بِالْفَسَادِ مَعَ احْتِمَالِ
[حاشية الرشيدي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute