بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ هُنَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفَ الْمُدَّعِي وَيَأْخُذَ مِنْهُ، وَإِذَا دَفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ أَنْكَرَ الدَّائِنُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ أَخَذَ دَيْنَهُ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالْمِلْكِ لَهُ. وَالثَّانِي لَا يَجِبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِ صَاحِبِ الْحَقِّ الْحَوَالَةَ (قُلْت: وَإِنْ) (قَالَ) لِمَنْ عِنْدَهُ عَيْنٌ أَوْ دَيْنٌ لِمَيِّتٍ: (أَنَا وَارِثُهُ) الْمُسْتَغْرِقُ لِتَرِكَتِهِ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ وَالشَّامِلِ وَغَيْرِهِمَا وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَنْظُرُوا إلَى أَنَّ أَنَا وَارِثُهُ صِيغَةُ حَصْرٍ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى نَحْوِ قَوْلِهِ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي لِخَفَائِهِ جِدًّا فَانْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ هُنَا أَوْ وَصِيَّةٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِمَا تَحْتَ يَدِك وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَصَدَّقَهُ وَجَبَ الدَّفْعُ إلَيْهِ (عَلَى الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِاعْتِرَافِهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ لَهُ وَلَيْسَ مِنْ التَّكْذِيبِ وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْوَكِيلِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ. وَالثَّانِي وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ السَّابِقَةِ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ إلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى إرْثِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْآنَ لِحَيَاتِهِ وَيَكُونُ ظَنُّ مَوْتِهِ خَطَأً، وَإِذَا سَلَّمَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْمُسْتَحِقُّ حَيًّا وَغَرِمَهُ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِمْ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِمْ، بِخِلَافِ صُورَةِ الْوَكَالَةِ لَا رُجُوعَ فِيهَا فِي بَعْضِ صُوَرِهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَإِنْكَارُ الْمُسْتَحِقِّ لَا يَرْفَعُ تَصْدِيقَهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ وَكَّلَهُ ثُمَّ جَحَدَ وَهَذَا بِخِلَافِهِ.
كِتَابُ الْإِقْرَارِ هُوَ لُغَةً: الْإِثْبَاتُ، مِنْ قَرَّ الشَّيْءُ يَقِرُّ قَرَارًا ثَبَتَ. وَشَرْعًا: إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ عَلَى الْمُخْبِرِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ فَدَعْوَى، أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَشَهَادَةٌ هَذَا إنْ كَانَ خَاصًّا، فَإِنْ اقْتَضَى شَرْعًا عَامًّا وَكَانَ عَنْ أَمْرٍ مَحْسُوسٍ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَيْ الْقَابِضُ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ.
كِتَابُ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: يُقِرُّ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا، يُقَالُ قَرَرْت بِالْمَكَانِ بِالْكَسْرِ أَقَرَّ بِالْفَتْحِ، وَقَرَرْت بِالْفَتْحِ أَقِرُّ بِالْكَسْرِ اهـ مُخْتَارُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْبِرِ) قَالَ سم عَلَى مَنْهَجِ: فَرْعٌ: التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى التَّعْرِيفِ اهـ. أَقُولُ: يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إخْبَارٌ مِنْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِأَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ كَفِعْلِ الْمُوَكِّلِ، أَوْ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْأَخَصِّ وَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، هَذَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْوَارِدِ عَلَى التَّعْرِيفِ هُوَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ لَا التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ، وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِ الْمُحَشِّيِّ مُسَامَحَةٌ، وَيَرُدُّ عَلَى كَلَامِهِ أَيْضًا إقْرَارُ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ أَوْ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِمَامَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ، وَوَلِيَّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ نَائِبٌ عَنْهُ فَكَأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْبِرِ) أَيْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ كَانَ) أَيْ الْإِخْبَارُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَضَى شَرْعًا عَامًّا) أَيْ أَمْرًا مَشْرُوعًا
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: الْمُسْتَغْرِقُ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَخْتَصُّ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ مُطْلَقُ الْإِخْبَارِ لَا الْإِخْبَارُ الْمَذْكُورُ فِي التَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ بِشَرْطِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute