للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرِوَايَةٌ، أَوْ عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَحُكْمٌ وَإِلَّا فَفَتْوَى.

وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ هِيَ الْإِقْرَارُ، وَخَبَرُ الشَّيْخَيْنِ «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: مُقِرٌّ وَمَقَرٌّ لَهُ وَبِهِ وَصِيغَةٌ، وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (يَصِحُّ) الْإِقْرَارُ (مِنْ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ وَلَوْ إمَامًا بِالنِّسْبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَوَلِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي مَالِ مُوَلِّيهِ، وَسَيُعْلَمُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ أَمْرٍ شَرْعِيٍّ) عُطِفَ عَلَى غَيْرِ مَحْسُوسٍ فَهَلْ يَشْمَلُ يَلْزَمُ زَيْدًا كَذَا فِي جَوَابِ هَلْ يَلْزَمُ زَيْدًا كَذَا: أَيْ بِسَبَبِ فِعْلِهِ كَذَا، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ يَشْمَلُ لِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ مُتَعَلِّقَهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا فِيهِ لِأَنَّهُ لَوْ تَتَحَقَّقَ فِي غَيْرِهِ ثَبَتَ لَهُ هَذَا الْحُكْمُ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: شَهَادَةُ الْمَرْءِ) أَيْ فَسَّرْت شَهَادَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ:: «اُغْدُ يَا أُنَيْسُ» ) هُوَ أُنَيْسُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ مَعْدُودٌ فِي الشَّامِيِّينَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ أَسْلَمِيٌّ وَالْمَرْأَةُ أَيْضًا أَسْلَمِيَّةٌ. قَالَ الْحَافِظُ: أُنَيْسٌ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ الْأَسْلَمِيُّ، نَقَلَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ " وَوَهِمَ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أُنَيْسُ بْنُ أَبِي مَرْثَدٍ فَإِنَّهُ غَنَوِيٌّ، وَكَذَا قَوْلُ ابْنِ التِّينِ كَانَ الْخِطَابُ فِي ذَلِكَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ صُغِّرَ

اهـ مِنْ مُخْتَصَرِ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ لِلطَّيِّبِ بْنِ عَفِيفِ الدِّينِ الشَّهِيرِ بِابْنِ مَخْرَمَةَ الْيَمَنِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ) زَادَ بَعْضُهُمْ الْمُقِرَّ عِنْدَهُ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ شَاهِدٍ، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَوْ تَوَقَّفَ تَحَقُّقُ الْإِقْرَارِ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ خَالِيًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَقَرَّ خَالِيًا فِي يَوْمِ كَذَا لَمْ يُعْتَدَّ بِهَذَا الْإِقْرَارِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِمُقْتَضَاهُ وَلَا الدَّعْوَى بِسَبَبِهِ لِفَسَادِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ شَرْعًا لِعَدَمِ وُجُودِ رُكْنِهِ الْمَذْكُورِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ قَطْعِيًّا فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ) الْمُرَادُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ، فَلَا يُرَدُّ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي وَلَا الْفَاسِقُ وَلَا مَنْ بَذَرَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ إمَامًا) إنَّمَا أَخَذَهُمَا غَايَةً لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ كُلًّا لَيْسَ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ يُنَافِي الْإِطْلَاقَ.

[فَرْعٌ] قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَيُقْبَلُ إقْرَارُ الرَّشِيدِ بِجِنَايَةٍ فِي الصِّغَرِ: قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهٍ يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَالْمُقْرِضِ وَالْمُبِيعِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَاخَذَ بِهِ اهـ.

[فَرْعٌ] إقْرَارُ الْمُرْتَدِّ بِالْعُقُوبَةِ فِي بَدَنِهِ مَقْبُولٌ وَفِي مَالِهِ مَوْقُوفٌ اهـ سم عَلَى مَنْهَجِ (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ) كَأَنْ أَقَرَّ بِثَمَنِ شَيْءٍ اشْتَرَاهُ لَهُ وَثَمَنُهُ بَاقٍ لِلْبَائِعِ، أَوْ أَنَّهُ بَاعَ هَذَا مِنْ مَالِ الطِّفْلِ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ عَلَى مُوَلِّيهِ بِأَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا مَثَلًا فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَمَا طَرِيقُهُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّ مُتْلِفَاتِ الصَّبِيِّ مَضْمُونَةٌ فِي مَالِهِ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الْأَحْوَطَ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ يَرَى صِحَّةَ إقْرَارِهِ وَجَبَ الرَّفْعُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَنْ يَرَاهُ أَخَّرَ الْأَمْرَ إلَى بُلُوغِهِ، وَلِمَنْ أَتْلَفَ الصَّبِيُّ مَالَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الصَّبِيِّ وَيُقِيمَ وَلِيُّهُ شَاهِدًا وَيُقِيمَ آخَرَ أَوْ يَحْلِفَ مَعَ الْوَلِيِّ، وَلَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ ذَلِكَ جَازَ لَهُ الدَّفْعُ بَاطِنًا، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ الْأَمْرُ وَلَوْ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهِ (قَوْلُهُ: لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ فِي مَالِ مُوَلِّيه) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ قَوْلِهِ لِمَا يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ إلَخْ لِلْوَلِيِّ فَقَطْ دُونَ الْإِمَامِ بِالنِّسْبَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَاقْتَصَرَ حَجّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ إقْرَارَ الْوَلِيِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّ إقْرَارَ الْإِمَامِ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مَقْبُولٌ مُطْلَقًا فَلْيُحَرَّرْ، ثُمَّ قَضِيَّةُ قَوْلِهِ: يُمْكِنُهُ إنْشَاؤُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِ إلْزَامٌ فَحُكْمٌ) فِي كَوْنِ الْحُكْمِ يَقْتَضِي شَرْعًا عَامًّا نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ كَالشِّهَابِ حَجّ وَالدَّمِيرِيِّ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ، بَلْ فِي كَوْنِ الْحُكْمِ إخْبَارٌ اُنْظُرْ أَيْضًا، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْشَاءٌ كَصِيَغِ الْعُقُودِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>