للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ خَاصَّتُهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، قِيلَ لَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ وَعُرِفَ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ صِحَّتَهُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ، وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ.

(يُشْتَرَطُ لَهُ) لِيَصِحَّ (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) الْمُتَوَقِّفِ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى اشْتِرَاطَ رُؤْيَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالصِّيغَةُ فَلَا يُرَدُّ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى دُونَ شِرَائِهِ (أُمُورٌ) سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ كَأَنْ يُقَالُ مَوْصُوفُ مَبِيعِهِ أَوْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا) دَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْرِيفَ بِمَا ذُكِرَ لَيْسَ مَانِعًا لِشُمُولِهِ بَيْعَ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَإِنَّ التَّعْرِيفَ صَادِقٌ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِسَلَمٍ (قَوْلُهُ: قِيلَ) أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ تَضْعِيفُهُ (قَوْلُهُ: بِصِيغَةٍ وَاحِدَةٍ) وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِلَفْظِ السَّلَفِ كَالسَّلَمِ لِأَنَّهُمَا لِتَرَادُفِهِمَا يُعَدَّانِ وَاحِدَةً، وَكَذَلِكَ انْعِقَادُهُ بِالتَّزْوِيجِ كَالنِّكَاحِ لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا صِيغَةً وَاحِدَةً لِتَرَادُفِهِمَا حَجّ بِالْمَعْنَى (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الرَّقِيقِ) وَمِثْلُ ذَلِكَ كُلُّ مَا يَمْتَنِعُ تَمَلُّكُ الْكَافِرِ لَهُ كَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالسَّلَمِ مِنْ الْحَرْبِيِّ فِي السِّلَاحِ.

(قَوْلُهُ: فِي الرَّقِيقِ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُسْلِمِ إذَا أَسْلَمَ لِلْكَافِرِ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ صَحَّ، لَكِنْ قَالَ حَجّ: الَّذِي يُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا عِنْدَ الْكَافِرِ أَوْ لَا.

أَقُولُ: وَذَلِكَ لِنُدْرَةِ دُخُولِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِيمَا يَعِزُّ وُجُودُهُ، وَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُسْلِمٌ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ عَمَّا فِيهِ وَيَجُوزُ تَلَفُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْمُرْتَدِّ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِيهِ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: لَا مُطْلَقًا) يُؤْخَذُ مِمَّا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَنْ السُّبْكِيّ حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْذَفُ كَوْنُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا لِأَنَّهُ رُكْنٌ مَذْكُورٌ فِي

ــ

[حاشية الرشيدي]

؛ لِأَنَّ السَّلَمَ لَيْسَ مِنْ لَازِمِهِ التَّأْجِيلُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ وَإِلَّا فَمَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ الْجَلَالُ غَيْرُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجَابُ عَنْ الْمَتْنِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِجَوَابَيْنِ: إمَّا أَنَّهُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ بِلَفْظِ السَّلَمِ لِعِلْمِهِ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَإِمَّا بِأَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَهُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ وَقَدْ أَوْضَحَ كَلَامَهُ الشِّهَابُ حَجّ فِي تُحْفَتِهِ، وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا أَنَّهُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِلَفْظِ السَّلَمِ: أَيْ أَوْ السَّلَفِ فَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَعْرِيفٌ لَهُ بِالْخَاصَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ الْجَلَالُ

[شُرُوط صِحَّة السَّلَم]

(قَوْلُهُ: مُشِيرًا بِهِ إلَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا وَرَدَ عَلَى الذِّمَّةِ إلَخْ) أَقُولُ فِي كَوْنِ الشَّارِحِ الْجَلَالِ أَشَارَ إلَى هَذَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يُفْهَمُ مِمَّا قَالَهُ هَذَا بِوَجْهٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالشَّرْطِ مَا يَشْمَلُ الرُّكْنَ، فَيُفِيدُ أَنَّ أَرْكَانَهُ أَرْكَانُ الْبَيْعِ كَمَا أَنَّ شُرُوطَهُ شُرُوطُ الْبَيْعِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الرُّؤْيَةِ فَلَيْسَ فِي كُلِّ بَيْعٍ كَمَا لَا يَخْفَى بَلْ الشَّرْطُ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ، ثُمَّ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَعِلْمُهُ بِالرُّؤْيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعِلْمُهُ بِالْمِقْدَارِ وَالْوَصْفِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ، وَإِنْ ذَهَبَ إلَيْهِ الشِّهَابُ حَجّ فَقَدْ أَشَارَ إلَى رَدِّهِ الشِّهَابُ سم، ثُمَّ رَأَيْتُ الشَّيْخَ عَمِيرَةَ صَرَّحَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ الْجَلَالِ مَا ذَكَرْتُهُ. (قَوْلُهُ: وَالصِّيغَةَ) لَا يُنَاسِبُ مَا قَدَّمَهُ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ رُكْنٌ لَا شَرْطٌ، وَمُرَادُهُ أَنَّ الصِّيغَةَ وَإِنْ تَوَقَّفَتْ عَلَيْهَا الصِّحَّةُ هُنَا وَهُنَاكَ إلَّا أَنَّهَا هُنَا غَيْرَهَا هُنَاكَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ صِحَّةُ سَلَمِ الْأَعْمَى) اُنْظُرْ مَا مَوْقِعُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَعِبَارَةِ التُّحْفَةِ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُشْتَرَطُ لَهُ مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ نَصُّهَا مَا عَدَا الرُّؤْيَةَ، وَقِيلَ الْمُرَادُ شُرُوطُ الْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: سَبْعَةٌ أُخْرَى اخْتَصَّ بِهَا) فِيهِ أَنَّ بَعْضَ السَّبْعَةِ شَرْطٌ لِلْبَيْعِ أَيْضًا كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ، وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>