للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كِتَابُ السَّلَمِ وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ، سُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ إلَّا مَا شَذَّ بِهِ ابْنُ الْمُسَيِّبِ آيَةُ الدَّيْنِ فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» كَالشَّفَقِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ، فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ الْمُثَمَّنُ،

وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا

فَإِنَّ أَرْبَابَ الضِّيَاعِ قَدْ يَحْتَاجُونَ لِمَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى مَصَالِحِهَا فَيَسْتَسْلِفُونَ عَلَى الْغَلَّةِ، وَأَرْبَابَ النُّقُودِ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّخْصِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ. وَمَعْنَى الْخَبَرِ: مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا، أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ (هُوَ) شَرْعًا (بَيْعُ) شَيْءٍ (مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ) بِلَفْظِ السَّلَمِ كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

كِتَابُ السَّلَمِ أَيْ كِتَابُ بَيَانِ حَقِيقَتِهِ وَأَحْكَامِهِ (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ) أَيْ لُغَةً، وَهَذِهِ الصِّيغَةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ السَّلَمَ هُوَ الْكَثِيرُ الْمُتَعَارَفُ وَأَنَّ هَذِهِ اللُّغَةَ قَلِيلَةٌ (قَوْلُهُ: سُمِّيَ) أَيْ هَذَا الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ لِاشْتِرَاطِ تَسْلِيمِ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِتَقْدِيمِهِ) أَيْ لِتَقْدِيمِ عَقْدِهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ غَالِبًا، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ عَجَّلَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَدَفَعَهُ حَالًّا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: إلَّا مَا شَذَّ) اُنْظُرْ الَّذِي شَذَّ بِهِ هَلْ هُوَ عَدَمُ جَوَازِ السَّلَمِ أَوْ أَنَّ جَوَازَهُ مُعْتَبَرٌ عَلَى وَجْهٍ مُخَالِفٍ لِمَا عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ، فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ) عِبَارَةُ حَجّ: وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَعَلَّهُمَا رِوَايَتَانِ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ» إلَخْ (قَوْلُهُ: وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، إذْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ، وَسَيَأْتِي مَا يُصَرِّحُ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَمَعْنَى الْخَبَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ) هَذَا آخِرُ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ الَّذِي يَلِي وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْفَجْرِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ إلَى الْعِيدِ أَوْ جُمَادَى وَالْمُرَادُ تَكَامُلُ طُلُوعَيْهِمَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ) وَيُحْمَلُ عَلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ النِّصْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: وَبِالْقِيَاسِ) الْأَظْهَرِ حَذَفَ الْبَاءَ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى آيَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: جَازَ أَنْ يَكُونَ) أَيْ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَسَادُ السَّلَمِ فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَفِي الْحَالِّ اهـ (قَوْلُهُ: بَيْعُ شَيْءٍ) يُؤْخَذُ مِنْ جَعْلِهِ بَيْعًا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَقَدْ يَكُونُ كِنَايَةً كَالْكِتَابَةِ وَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ الَّتِي يَفْهَمُهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَوْصُوفٍ) قَالَ الْمَحَلِّيُّ بِالْجَرِّ: أَيْ فَمَوْصُوفٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ: أَيْ شَيْءٍ مَوْصُوفٍ وَإِنَّمَا فَعَلَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَصِحُّ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ، فَلَوْ قُرِئَ بِالرَّفْعِ كَانَ بِمَعْنَى بَيْعٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ وَالْبَيْعُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

كِتَابُ السَّلَمِ (قَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ) أَيْ كَمَغِيبِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ هُوَ الَّذِي يَنْضَبِطُ، وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْأَحْمَرَ وَقَوْلُهُ: كَالشَّفَقِ إلَخْ لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحَلًّا يَخُصُّهُ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ يُمَثِّلُ لِلْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِتَفْرِيعِهِ الْآتِي أَنْ يَقُولَ: فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا وَفِي الذِّمَّةِ إلَخْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>