للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ (مَنْ كَانَ مَعَ دَابَّةٍ أَوْ دَوَابَّ) فِي طَرِيقٍ مَثَلًا وَلَوْ مَقْطُورَةٍ سَائِقًا أَوْ قَائِدًا أَوْ رَاكِبًا سَوَاءٌ أَكَانَتْ يَدُهُ عَلَيْهَا بِحَقٍّ أَمْ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا أَوْ قِنًّا أَذِنَ سَيِّدُهُ أَمْ لَا كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُمْ، وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ فَقَطْ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَلُقَطَةٍ أَقَرَّهَا مَالِكُهُ بِيَدِهِ فَتَلِفَتْ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَبَقِيَّةِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ثُمَّ بِتَرْكِهَا بِيَدِهِ الْمُنَزَّلَةِ مَنْزِلَةَ الْمَالِكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهَا وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَدَعْوَى أَنَّ الْقِنَّ لَا يَدَ لَهُ مَمْنُوعَةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْيَدِ هُنَا الْمُقْتَضِيَةُ لِلْمِلْكِ بَلْ الْمُقْتَضِيَةُ لِلضَّمَانِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى لَهُ يَدٌ كَمَا لَا يَخْفَى (ضَمِنَ إتْلَافَهَا) بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا (نَفْسًا) عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَمَالًا) فِي مَالِهِ (لَيْلًا وَنَهَارًا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ لَهُ وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، فَإِنْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ وَرَاكِبٌ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

[فَصْلٌ فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ]

ِ (قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ) أَيْ وَمَا يَتْبَعُهُ كَمَنْ حَمَلَ حَطَبًا عَلَى ظَهْرِهِ وَدَخَلَ بِهِ سُوقًا، وَإِنْ أُرِيدَ بِالدَّابَّةِ مَا يَشْمَلُ الْآدَمِيَّ دَخَلَتْ هَذِهِ لَكِنْ عَلَى ضَرْبٍ مِنْ الْمُسَامَحَةِ فِي قَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْ حَمَلَ هُوَ الدَّابَّةُ لَا أَنَّهُ مَعَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ دَوَابَّ فِي طَرِيقٍ) .

[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ رَاكِبًا حِمَارَةً مَثَلًا وَوَرَاءَهَا جَحْشٌ فَأَتْلَفَ شَيْئًا ضَمِنَهُ، كَذَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ: لَوْلَا حَدِيثُ الْبَرَاءِ «مَا ضَمَّنَّا رَاكِبًا وَلَا سَائِقًا إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ» ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ «الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ» ظَاهِرٌ لَوْلَا مَا بَيَّنَ فِي حَدِيثِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ.

وَحَدِيثِ نَاقَةِ الْبَرَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «كَانَتْ نَاقَةً ضَارِيَةً فَدَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ حِفْظَ الْحَوَائِطِ بِالنَّهَارِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ حِفْظَ الْمَاشِيَةِ بِاللَّيْلِ عَلَى أَهْلِهَا، وَأَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَاشِيَةِ مَا أَصَابَتْ مَاشِيَتُهُمْ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.

(قَوْلُهُ: بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ) شَمَلَ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيَضْمَنُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَكْرَهَهُ عَلَى رُكُوبِ الدَّابَّةِ لَا عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ، وَبِهَذَا يُفَارِقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى إتْلَافِ الْمَالِ حَيْثُ قِيلَ فِيهِ إنَّ كُلًّا طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، لَكِنْ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَى الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَأَنَّ الْمُكْرَهَ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ وَعَلَى الرُّكُوبِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَلَّقُ مُتْلِفُهَا بِرَقَبَتِهِ) أَيْ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: وَلَا كَذَلِكَ هُنَا) قَدْ يُقَالُ قَدْ يُوَجَّهُ هُنَا إقْرَارُ السَّيِّدِ بَعْدَ عِلْمِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ وَاجِدِهَا، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا فَتَرْكُ السَّيِّدِ لَهَا فِي يَدِهِ تَقْصِيرٌ مِنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْبَهِيمَةُ فَإِنَّ تَرْكَهَا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا مِنْ السَّيِّدِ بَلْ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَرْكِهَا فِي يَدِ الْعَبْدِ فَنُسِبَتْ الْيَدُ فِيهَا لِلْعَبْدِ مَا دَامَتْ مَعَهُ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ دُونَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَمَالًا فِي مَالِهِ) الْمُرَادُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَاقِلَةِ بَلْ بِذِمَّتِهِ يُؤَدِّيهِ مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فِي مَالِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ كَتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالْمَرْهُونِ (قَوْلُهُ: وَرَاكِبٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَعْمَى، وَنَقَلَهُ سم عَلَى مَنْهَجٍ عَنْ طب وَفِيهِ فَرْعٌ: لَوْ رَكِبَ اثْنَانِ فِي جَنْبَيْهَا كَفِي مَحَارَتَيْنِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا، فَلَوْ رَكِبَ ثَالِثٌ بَيْنَهُمَا فِي الظَّهْرِ فَقَالَ م ر الضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

(فَصْلٌ فِي حُكْمِ إتْلَافِ الْبَهَائِمِ) (قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ بِنَحْوِ بَوْلِهَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>