ضَمِنَ الرَّاكِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبٌ فَعَلَيْهِمَا أَوْ رَكِبَهَا اثْنَانِ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَا لَوْ تَنَازَعَا فِيهَا كَانَتْ لَهُمَا، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعَ دَابَّةٍ مَا لَوْ انْفَلَتَتْ مِنْهُ بَعْدَ إحْكَامِ نَحْوِ رَبْطِهَا، وَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا لَوْ نَخَسَهَا غَيْرَ مَنْ مَعَهَا فَضَمَانُ إتْلَافِهَا عَلَى النَّاخِسِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ، وَلَوْ رَدَّهَا رَادٌّ تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ الرَّادُّ، وَمَا لَوْ غَلَبَتْهُ فَاسْتَقْبَلَهَا آخَرُ وَرَدَّهَا فَإِنْ الرَّادَّ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ فِي انْصِرَافِهَا، وَمَا لَوْ سَقَطَ هُوَ أَوْ مَرْكُوبُهُ مَيِّتًا عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ انْتَفَخَ مَيِّتٌ فَانْكَسَرَ بِهِ قَارُورَةٌ
بِخِلَافِ طِفْلٍ سَقَطَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهُ فِعْلًا، وَإِلْحَاقُ الزَّرْكَشِيّ بِسُقُوطِهِ بِالْمَوْتِ سُقُوطَهُ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ شَدِيدَةٍ فِيهِ نَظَرٌ، وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِوُضُوحِ الْفَرْقِ، وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهَا يَقْدِرُ عَلَى ضَبْطِهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهَا غَلَبَتْهُ لِنَحْوِ قَطْعِ عَنَانٍ وَثِيقٍ، وَأَتْلَفَ شَيْئًا لَمْ يَضْمَنْ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الضَّمَانُ، وَمَا لَوْ أَرْكَبَ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ أَثْلَاثًا وِفَاقًا لِطِبٍّ فِيمَا أَظُنُّ اهـ.
وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الرَّاكِبُ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَضْمِينُ الرَّاكِبَةِ مَعَ الْمُكَارِي الْقَائِدِ دُونَهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ لَعَلَّ تَضْمِينَ الرَّاكِبِ إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهِ فَلَا تُضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ الزِّمَامُ بِيَدِهَا اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَعِبَارَتُهُ عَلَى مَنْهَجٍ قَوْلُهُ ضَمِنَ الرَّاكِبُ فَقَطْ بِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي تَرْكَبُ الْآنَ مَعَ الْمُكَارِي دُونَ الْمُكَارِي م ر اهـ.
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.
وَقِيَاسُ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْمَى عَلَى قَائِدِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِمَا) أَيْ السَّائِقِ وَالْقَائِدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِعْلَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُقَدَّمَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ دَخْلٌ فِي تَسْيِيرِهَا كَمَرِيضٍ وَصَغِيرٍ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالرَّدِيفِ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ انْفَلَتَتْ) وَيَنْبَغِي عَدَمُ تَصْدِيقِهِ فِي ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَضَمَانُ إتْلَافِهَا عَلَى النَّاخِسِ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْمُمَيِّزِ وَغَيْرِهِ.
[فَرْعٌ] قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ كَانَتْ رَمُوحًا طَبْعًا، وَاتَّصَلَ إتْلَافُهَا بِالنَّخْسِ فَهَلْ يَضْمَنُ الْآذِنُ أَوْ النَّاخِسُ وَجْهَانِ اهـ.
وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ الْآذِنُ كَمَا لَوْ أَتْلَفَتْ بِغَيْرِ الرُّمْحِ سِيَّمَا إنْ ظَهَرَ إحَالَةُ الرُّمْحِ عَلَى النَّخْسِ الْمَأْذُونِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَأْذَنْ) أَيْ الرَّاكِبُ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ) أَيْ الرَّادِّ، وَقَوْلُهُ بِالرَّادِّ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ فِي النَّاخِسِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَقْبَلَهَا آخَرُ وَرَدَّهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ بِإِشَارَةٍ تُؤَدِّي إلَى رَدِّهَا (قَوْلُهُ: فَأَتْلَفَهُ) أَيْ السَّاقِطُ (قَوْلُهُ: سَقَطَ عَلَيْهَا) أَيْ الْقَارُورَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: الْفَرْقِ) وَهُوَ أَنَّ الْمَيِّتَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلضَّمَانِ، بِخِلَافِ الْحَيِّ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَكَانَ سُقُوطُهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَاكِبُهَا) وَلَوْ كَانَ الرَّاكِبُ مِمَّنْ يَضْبِطُهَا وَلَكِنْ غَلَبَتْهُ بِفَزَعٍ مِنْ شَيْءٍ مَثَلًا أَوْ أَتْلَفَتْ شَيْئًا فَالظَّاهِرُ عَدَمِ الضَّمَانِ اهـ سم عَلَى مَنْهَجٍ.
وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ تَوْجِيهًا لِكَلَامِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ الْيَدَ مَوْجُودَةٌ مَعَ الْفَزَعِ، كَمَا هِيَ مَوْجُودَةٌ مَعَ قَطْعِ اللِّجَامِ وَنَحْوِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْيَدُ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْفَزَعِ إلَّا أَنَّ فِعْلَهَا لَمْ يُنْسَبْ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ إلَى تَقْصِيرٍ مَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ هَاجَتْ الرِّيَاحُ بَعْدَ إحْكَامِ مَلَّاحِ السَّفِينَةِ آلَاتِهَا، وَقَدْ قِيلَ فِيهَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِ الْمَلَّاحِ، بِخِلَافِ قَطْعِ اللِّجَامِ، فَإِنَّ الرَّاكِبَ مَنْسُوبٌ
ــ
[حاشية الرشيدي]
مَا يَأْتِي فِيهِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْمُقَدَّمِ دُونَ الرَّدِيفِ إلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ فِعْلَهَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: قَدْ يَقْتَضِي هَذَا أَنَّهُ لَوْ نُسِبَ سَيْرُهَا لِلْمُؤَخَّرِ فَقَطْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمُقَدَّمُ نَحْوَ مَرِيضٍ لَا حَرَكَةَ لَهُ مَحْضُونٌ لِلْمُؤَخَّرِ اخْتَصَّ الضَّمَانُ بِالْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ ضَمَانُ مَا أَتْلَفَتْهُ بَعْدَهُ بِالرَّادِّ) اُنْظُرْ إلَى مَتَى يَسْتَمِرُّ ضَمَانُهُ، وَلَعَلَّهُ مَا دَامَ سَيْرُهَا مَنْسُوبًا لِذَلِكَ الرَّادِّ فَلْيُرَاجَعْ