كَأَنْ أَتْلَفَ مَالًا لَزِمَهُ الْآنَ قَطْعًا كَمَا نَقَلَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ (وَيَصِحُّ) إقْرَارُهُ (بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِمَا بِالْمَالِ وَلِبُعْدِ التُّهْمَةِ، وَسَائِرُ الْعُقُوبَاتِ مِثْلُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ سَرِقَةً قُطِعَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ بَعْدَ إقْرَارِهِ عَلَى مَالٍ ثَبَتَ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِاخْتِيَارِ غَيْرِهِ لَا بِإِقْرَارِهِ
(وَ) يَصِحُّ (طَلَاقُهُ) وَرَجْعَتُهُ (وَخُلْعُهُ) زَوْجَتَهُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَ) يَصِحُّ (ظِهَارُهُ) وَإِيلَاؤُهُ (وَنَفْيُهُ النَّسَبَ) لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ (بِلِعَانٍ) أَوْ غَيْرِهِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا مَا عَدَا الْخُلْعَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْمَالِ الَّذِي حُجِرَ لِأَجْلِهِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ فَكَالطَّلَاقِ بَلْ أَوْلَى وَهُوَ خَاصٌّ بِالرَّجُلِ لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ لَكِنْ يُسَلَّمُ الْمَالُ إلَى وَلِيِّهِ، فَإِنْ كَانَ مِطْلَاقًا سَرَّى جَارِيَةً إنْ احْتَاجَ إلَى الْوَطْءِ، فَإِنْ كَرِهَهَا أُبْدِلَتْ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ قَوْلَهُ بِلِعَانٍ مِثَالٌ وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ النَّسَبَ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِاسْتِيلَادِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
أَنَّ مَا بَاشَرَ إتْلَافَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَمْ يَكُنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، وَأَنَّ مَا أَقَرَّ بِلُزُومِهِ لَهُ قَبْلَ الْحَجْرِ يَضْمَنُهُ بَاطِنًا بِخِلَافِ مَا بَاشَرَ إتْلَافَهُ مُسْتَنِدَ الْعَقْدِ لَا يَضْمَنُهُ.
وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا لَوْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ ضَمِنَهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ لَزِمَهُ بَاطِنًا.
وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْهُ بِتَقْدِيرِ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ: كَأَنْ أَتْلَفَ) أَيْ قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ وَالْقِصَاصِ) أَيْ بِمُوجِبِهِمَا (قَوْلُهُ قُطِعَ) فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يُقْطَعُ مَعَ أَنَّ الْقَطْعَ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ الْمَالِكِ الْمَالَ، وَهُنَا لَا طَلَبَ وَأَيْضًا إقْرَارُهُ بِالْمَالِ مَلْغِيٌّ؟ قُلْت: هُنَا طَلَبٌ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يَطْلُبُ مِنْ الْمُقِرِّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ: أَيْ الَّذِي قَطَعَ بِسَبَبِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ) لَا يُقَالُ: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَمَا لَوْ صَالَحَ عَنْ قِصَاصٍ إلَخْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: ذَاكَ مَفْرُوضٌ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ وَمَا هُنَا فِي قِصَاصٍ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: ثَبَتَ الْمَالُ عَلَى الصَّحِيحِ اهـ.
وَكَتَبَ عَلَيْهِ ع: اُنْظُرْ مَا يُقَابِلُهُ هَلْ هُوَ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ بِالْكُلِّيَّةِ أَمْ لُزُومُ الذِّمَّةِ؟ الظَّاهِرُ الثَّانِي اهـ.
وَصَرِيحُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ الْمُقَابِلَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ عَدَمِ ذِكْرِ الشَّارِحِ لِهَذَا الْخِلَافِ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ إقْرَارِهِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِعَفَا
(قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ طَلَاقُهُ) أَيْ مَجَّانًا
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ الْيَمِينُ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ وَعَلَيْهِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفٌ وَالْأَصْلُ لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) كَاسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ
(قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسَلِّمُ الْمَالَ) أَيْ فِي الْخُلْعِ
(قَوْلُهُ: إلَى وَلِيِّهِ) أَوْ إلَيْهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ لِمَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ قَبْضِ دَيْنِهِ بِالْإِذْنِ، وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعَلَّقْ بِإِعْطَائِهَا لَهُ كَمَا فِي حَجّ، وَعِبَارَتُهُ: وَمَا عُلِّقَ بِإِعْطَائِهِ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوعِ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ، وَلَا تَضْمَنُ الزَّوْجَةُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ لِاضْطِرَارِهَا إلَيْهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بِالْقَبْضِ اهـ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: أَبْدَلَتْ) أَيْ مَا لَمْ تَصِرْ مُسْتَوْلَدَةً فَإِنْ صَارَتْ كَذَلِكَ وَتَبَرَّمَ بِهَا أُخِذَ لَهُ أُخْرَى وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ مَجَّانًا أَوْ قَرْضًا كَمَا فِي اللَّقِيطِ؟ الْأَقْرَبُ الثَّانِي إنْ تَبَيَّنَ لِلْمَجْهُولِ الْمُسْتَلْحِقِ مَالٌ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ لَهُ، أَمَّا لَوْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ أَوْ صَارَ الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ رَشِيدًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَالِهِ بِمَا أُنْفِقَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَكُنْ ثَمَّ نَفَقَتُهُ مُتَعَلِّقَةً بِمَالِهِ الْحَاصِلِ، وَهَذَا كَالْإِنْفَاقِ عَلَى الْفَقِيرِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ بَعْدُ وَكَتَبَ أَيْضًا
قَوْلُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ: أَيْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ الْمُؤَدِّيَ إلَى تَفْوِيتِ الْمَالِ عَلَيْهِ لَغْوٌ فَقَبِلَ لِثُبُوتِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ مَالٌ وَأُلْغِيَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالنَّفَقَةِ حَذَرًا مِنْ التَّفْوِيتِ لِلْمَالِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا رَشَدَ يُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ
ــ
[حاشية الرشيدي]
الْمَبِيعَ أَوْ الْمُقْرَضَ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِيمَا مَرَّ سَلَّطَهُ الْمَالِكُ عَلَى الْإِتْلَافِ
[مَا يَصِحُّ مِنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ]
(قَوْلُهُ: لِمَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ) لَعَلَّهُ سَقَطَ بَعْدَهُ قَوْلُهُ: