للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ صِيَانَةً لِلرُّوحِ وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ وَقَبْضُهُ دَيْنَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ كَمَا رَجَّحَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ، وَمَا لَوْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: مَنْ رَدَّ عَلَيَّ عَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَرَدَّهُ اسْتَحَقَّ الْجُعْلَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَسْتَحِقُّهُ فَالْبَالِغُ أَوْلَى، وَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْأَسْرِ فَفَدَى نَفْسَهُ بِمَالٍ صَحَّ وَمَا لَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا لِلسُّفَهَاءِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَنَا وَيُؤَدُّونَ خَرَاجَهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ

(وَلَا يَصِحُّ) (إقْرَارُهُ) بِنِكَاحٍ كَمَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ وَلَا (بِدَيْنٍ) فِي مُعَامَلَةٍ أَسْنَدَ وُجُوبَهُ إلَى مَا (قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ) إلَى مَا (بَعْدَهُ) كَالصَّبِيِّ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ فِي حَالِ الْحَجْرِ (وَكَذَا بِإِتْلَافِ الْمَالِ) أَوْ جِنَايَةٍ تُوجِبُ الْمَالَ (فِي الْأَظْهَرِ) كَدَيْنِ الْمُعَامَلَةِ.

وَالثَّانِي يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاشَرَ الْإِتْلَافَ يَضْمَنُ، فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ قُبِلَ.

وَرُدَّ بِأَنَّ الصَّبِيَّ يَضْمَنُ بِإِتْلَافِهِ، وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ جَزْمًا، وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِنَفْيِ الصِّحَّةِ عَدَمَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ حَالَ الْحَجْرِ وَبَعْدَ فَكِّهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِلُزُومِ ذَلِكَ بَاطِنًا إذَا كَانَ صَادِقًا عَلَى مَا إذَا كَانَ سَبَبُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْحَجْرِ أَوْ مُضَمَّنًا لَهُ فِيهِ.

نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

الْحَاجَةَ إلَى الطَّعَامِ أَكْثَرُ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا حَيْثُ قَالَ فِي الْمَطَاعِمِ وَنَحْوِهَا.

قَالَ حَجّ: وَقَدْ يُقَالُ الِاضْطِرَارُ مُجَوِّزٌ لِلْأَخْذِ وَلَوْ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَلَا ضَرُورَةَ لِلصِّحَّةِ هُنَا فِيهِمَا: أَيْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَإِنْ قَطَعَ بِهَا الْإِمَامُ فِي السَّفِيهِ اهـ.

وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالصِّحَّةِ لَامْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ، وَذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ فَقُلْنَا بِالصِّحَّةِ حِفْظًا لِلنُّفُوسِ عَنْ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: وَعَقْدُهُ الْجِزْيَةَ بِدِينَارٍ) بِأَنْ كَانَ حَرْبِيًّا وَقَبِلَ عَقْدَ الْجِزْيَةِ مِنْ الْإِمَامِ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ وَلِيِّهِ) شَمِلَ مَا لَوْ قَبَضَهُ فِي غَيْبَةِ وَلِيِّهِ بِإِذْنٍ مِنْهُ فَتُبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْمَدِينِ، ثُمَّ إذَا تَلِفَ فِي يَدِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ هَلْ يَضْمَنُهُ الْوَلِيُّ لِتَقْصِيرِهِ بِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَدَمِ مُرَاقَبَتِهِ لَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الْأَوَّلُ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي سم يَنْبَغِي أَنَّ الْحَاصِلَ إنْ قَبَضَ دُيُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَلَا يَبْرَأُ الدَّافِعُ وَلَا يَضْمَنُ الْوَلِيُّ مُطْلَقًا.

أَمَّا بِإِذْنِهِ فَيُعْتَدُّ بِهِ وَيَضْمَنُ الْوَلِيُّ إنْ قَصَّرَ بِأَنْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْوَلِيِّ مِنْ نَزْعِهَا وَأَنَّ قَبْضَ أَعْيَانِهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ مُعْتَدٌّ بِهِ فَيَبْرَأُ الدَّافِعُ مُطْلَقًا ثُمَّ إنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ قَبَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ قَصَّرَ الْوَلِيُّ فِي نَزْعِهَا ضَمِنَ وَإِلَّا ضَمِنَ الدَّافِعُ، وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ كَلَامٌ يُوَافِقُ ذَلِكَ وَبَيَّنَّا حَاصِلَهُ ثَمَّ فَرَاجِعْهُ اهـ.

وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ أَنَّ قَبْضَ دُيُونِهِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَخْذُهُ مِنْهُ وَرَدُّهُ لِلْمَدْيُونِ ثُمَّ يَسْتَعِيدُهُ مِنْهُ، أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِي دَفْعِهِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ ثَانِيًا لِيُعْتَدَّ بِقَبْضِهِ، فَلَوْ أَرَادَ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ رَدِّهِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَمْ يَصِحَّ، وَكَإِذْنِهِ فِي رَدِّهِ لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ إذْنُهُ فِي قَبْضِهِ عَنْ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ وَيَمْضِي زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ سَمِعَ قَائِلًا) عِبَارَةُ سم عَلَى مَنْهَجٍ فِي الْخَادِمِ: تَصِحُّ الْجَعَالَةُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي الصَّبِيِّ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهُ الْمَالِكُ جَاعَلْتُكَ عَلَى رَدِّ عَبْدِي بِكَذَا صَحَّ وَلَزِمَهُ الْمُسَمَّى وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا اكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِنْ غَيْرِ الْمَالِكِ فَلُزُومُهُ مَعَ السَّمَاعِ مِنْهُ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: صَحَّ) مُشْعِرٌ بِأَنَّ هَذَا يَكُونُ بِعَقْدٍ حَتَّى يُوصَفَ بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ؛ إذْ غَيْرُ الْعُقُودِ وَالْعِبَادَاتِ لَا تُوصَفُ بِهَا، وَعَلَيْهِ فَمِنْ أَيْ أَنْوَاعِ الْعُقُودِ هَذَا فَتَأَمَّلْ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَمْلِكُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ فَتَحْنَا بَلَدًا) أَيْ مِنْ بِلَادِ الْكُفَّارِ وَكَانُوا فِي الْوَاقِعِ سُفَهَاءَ

(قَوْلُهُ: أَوْ جِنَايَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ أَسْنَدَهُمَا لِمَا قَبْلَ الْحَجْرِ أَوْ لِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مُضَمِّنًا) أَيْ كَإِتْلَافِهِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ) وَلَوْ سُئِلَ بَعْدَ رُشْدِهِ هَلْ أَتْلَفَ أَوْ لَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَيَلْزَمُهُ، أَوْ قَبْلَ رُشْدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ.

وَالْحَاصِلُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ رُشْدِهِ بِأَنَّهُ كَانَ أَتْلَفَ إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ مَأْخُوذٍ بِعَقْدٍ لِيُوَافِقَ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>