للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَدْخُلُ عَلَى الْعُمْرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ.

وَلَوْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَهُوَ عُمْرَةٌ، أَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَانَ إحْرَامُهُ فِي أَشْهُرِهِ أَمْ قَبْلَهَا قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: كَانَ حَجًّا؛ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ إحْرَامَهُ الْآنَ وَشَكَّ فِي تَقَدُّمِهِ.

قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالْمِيقَاتُ الزَّمَانِيُّ لِلْعُمْرَةِ جَمِيعُ السَّنَةِ كَمَا قَالَ (وَجَمِيعُ السَّنَةِ وَقْتٌ لِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ) وَجَمِيعُ أَفْعَالِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ: أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ، وَأَنَّهُ اعْتَمَرَ عُمْرَةً فِي رَجَبٍ» كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَإِنْ أَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ عَائِشَةُ، وَأَنَّهُ قَالَ: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حِجَّةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «حِجَّةٌ مَعِي» وَرُوِيَ «أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ» فَدَلَّتْ السُّنَّةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْقِيتِ، وَقَدْ يُمْتَنَعُ الْإِحْرَامُ بِهَا فِي أَوْقَاتٍ كَمَا لَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِعُمْرَةٍ وَقَدْ مَرَّ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ إذْ الْعُمْرَةُ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِ أَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ نَفْرِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلِهَا، وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ كَبَقَائِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّمْيُ وَالْمَبِيتُ وَمَنْ سَقَطَا عَنْهُ: أَيْ وَلَمْ يَنْفِرْ فَتَعْبِيرٌ كَثِيرٌ بِمِنًى إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ، وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَحَكَى فِيهِ الْإِجْمَاعَ، وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيّ وُقُوعَهُمَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ مَرْدُودٌ، أَمَّا إحْرَامُهُ بِهَا بَعْدَ نَفْرِهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي فَصَحِيحٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، وَإِنْ بَقِيَ وَقْتُ الرَّمْيِ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ بِهِ خَرَجَ مِنْ الْحَجِّ وَصَارَ كَمَا لَوْ مَضَى وَقْتُ الرَّمْيِ، وَلَا يُكْرَهُ تَكْرِيرُهَا بَلْ يُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْهَا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَمَرَ فِي عَامٍ مَرَّتَيْنِ» وَكَذَلِكَ عَائِشَةُ وَابْنُ عُمَرَ، وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَالْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ فِعْلُ الْحَجِّ فِيهَا وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ مِنْ صَرْفِ قَدْرِهِ فِي الطَّوَافِ عَلَى الْأَصَحِّ. .

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْمَكَانِ فَقَالَ (وَالْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ لِلْحَجِّ) وَلَوْ بِقِرَانٍ (فِي حَقِّ مَنْ بِمَكَّةَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا (نَفْسُ مَكَّةَ) لِلْخَبَرِ الْآتِي (وَقِيلَ كُلُّ الْحُرُمِ) ؛ لِأَنَّ مَكَّةَ وَسَائِرَ الْحَرَمِ فِي الْحُرْمَةِ سَوَاءٌ، فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ أَسَاءَ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَزِمَهُ دَمٌ دُونَ الثَّانِي.

نَعَمْ بَحَثَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاتِهَا فَلَا إسَاءَةَ وَلَا دَمَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ مِنْ مُحَاذَاةِ سَائِرِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ، وَفِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْإِسَاءَةِ فِيمَا ذَكَرَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مِيقَاتٍ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ وَلَمْ يَصِلْ فِي خُرُوجِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الدَّمُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِمِيقَاتِ الْآفَاقِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ، وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَنْ مَسْكَنُهُ بَعْدَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ بَقَاءَ أَثَرِ الْإِحْرَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِمِنًى) أَيْ حَيْثُ قَالُوا وَلَوْ أَحْرَمَ بِهَا بِمِنًى (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيرُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ مَكَّةَ نِصْفَ اللَّيْلَةِ وَيَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَ الْوُقُوفِ ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى مِنًى لِحُصُولِ التَّحَلُّلَيْنِ بِمَا فَعَلَهُ، وَوَجْهُ رَدِّهِ بَقَاءُ أَثَرِ الْإِحْرَامِ الْمَانِعِ مِنْ حَجِّهِ الْحِجَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْمَبِيتِ بِمِنًى وَرَمْيُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ كَفَضْلِهَا فِي غَيْرِهَا) أَيْ بَلْ فَضْلُهَا فِيهَا دُونَهُ فِي غَيْرِهَا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْضَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَشُغْلُ الزَّمَنِ بِالِاعْتِمَارِ أَفْضَلُ) أَيْ لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ مِنْ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ إلَّا فَرْضًا وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ التَّطَوُّعِ اهـ حَجّ

(قَوْلُهُ: وَلَا دَمَ) خِلَافًا لحج حَيْثُ قَالَ: عَلَيْهِ دَمٌ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَعْوَامٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُتَفَرِّقَاتٍ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ حَجَّتَانِ) مَعْطُوفٌ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: وَيَتَأَكَّدُ فِي رَمَضَانَ وَفِي أَشْهُرِ الْحَجِّ) قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي مِنْ أَفْضَلِيَّتِهِ الْإِفْرَادُ عَلَى التَّمَتُّعِ أَنَّ مَحَلَّ التَّأَكُّدِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فِيمَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ فِي عَامِهِ فَلْيُرَاجَعْ.

[الْمِيقَاتُ الْمَكَانِيُّ]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ بُنْيَانِ مَكَّةَ وَلَمْ يَرْجِعْ إلَيْهَا إلَخْ فَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَصَلَ إلَيْهَا) أَيْ إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>