لِلتَّعْرِيفِ، وَلِهَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَمَحِلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُتَمَوَّلِ، أَمَّا غَيْرُهُ كَحَبَّةِ زَبِيبٍ فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ بِهِ وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، فَقَدْ سَمِعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ يَنْشُدُ فِي الطَّوَافِ زَبِيبَةً: فَقَالَ: إنَّ مِنْ الْوَرَعِ مَا يَمْقُتُهُ اللَّهُ، وَرَأَى «تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ لَوْلَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً لَأَكَلْتهَا» وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الْإِمَامِ يَلْزَمُهُ أَخْذُ الْمَالِ الضَّائِعِ لِحِفْظِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إعْرَاضَ مَالِكِهَا عَنْهَا وَخُرُوجَهَا عَنْ مِلْكِهِ فَهِيَ الْآنَ مُبَاحَةٌ فَتَرَكَهَا لِمَنْ يُرِيدُ تَمَلُّكَهَا مُشِيرًا بِهِ إلَى ذَلِكَ، وَيَجُوزُ أَخْذُ سَنَابِلِ الْحَصَّادِينَ الَّتِي اُعْتِيدَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي تَخْصِيصُهُ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ كَالْفَقِيرِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْأَوْجَهَ اغْتِفَارُ ذَلِكَ كَمَا جَرَى عَلَيْهِ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ، وَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِمَا لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ لِمَنْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي نَحْوِ الْكَسْرِ مِمَّا قَدْ يُقْصَدُ وَسَبَقَتْ الْيَدُ إلَيْهِ بِخِلَافِ السَّنَابِلِ، وَأُلْحِقَ بِهَا أَخْذُ مَاءٍ مَمْلُوكٍ آبِقَا بِهِ عَادَةً كَمَا مَرَّ.
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا (إذَا عَرَّفَ اللُّقَطَةَ) بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا (سَنَةً) أَوْ دُونَهَا فِي الْحَقِيرِ جَازَ لَهُ تَمَلُّكُهَا وَلَوْ هَاشِمِيًّا أَوْ فَقِيرًا إلَّا فِي صُوَرٍ مَرَّتْ كَأَنْ أَخَذَ لِلْخِيَانَةِ أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ أَوْ كَانَتْ أَمَةً تَحِلُّ لَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا ثُمَّ تُبَاعُ وَيَتَمَلَّكُ ثَمَنَهَا نَظِيرَ مَا مَرَّ فِيمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ مَرْدُودٌ، إذْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ هَذَا مَانِعُهُ عَرَضِيٌّ وَهِيَ مَانِعُهَا ذَاتِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْبِضْعِ فَاخْتَصَّ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَإِذَا أَرَادَهُ (لَمْ يَمْلِكْهَا حَتَّى يَخْتَارَهُ بِلَفْظٍ) مِنْ نَاطِقٍ صَرِيحٍ فِيهِ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَبِدُّ وَاجِدُهُ) هَلْ يَمْلِكُ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ أَوْ يَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى قَصْدِ التَّمَلُّكِ أَوْ عَلَى لَفْظٍ أَوْ لَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ تَمَوُّلِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى تَمَلُّكٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْرَضُ عَنْهُ وَمَا يُعْرَضُ عَنْهُ أَطْلَقُوا أَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ اهـ سم عَلَى حَجّ.
(قَوْلُهُ: اغْتِفَارُ ذَلِكَ) أَيْ اغْتِفَارُ أَخْذِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ السَّنَابِلِ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مَقْصُودَةً بَلْ أَرْبَابُهَا يُعْرِضُونَ عَنْهَا وَيَقْصِدُهَا غَيْرُهُمْ بِالْأَخْذِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ جَمْعُهَا لِلْمَوْلَى عَلَيْهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وَكَانَ لَهَا وَقْعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ سم عَلَى حَجّ.
أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ لَهَا وَقْعٌ وَسَهُلَ جَمْعُهَا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ مَنْ يَجْمَعُهَا كَانَ لِلْبَاقِي بَعْدَ الْأُجْرَةِ وَقْعٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا.
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: بَعْدَ قَصْدِهِ تَمَلُّكَهَا) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ لَا بِقَصْدِ حِفْظٍ وَلَا تَمَلُّكٍ ثُمَّ عَرَّفَ قَبْلَ قَصْدِ التَّمَلُّكِ لَا يُعْتَدُّ بِتَعْرِيفِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَوْ دَفَعَهَا لِلْحَاكِمِ وَتَرَكَ تَعْرِيفَهَا وَتَمَلُّكَهَا ثُمَّ اسْتَقَالَ: أَيْ طَلَبَ مِنْ الْحَاكِمِ إقَالَتَهُ مِنْهَا لِيُعَرِّفَهَا وَيَتَمَلَّكَهَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ اهـ سم عَلَى حَجّ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يَمْتَنِعُ التَّمَلُّكُ كَالْبَعِيرِ الْمُقَلَّدِ وَكَمَا لَوْ دَفَعَهَا لِلْقَاضِي مُعْرِضًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: يَنْبَغِي أَنْ يُعَرِّفَهَا) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَحِلُّ لَهُ
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ) أَيْ: مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[فَصْلٌ فِي تَمَلُّكِ وَغُرْم اللُّقَطَةَ]
(فَصْلٌ) فِي تَمَلُّكِهَا وَغُرْمِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَاشِمِيًّا) أَيْ: وَلَا يُقَالُ إنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا مِنْ صَدَقَةِ فَرْضٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرًا: أَيْ وَلَا يُقَالُ