للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا اسْتَثْنَوْهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَا يَشْمَلُ هَذَا قَوْلَ ابْنِ الْوَرْدِيِّ كَغَيْرِهِ فِي السَّقْطِ فَصَاعِدًا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَذِهِ لَا يُسَمَّى سَقْطًا خِلَافًا لِلشَّيْخِ فِي فَتَاوِيهِ، وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْدِي وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّاهُ لُغَةً غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ اسْتِوَاءُ هَذَا الْحُكْمِ بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ الْمُشَارُ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ اسْتَهَلَّ) أَيْ صَاحَ (أَوْ بَكَى كَكَبِيرٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ لِتَيَقُّنِ مَوْتِهِ بَعْدَ حَيَاتِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَمْ يَبْكِ (فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ كَاخْتِلَاجٍ) أَوْ تَحَرُّكٍ (صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْأَظْهَرِ) لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ بِهَذِهِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا وَلِلِاحْتِيَاطِ.

وَالثَّانِي لَا لِعَدَمِ تَيَقُّنِهَا أَمَّا دَفْنُهُ وَغُسْلُهُ فَوَاجِبٌ قَطْعًا (وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ) أَمَارَةُ الْحَيَاةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) أَيْ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا حَدُّ نَفْخِ الرُّوحِ (لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ) قَطْعًا لِعَدَمِ الْأَمَارَةِ (وَكَذَا إنْ بَلَغَهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ الَّتِي هِيَ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وُجُوبًا وَلَا جَوَازًا (فِي الْأَظْهَرِ) لِعَدَمِ ظُهُورِ حَيَاتِهِ فَيَجِبُ غُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَدَفْنُهُ وَفَارَقَتْ الصَّلَاةُ غَيْرَهَا بِأَنَّهُ أَوْسَعُ بَابًا مِنْهَا وَلِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ حُكْمُ الْأَحْيَاءِ فِي الْإِرْثِ فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْغُسْلَ آكَدُ بِدَلِيلِ أَنَّ الْكَافِرَ يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلسَّقْطِ أَحْوَالًا حَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ خَلْقُ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ.

نَعَمْ يُسَنُّ سَتْرُهُ بِخِرْقَةٍ وَدَفْنُهُ، وَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ خِلْقَةٌ وَلَمْ تَظْهَرْ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ وَجَبَ فِيهِ مَا سِوَى الصَّلَاةِ، أَمَّا هِيَ فَمُمْتَنِعَةٌ كَمَا مَرَّ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَكَالْكَبِيرِ.

ثُمَّ الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَالشَّهِيدُ إمَّا شَهِيدُ الْآخِرَةِ فَقَطْ وَهُوَ كُلُّ مَقْتُولٍ ظُلْمًا أَوْ مَيِّتٌ بِنَحْوِ بَطَنٍ كَالْمُسْتَسْقَى وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْأَوَّلِ أَوْ طَعْنٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ غُرْبَةٍ وَإِنْ عَصَى

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ تَخْطِيطٌ وَلَا غَيْرُهُ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ آدَمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ) أَيْ دَلِيلُ الْعُمُومِ (قَوْلُهُ: بِمَنْ عُلِمَتْ) أَيْ مَعَ بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ: كَاخْتِلَاجٍ) أَيْ وَلَوْ دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إنْ فُرِضَ.

(قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَسْقِي وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: أَوْ الْمَحْدُودِ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ قَالَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ عَبْدُ الْحَقِّ فِي حَاشِيَةِ الْمَحَلِّيِّ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ: أَوْ حَدًّا، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ لِيَشْمَلَهُ الظُّلْمُ الْمُقْتَصَرُ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا إذَا قُتِلَ عَلَى غَيْرِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَأْذُونِ فِيهَا، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ مِنْهُ تَائِبًا اهـ.

أَقُولُ: الْأَقْرَبُ أَنَّهُ شَهِيدٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ زِيدَ عَلَى الْحَدِّ الْمَشْرُوعِ أَوْ لَا سَلَّمَ نَفْسَهُ أَمْ لَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ شَرَقَ بِالْخَمْرِ وَمَاتَ أَوْ مَاتَتْ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ مِنْ حَمْلِ الزِّنَا أَوْ نَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّ صُوَرَ الشَّهَادَةِ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي كَوْنِهِ مَظْلُومًا.

[فَائِدَةٌ] عَدَّ السُّيُوطِيّ فِي مَنْظُومَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالتَّثْبِيتِ الشُّهَدَاءَ الَّذِينَ لَا يُسْأَلُونَ سَبْعَةً، وَهُمْ: الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُرَابِطُ وَالْمَطْعُونُ وَالصِّدِّيقُ قَالَ شَارِحُهُ وَهُوَ دَائِمُ الصِّدْقِ وَالْأَطْفَالُ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ وَمَنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَتَهَا وَمَنْ وَاظَبَ عَلَى تَبَارَكَ الْمُلْكُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ قَالَ شَارِحُهُ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ شَرْحِ كَلَامِهِ فَهَؤُلَاءِ سَبْعَةُ شُهَدَاءَ لَا يُسْأَلُونَ، وَبَقِيَ جَمَاعَةٌ نَالُوا مَرْتَبَةَ الشَّهَادَةِ مَعَ كَوْنِهِمْ مَسْئُولِينَ وَهُمْ نَيِّفٌ وَثَلَاثُونَ مَنْ مَاتَ بِالْبَطْنِ أَوْ الْغَرَقِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ بِالْجَنْبِ أَوْ بِالْجُمْعِ بِالضَّمِّ إلَى آخَرِ مَا ذَكَرَ اهـ، فَجَعَلَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْمَبْطُونَ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ لَيْسُوا مِنْ الشُّهَدَاءِ لَكِنَّهُمْ نَالُوا مَرْتَبَتَهُمْ، وَعَلَيْهِ فَمَا مَعْنَى كَوْنِ أُولَئِكَ السَّبْعَةِ شُهَدَاءَ وَكَوْنِ مَنْ عَدَاهُمْ فِي مَرْتَبَتِهِمْ وَمَا الْمُرَادُ بِالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِالْجُمَعِ بِالضَّمِّ؟ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَمَاتَتْ الْمَرْأَةُ بِجُمْعٍ بِالضَّمِّ وَبِالْكَسْرِ إذَا مَاتَتْ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدٌ، وَيُقَالُ أَيْضًا لِلَّتِي مَاتَتْ بِكْرًا اهـ (قَوْله أَوْ طُعِنَ) وَكَذَا مَنْ مَاتَ فِي زَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يُطْعَنْ اهـ حَجّ.

وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ نَوْعِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: غَيْرُ صَحِيحٍ) أَيْ بَلْ لَا يُسَمَّاهُ شَرْعًا أَيْضًا كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ: اسْتِوَاءُ هَذَا الْحُكْمِ) أَيْ حُكْمِ مَنْ نَزَلَ فَوْقَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ وَقَوْلُهُ: بِمَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ: أَيْ بِحُكْمِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ: أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّهُ نَزَلَ دُونَ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ: أَيْ أَوْ ظَهَرَتْ أَمَارَةُ حَيَاتِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ الْآتِي.

[الْمَيِّتُ إمَّا شَهِيدٌ أَوْ غَيْرُهُ]

(قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَسْقَى) مِثَالٌ لِلنَّحْوِ، وَقَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَهُ بِالْأَوَّلِ: يَعْنِي خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الْمَبْطُونَ الْوَاقِعَ فِي الْأَحَادِيثِ بِمَنْ مَاتَ بِمَرَضِ الْبَطْنِ الْمُتَعَارَفِ: أَيْ الْإِسْهَالِ وَإِنْ كَانَتْ عِبَارَتُهُ تَقْصُرُ عَنْ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>