للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِسَانُهُ إلَيْهِ أَوْ قَصَدَهُ لَا لِمَعْنَاهُ كَتَلَفُّظٍ أَعْجَمِيٍّ بِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى مَا سَيَأْتِي ثُمَّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ

(وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ) وَكِتَابَتُهُ (بِالْعَقْدِ) مَالِيًّا أَوْ غَيْرَهُ وَبِالْحِلِّ وَبِالْحَلِفِ وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهَا إلَّا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِهَا وَالشَّهَادَةِ وَالْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ فَلَيْسَتْ فِيهَا كَالنُّطْقِ؛ وَلِهَذَا صَحَّ نَحْوُ بَيْعِهِ بِهَا فِي صَلَاتِهِ وَلَمْ تَبْطُلْ (كَالنُّطْقِ) بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِلضَّرُورَةِ، وَسَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ أَوْ الْفَطِنُ وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ، وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَاجُ إلَى إشَارَةٍ أُخْرَى.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْعَقْدُ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ طَبْعًا، فَقَالَ (وَشَرْطُ الْعَاقِدِ) بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا الْإِبْصَارُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ، وَ (الرُّشْدُ) يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدَيْنِهِ وَمَالِهِ ثُمَّ بَذَرَ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَجَهْلِ حَالِهِ، فَإِنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَنْ جُهِلَ رِقُّهُ وَحُرِّيَّتُهُ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَدَمُ الْحَجْرِ كَالْحُرِّيَّةِ،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

لَمْ أَقْصِدْ بِهَا جَوَابًا (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ مَدْلُولِهِ) أَيْ أَمَّا مَعَ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ فَيَنْعَقِدُ بِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَى مَا ادَّعَاهُ

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ) شَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ النِّكَاحَ فَيُقْبَلُ وَيُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ بِالْإِشَارَةِ إذَا فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ، وَفِيهِ فِي النِّكَاحِ كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: فَكِنَايَةٌ) وَإِذَا كَانَتْ كِنَايَةً تَعَذَّرَ بَيْعُهُ مَثَلًا بِهَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِهِ ظَاهِرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا عِلْمَ بِنِيَّتِهِ، وَتَوَفُّرُ الْقَرَائِنِ لَا يُفِيدُ كَمَا مَرَّ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ يَكْفِي هُنَا نَحْوُ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ بِأَنَّهُ نَوَى لِلضَّرُورَةِ اهـ حَجّ.

وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ فَيَحْتَاجُ إلَى إشَارَةٍ إلَخْ

[شُرُوط الْعَاقِدِ]

(قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ) أَيْ وَهُوَ الْعَاقِدُ بِصِفَةِ كَوْنِهِ عَاقِدًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَفْعُولِ) أَيْ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَعْقُودًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا) اقْتَصَرَ عَلَيْهِمَا لِكَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَدَمَ الْحَجْرِ مُعْتَبَرٌ فِي سَائِرِ الْعُقُودِ، وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ: وَشَرَطَ الْعَاقِدُ الْبَائِعَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ) أَيْ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَمَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ مُؤَثِّمٍ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي، وَكَتَبَ عَلَيْهِ سم عَلَى حَجّ: يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الرُّشْدُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ يَعْنِي عَدَمَ الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ مَنْ بَلَغَ مُصْلِحًا لِدِينِهِ) أَيْ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِمُضِيِّ زَمَانٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّهُ مُصْلِحٌ عُرْفًا، فَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْبُلُوغِ خَاصَّةً حَتَّى لَوْ بَلَغَ قَبْلَ الزَّوَالِ مَثَلًا وَلَمْ يَتَعَاطَ مُفَسِّقًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ثُمَّ تَعَاطَى مَا يُفَسَّقُ بِهِ بَعْدُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَذَرَ) أَيْ أَوْ فَسَقَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالْفِسْقِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ تَقَدُّمُ تَصَرُّفٍ عَلَيْهِ) وَجْهُ الشُّمُولِ لِهَذِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْجُورِ مَنْ عُلِمَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْلَمْ انْفِكَاكُهُ، وَهَذَا لَمْ يُعْلَمْ بَعْدُ بُلُوغُهُ حُجِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْبُلُوغِ ذَهَبَ حَجْرُ الصِّبَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَجْرٌ يَخْلُفُهُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عُهِدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ إلَّا إذَا عَلِمْنَا رُشْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَالْحُرِّيَّةِ) نَعَمْ لَوْ ادَّعَى وَالِدُ بَائِعٍ بَقَاءَ حَجْرِهِ عَلَيْهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَصْلِ دَوَامِهِ حِينَئِذٍ.

نَعَمْ يَنْبَغِي فِيمَنْ اُشْتُهِرَ رُشْدُهُ عَدَمُ شَرْعِ دَعْوَاهُ حِينَئِذٍ اهـ حَجّ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْفَاعِلِ عَلَى الْمَفْعُولِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ الْمُثَمَّنُ لَا نَفْسُ الْعَقْدِ إذْ هُوَ الصِّيغَةُ وَقَدْ مَرَّتْ وَالْعَاقِدُ لَيْسَ فَاعِلًا لِلثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ وَإِنَّمَا هُوَ فَاعِلٌ لِلْعَقْدِ وَهُوَ الصِّيغَةُ.

فَإِنْ قُلْت: مُرَادُهُ بِكَوْنِهِ فَاعِلَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَوْنُهُ عَاقِدًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اتَّصَفَ بِكَوْنِهِ مَعْقُودًا عَلَيْهِ بَعْدَ إجْرَاءِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ مِنْ الْعَاقِدِ فَيَلْزَمُ تَقَدُّمُهُ عَلَيْهِ: بِهَذَا الْمَعْنَى.

قُلْت: وَهُوَ إنَّمَا يُسَمَّى عَاقِدًا بَعْدَ وُجُودِ مَعْقُودٍ عَلَيْهِ أَجْرَى عَلَيْهِ الْعَقْدَ فَهُمَا مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>